قرى الدم ومثلث الرعب فى الصعيد الجوانى
تجارة السلاح مهنة الكبار.. ووحش الفقر يفترس أهالى «سمطا» و«الحجيرات» و«أبو خزام»
■ معلومات وشهادات لرحلة العناصر الإرهابية إلى الصعيد
■ «قنا» الخامسة بقائمة الفقر و35% من أبنائها ضحايا للأمية
■ «الزوايا» ستار يختفى وراءه دعاة الإرهاب لاستقطاب الشباب
■ رؤساء القبائل يفرضون قوانين خاصة ويهدرون «هيبة الدولة»
قرى السمطا والحجيرات وأبوخزام مركز تجارة السلاح فى الصعيد
رواج تجارة السلاح فى قنا بعد سقوط الدولة الليبية
الأمن يصادر مليون جنيه من منزل شريك الانتحارى
عائلات كاملة على وشك الانقراض بسبب الخلافات الثأرية
كانت رحلة ضرورية إلى أعماق الصعيد الجوانى، حيث قرى الدم التى يحكمها مثلث الرعب الرهيب: «الفقر، والثأر، والإرهاب»، من أجل التعرف- من قرب- على الحياة الحقيقية لأهالى الجنوب.
رحلة حرصنا خلالها على توثيق جميع المعلومات بالصور، والشهادات المسجلة؛ لرسم صورة واقعية للمكان، بعيدًا عن إهمال الإعلام، الذى لا يتناول الصعيد إلا فيما ندر، رغم غزارة برامج التوك شو، والحوارات.
قصدنا أيضا أن نبتعد عن ما رسمه جميع الأدباء والكتاب فى خيالنا للصعيد، وأن نترك وراءنا كل ما تأثرنا به مما روته السيرة الهلالية، على لسان الراحل الكبير، عرّاب الصعيد، الخال عبدالرحمن الأبنودي، وكذلك كاتب دراما الجنوب محمد صفاء عامر.
ويجب أن أعترف أنني- وخلال الطريق الممتد لـ6 ساعات كاملة، من القاهرة إلى قنا- لم أتمكن بسهولة من التخلص، من شكل الشخصية الصعيدية التى تجسدت لسنوات فى عقلي، للبدرى بدار، نجل كبير هوارة، فى «ذئاب الجبل»، ورفيع العزايزي، كبير عزايزة قنا فى «الضوء الشارد»، أو حتى وهبى السوالمى الحالم بالسلطة، والجاه، فضلا عن ذلك القاسي، مندور أبوالدهب، الذى يربى الوحوش فى مزرعته لحماية تجارته المحرمة، فى «حدائق الشيطان».
ورغم أنى التقيت أهالى تغلب عليهم الطيبة الشديدة، والجدعنة الصعيدية الشهيرة، فإن صورة هذه البيئة القاسية، التى تشبه فيها الأم، زوجة فودة أبو حطب، فى مسلسل «سوق العصر»، والتى تدفع ابنها ليل نهار لأخذ ثأر والده، من قاتله، ظلت عالقة فى ذهنى حتى العودة.
عقب ما كشفته «صوت الأمة» من تفاصيل حول الحادث الإرهابى الذى هزّ مصر، والعالم، فى رحلتها إلى كنيسة طنطا، كان لا بد من اقتحام الأماكن التى انطلقت منها العناصر المنفذة لهذه الجريمة الدنيئة، بعدما كشفت التحقيقات أن محافظة قنا هى نقطة الانطلاق.
وكما كانت «صوت الأمة» أول من حذر من معسكرات «داعش» فى الدلتا، قبل أيام قليلة، من تفجير كنيستى طنطا، والإسكندرية فقد أخذنا على عاتقنا أن نكون أيضًا أول من يلاحق أسباب، ودوافع، وبيئة الإرهاب، فى الصعيد؛ سعيًا وراء الإجابة عن عدد كبير، وخطير، من الأسئلة منها: لماذا الصعيد؟ وما سر تمركز مثلث الرعب الرهيب فى قنا؟ وإلى أى مدى أهملت الدولة البشر هناك فخلقت بيئة مثالية لنمو الإرهاب؟
من «إقنى» إلى «قنا»
المراكز بلا خدمات والبشر بلا اهتمام.. والنتيجة تطرف وأفكار ضالة
هى «شابت» لدى الفراعنة، و «كينيويوليوس»، لدى الرومان، وتعنى الأيقونة المقدسة، وهى أيضا «كينو» لدى الأقباط، وهذا الاسم استقى منه المسلمون عقب فتح مصر، اسم «أقنى»، الذى تحول مع الاختلاط بين اللغتين المصرية القبطية، والعربية إلى «قنا».
ولا نذكر هذا التسلسل لاسم محافظة قنا، من باب السرد التاريخى فقط؛ وإنما لإبراز ما يمثله هذا التسلسل من دليل على دعم الوحدة الوطنية، ورفض الإرهاب، إذ إن حرصَ المسلمين الأوائل عقب فتح مصر على اختيار اسم لهذه المدينة، مشتق من الاسم القبطى المسيحي؛ لهو دليل دامغ على أن الفتح الإسلامي، لم يكن يحمل غلا، أو حقدًا على التاريخ المسيحى المصري، السابق عليه.
وتطرح هذه الحقيقة تساؤلا نلقيه فى وجه أنصار التطرف، والفرقة، والإرهاب، وهو: لماذا تحملون للمصريين- ذوى الدم الواحد، والأصل العريق- هذه الكراهية، التى لم تكن يومًا من أصول الإسلام الذى فتح هذا البلد قبل أكثر من ألف عام؟!
مثلث الرعب يغير الواقع
ورغم أن تاريخ قنا، يدل على ما تحمله من نسيج لا يمكن أن ينفصل، فإن تلك المحافظة، التى تعد واحدة من أكبر محافظات مصر مساحة، خضعت للمثلث المرعب الذى دمرها، وحولها إلى بيئة يرتع فيها الإرهاب، ولولا صلابة أهلها، وتمسكهم بعاداتهم الأصيلة، لصار الأمر بالغ الصعوبة، لا سيما فى ظل وجود البطالة، التى تعد الكارت الذهبى لشيوخ الإرهاب لاستقطاب الشباب.
وتعد «قنا»، محافظة شبه مدنية، يضم الجزء الحضرى 3 شوارع هي: الجمهورية، والجميل، والسمراء، بالإضافة إلى شوارع متفرعة منها، أهمها شارع سيدى عبدالرحيم، الذى يضم مسجد وضريح الشيخ عبدالرحيم القنائي.
وتضم الشوارع الفرعية المحيطة بقلب قنا، جميع المحال التجارية، والأجهزة التنفيذية، والأمنية التابعة للمحافظة، ومديرية الأمن، بالإضافة إلى عدد ضئيل من فروع البنوك، بالإضافة إلى ميدان رئيس يسمى ميدان الدلفن، يضم المستشفى العام.
وتسيطر على بقية مساحة قنا، النجوع القبلية، والقبلية المفرطة، وتبلغ مساحة المحافظة بالكامل 9500 كم2، يعيش فيها 2.7 مليون نسمة، لا يشغلون سوى 1800 كم2 فقط، تشمل 10 مدن، و9 مراكز، أشهرها مراكز: «أبو تشت، وفرشوط، ونجع حمادي، وودشنا، وقوص»، وتحدها شرقا محافظة البحر الأحمر، وشمالا سوهاج، وإلى الجنوب الأقصر، أما غربًا فتطل قنا على الصحراء الغربية.
المراكز بلا خدمات والبشر بلا اهتمام
ويعتبر الإرهاب نتاجًا طبيعيًا لحالة الانهيار فى الخدمات، وغياب أبسط أنواع التحضر، فضلا عن عدم الاهتمام بالبشر، سواء من ناحية الصحة، إذ تخلو معظم قرى، ونجوع قنا من المراكز الصحية التى تقدم الرعاية الصحية الأولية، أو من ناحية التعليم، إذ تم إغلاق الغالبية العظمى من مدارس هذه النجوع؛ بسبب المخاوف الأمنية، من اندلاع الاشتباكات المسلحة بين القبائل، على أثر الخلافات المتجذرة هناك بسبب الثأر، وتبادل النفوذ.
الفقر يُذهب العقل
من المعروف لدى علماء النفس، والاجتماع، أن الفقير الجائع، يكون فى حالة من الضعف تجعله قابلا للسقوط فى براثن الجريمة؛ لأنه يفقد عقله أمام حاجته الملحة إلى المال والطعام، لا سيما إذا غاب التعليم أيضًا.
تنتشر الجرائم- مختلفة الأنواع- فى المجتمعات التى تعانى من الفقر، والأمية، ولا يوجد فى مصر مجتمع يعانى هاتين الآفتين أكثر من الصعيد، وهو ما تكشفه الأرقام، التى تشير إلى أن 35 % من أبناء قنا أميون، وأن أغلبهم من الفتيات، أى أمهات المستقبل، كما أن قنا هى خامس أشد المحافظات فقرًا، بعد «أسيوط، وبنى سويف، وسوهاج، والفيوم» بنسبة تقترب من 35% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر، ولا يجد أكثر من 14 % منهم قوت يومه.
وتمثل هذه الأرقام واقعًا مريرًا، يبدو أنه شهد مزيدا من التدهور، عقب الإجراءات الاقتصادية الأخيرة للحكومة، والتى تلتها موجة عارمة من التضخم، وارتفاع الأسعار، والذى من المؤكد أخرج الكثيرين من تحت مظلة الكفاف، وألقاهم تحت وطأة الفقر الذى لا يرحم.
القبلية تحكم الحياة
ويحكم الحياة فى قنا معامل اجتماعى بالغ التأثير على علاقتها بالسلطة المركزية، سواء كانت الإدارة الإقليمية، المتمثلة فى المحافظة، والأجهزة المحلية، أو الحكومة فى القاهرة، بل وقوانين الدولة ذاتها.
وهذا المعامل هو رؤساء القبائل، والذين يعدون الحكام الفعليين فى مناطق نفوذهم، فيخضع لهم كل كائن بشرى يعيش على تلك الأرض التى يسيطرون عليها، فهم قادرون على إشعال حروب كاملة مع جيرانهم، وبإشارة واحدة قادرون أيضًا على إطفائها.
ويحتكم رؤساء القبائل- فى سيطرتهم على الأمور التى تتعلق بعائلاتهم- إلى مجموعة صارمة جدًا، من العادات والتقاليد، التى يعد الخروج عنها جريمة لا يكمن غفرانها، وتكون عقوبتها رادعة، تصل إلى حد «الشلح»، وهو الطرد من البلد، أو القتل فى بعض الأحيان.
سيطرة الكبار
ولا يتعامل كبار القبائل فى قنا، مع الدولة، باعتبارهم مواطنين، وإنما يرون أنفسهم سلطة حكم ذاتي، لا يقبلون تدخلًا من الأجهزة التنفيذية فيها، وهو ما قابلته الدولة، على ما يبدو، بالإهمال الشديد، حتى فى تقديم الخدمات الأساسية، الأمر الذى صنع من غياب هذه الخدمات، والقبلية المفرطة التى تغرق فيها المحافظة، ثنائيا قادرا على احتضان جميع أنواع الأنشطة الخطيرة، جنائيا، وسياسيا، بداية من جرائم السطو، والثأر، وتجارة المخدرات، إلى جرائم الإرهاب وتجارة السلاح، وذلك رغم أن الغالبية من أبناء قنا، يرفضون الخروج على تقاليدهم الراسخة، التى ترفض المساس بأمن المجتمع.
حكم الإخوان «العام الذهبي» لتمويل خلية مفجر كنيسة الإسكندرية
من المعروف أن الصرخة الأولى المعارضة للإرهاب فى قنا، انطلقت على لسان أحد شيوخ الأوقاف، قبل ثلاثة أعوام؛ حين أكد هذا الشيخ، اطلاعه بنفسه على معلومات، تؤكد خضوع الشباب فى قرى بأكملها للفكر التكفيري، وسيطرتهم على 21 مسجدًا، ينشرون من خلاله الفكر الداعشي، الذى كان وقتها ما زال محصورًا داخل الحدود العراقية.
وتضم محافظة قنا عددًا غير قليل من المناطق الساخنة، ليس بسبب انتشار المتطرفين، الذى ينتمى 60 % منهم تقريبًا إلى جماعة الإخوان، وإنما أيضا لانتشار عدد آخر من الأنشطة الإجرامية الجنائية، والمشتركة بين الجانب السياسي، والجانب الجنائي، وذلك مثل: تجارة المخدرات، والسلاح.
الشويخات.. نواة التطرف
على بعد 10 كيلومترات من قلب قنا، يقع نجع الشويخات، وهو أحد نجوع الأشراف البحرية، حيث وجدنا أنفسنا أمام صفوف متوازية من البيوت بدائية الطراز، المبنية بالطوب اللبن، من طابق واحد فقط، ويشير مظهرها إلى حالة من الفقر المدقع تسيطر على قاطنيها.
ويخلو النجع تقريبا من الشوارع الواسعة، المرصوفة، باستثناء شارع وحيد، لا يوجد على جانبيه سوى مبنى واحد هو مركز الشباب، وهو شبيه بالقصور القديمة.
وعلى استحياء يضم النجع بعض المنازل المبنية بالطول الحراري، وهى التى يمتلكها الميسورون من أبناء قبيلة الأشراف المقيمين بالمكان.
التحقيقات الأمنية، والقضائية، التى تلت الهجوم الإرهابى على كنيستى طنطا، والإسكندرية، ألقت الضوء على نجع الشويخات، الذى تم الكشف عن أن عددًا من أعضاء الخلية الإرهابية المسؤولة عن التفجيرين المشار إليهما، من هذا النجع، الذى يقع فى دائرة نفوذ قبيلة الأشراف.
ورغم تبرؤ قيادات الأشراف من هذه العناصر الإرهابية المتطرفة، فإن هذا لا يمنع أن يبقى السؤال مطروحًا، وهو كيف نجح الفكر المتطرف فى اختراق السلطة القوية لرؤساء قبائل الأشراف، وسيطر على عقول بعض أبناء هذا النجع؟!
البداية فى 2011
ويقول فؤاد مصطفى مدير مركز شباب الشويخات، ورئيس لجنة فض المنازعات بالنجع، وأحد رءوس الأشراف بقنا: إن بوادر الفكر المتطرف، بدأت فى الظهور على عدد من شباب النجع قبل سنوات، وبالتزامن مع ثورة يناير 2011، بدأوا فى إظهار حقيقة ما يعتقدون، مستغلين الغياب الأمني، فى السيطرة على عدد من الزوايا، وعدم الصلاة إلا بها، ومنع الأهالى العاديين من الصلاة معهم، كما أنهم لا يصلون فى مسجد النجع.
وأضاف لـ «صوت الأمة»، أن هؤلاء الشباب، بدأوا يتداولون عددًا من الكتيبات التى تحمل الأفكار المتطرفة، وهو ما فطن إليه بعض شيوخ، وأئمة مساجد الأوقاف بالمحافظة، وأبلغوا عن ذلك الجهات المسؤولة فى ذلك الوقت، إلا أن أحدًا لم يحرك ساكنا، سوى من مبادرات فردية، لم تنجح فى الحد من توغل هذا الفكر فى عقول الشباب.
ظهير جبلي
وتابع: «تتسم الشويخات بطبيعة خاصة لوجود ظهير جبلى وعر لها؛ ما يجعلها ملجأ مهما للخارجين عن القانون، والمتطرفين، الذين يتحركون داخلها، ويكونون فى الوقت ذاته قادرين على ممارسة نشاطهم المخالف، بالإضافة إلى القدرة على الهروب وقتما يستلزم الأمر ذلك».
واستطرد: «الانتحارى محمود مبارك، مفجر كنيسة مارمرقس بالإسكندرية، كان شابا مهذبًا، وكان دائم الحضور إلى مركز الشباب؛ لممارسة كرة القدم، حتى أنهى دراسته الثانوية، وهو أخ لثلاثة آخرين من الشباب، الذين توفى والدهم منذ سنوات، وتولت تربيتهم والدتهم».
وأضاف: «انضم محمود بعد إنهاء دراسته الثانوية، وتراخى قبضة والدته عنه، بحكم دخوله مرحلة الرجولة، إلى مجموعة من الشباب المشهورين بالتشدد، والذين كان أهالى النجع يتجنبونهم، لغلظة معاملتهم، ورفضهم الصلاة مع الأهالي، وإصرارهم على الإطالة الشديدة فى الصلاة».
فكر ضال
وروى رئيس مركز شباب الشويخات واقعة عجيبة، فعندما توفيت والدة أحد هؤلاء الشباب المتشددين، فوجئ الأهالى برفضه حضور عزائها؛ بحجة أنها كافرة، ولا تعرف عن دين الله شيئا!
«تاج».. أمير الجماعة
وكشف «فؤاد» عن أن شابا يدعى «تاج»، من أبناء نجع أولاد سرور المجاور، للشويخات، هو المسئول عن تجنيد شباب الشويخات، والسير بهم فى طريق التطرف، مشيرًا إلى أن فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، والتى استمرت عاما كاملا، مثلت الوقت الذهبى لهؤلاء الشباب، مضيفا: «قبل هذه السنة، كان هذا الفكر خفيًا، ولم يظهر إلا بعد ما حصلوا عليه من تمويل فى فترة حكم مرسي».
وتابع: «عند مداهمة منزل شريك الانتحارى محمد مبارك، وزوج شقيقته، عمر الشويخي، اكتشف الأمن وجود ما يقرب من مليون جنيه بمنزله، رغم أنه لم يكن قبل تلك الفترة يمتلك من حطام الدنيا شيئًا؛ لأن والده طرده من منزله منذ 15 عامًا، وما ظهر عليه من ثراء، ومحلات اشتراها بالقرية، كان خلال الفترة الأخيرة».
قصة الثأر بين الشويخات والقناوية
ويتردد بين الأهالى فى أحد النجوع الملاصقة، للشويخات، أن ما جرى للأشراف، منذ اكتشاف انتماء عدد من أبنائهم إلى الخلايا الإرهابية، ليس سوى «تخليص ذنوب»!
تتبعنا السر وراء ذلك، لنفاجأ برواية غريبة، حكاها لنا أحد أبناء النجع الذى شهد الواقعة، وهو نجع القناوية. وقال المصدر، الذى فضل عدم ذكر اسمه، حفاظا على حياته، إن خلافا شديدا نشب بين النجعين، خلال شهر رمضان الماضي، بخصوص الأراضى التى تدخل فى زمام مشترك بين الجانبين؛ ما أدى لوقوع قتيل من الشويخات.
وأضاف المصدر: «فوجئ الأهالى بحالة شراسة لا مثيل لها من الأشراف، وانتهاجهم الأسلوب الداعشى فى الثأر، بإقدامهم على خطف طفل لم يتخط من العمر عشر سنوات، ووالده، إلا أن الأب استطاع الهرب، وترك ابنه، بين أيديهم، فإذا بهم يذبحونه، ويمثلون بجثته؛ لإجبار والده على العودة، وهو ما حدث بالفعل، ليتم قتل الأب، وأحد جيرانه؛ بالطريقة الداعشية ذاتها، وذلك رغم أن الضحايا الثلاثة لا علاقة لهم بأصل المشكلة، سوى أنهم من أبناء القناوية».
وتابع: «جاءت تلك الجريمة التى ارتكبها أبناؤهم؛ لتصيبهم بالخجل، وتجبرهم على التراجع، وفقدان حالة الغرور التى تسيطر عليهم، منذ عقود طوال».
المعنّا
يشتهر المعنّا، بين أهالى الصعيد بأنه بلد النائب الشهير «مصطفى بكري»، ويعيش أهل هذا النجع مستوى أفضل قليلا من غيره، فى ظل قربه من قلب المحافظة، ويعمل معظم أبنائه ضمن طائفة المعمار، ومنها خرج الإرهابى محمد على زغلول، أحد أعضاء خلية تفجير كنيستى طنطا، والإسكندرية.
تضم المعنّا 3 مدارس، ولا تضم سوى زاوية للصلاة، ومسجد تسيطر عليهما المجموعة المتطرفة، التى ينتمى إليها الإرهابى المتهم فى تفجير الكنيستين.
الفقر يفجر العنف
عاش الإرهابيان محمد، ومحمود، على زغلول، فى منزل أسرتهما التى تعانى الفقر الشديد، وهو ما دفعهما للسقوط فى براثن الإغراءات التى يقدمها الإرهابيون، لا سيما فى ظل تعليمهما المتوسط، وعملهما الذى لا يدر عليهما الكثير من الربح، إذ يتبادلان قيادة سيارة نقل رمال، التى يطلق عليها اسم «القلاب».
زاوية الصلاة المحصنة
وفى إحدى العمارات، بشارع الشؤون، أحد شوارع النجع، استغل الإرهابى محمد زغلول، وشقيقه، محلا أسفل أحد العقارات، وحولاه إلى زاوية للصلاة، أضافا إليها جهازى تكييف، وأغلقاها بباب حديدي، جعلها محصنة من الداخل، ولا تشبه الزوايا المعروفة للصلاة، فى الصعيد.
ولا يتم فتح باب الزواية إلا مع الأذان للصلوات الخمس، بحيث لا يدخلها إلا عدد محدد من الأشخاص المعروفين بالاسم، كما يتم استغلال الزاوية لاجتماع المجموعة المتطرفة التى تستخدمها، دون أن يعترضها أحد من الأهالي، أو الأمن.
وتختلف هذه الزواية، عن غيرها من الأماكن الصغيرة المخصصة للصلاة فى قرى ونجوع قنا، وربما الصعيد بأكمله، فعلى سبيل المثال، يقيم الأشراف زوايا للصلاة، على مدخل كل نجع، ويحرص المتطرفون منهم على أن يكون للزاوية ظهير متسع؛ يمكنهم من الهرب إذا حدث ما يستدعى ذلك.
ويعيش أهالى المعنّا على الرزق اليومي، فمعظمهم لا يعملون فى وظائف، أو أعمال ثابتة، وإنما «أرزقية»، يكسبون قوت يومهم بالكاد.
كواليس العالم الخفى للسمطا والحجيرات.
لا تختلف نجوع قنا، كثيرا من حيث الشكل، وأسلوب الحياة، لكنها تختلف فى تفاوت نسبة الفقر، وتباين الأنشطة التى يمارسها الأهالي، وبخاصة تلك الأنشطة التى يمارسها الخارجون عن القانون.
ورغم أن الغالبية الكاسحة من أهالى قريتى السمطا، والحجيرات، من البسطاء الذين يملكون قوت يومهم بالكاد، فإن القريتين تعدان الأخطر من حيث انتشار الجريمة، وهى نتيجة طبيعية لغياب أبسط حقوق الإنسان، فى التعليم، والتربية، والرعاية الصحية، فهم باختصار لا يعرفون عن فكرة الدولة شيئا، يجعل الشعور بالانتماء يدب فى عروقهم.
تشهد حياة أهالى القريتين مغامرات شبه يومية، حيث لا تنتهى الخلافات الثأرية فيما بينهم إلا بسقوط القتلى، أو بخطف كل طرف من المتشاجرين رهائن يساوم عليها الطرف الآخر.
وبين هؤلاء، وأولئك، ينتشر السلاح فى أيدى الجميع، لحماية تجارة المخدرات المتفشية، ويسقط على أثر ذلك الكثير من النساء، والأطفال غرقى فى بحر الدم.
الداخل مفقود
ويقع فى نطاق قرية السمطا، التابعة لمركز دشنا، نجوع الفحيرة، سمرة، أولاد إسماعيل، أبوجاموس، عرنوس، المناسير، الخطاطبة، المحاميد.
ويحرص الأهالى بالقرية على الانعزال بأنفسهم، عن المجتمع المحيط بهم؛ ربما لرغبتهم فى الحفاظ على عاداتهم البكر، وتقاليدهم العريقة، إلا أنهم، وأيا كانت الأسباب، يرفضون الغرباء، ولم يسبق لغريب أن ذهب إلا هناك، دون رضاهم، وعاد أدراجه سليما.
ومبعث ذلك هو أن أهالى السمطا يبالغون فى الحفاظ على هيبتهم، ومكانتهم بين الآخرين، وأول هذه الهيبة، هو منع الغرباء.
محاولة مثيرة للرعب
لا يمكن وصف محاولة إقناع الأدلاء المرافقين لي، بدخول السمطا، إلا بأنها كانت محاولة مثيرة للرعب؛ وذلك بعد الحالة التى ظهروا عليها، عندما صممت على الدخول.
وبعد مفاوضات شاقة، انتهت بالاستعانة بأحد أبناء قنا، الذى ينمتى أخواله إلى السمطا، تمكنا من الدخول، لكن بعد تلقينى قائمة طويلة من المحاذير، أهمها على الإطلاق، ألا أمس فى حديثى مع الأهالى جوانب غير اجتماعية، وألا أصور دون إذن محدثي، سواء فيديو، أو صور فوتوغرافية، فضلا عن ضرورة تغيير الزى البندري، والالتزام بزى سيدات القرية.
مدقات فى حضن الجبل
الطريق المؤدى إلى داخل السمطا، كفيل وحدة بإثارة الرعب، فهو عبارة عن مدق طويل، ينتهى فى حضن الجبل، بأول نجوع القرية، وهو نجع المناسير.
وإذا كان مبعث الشعور بالرعب قبل الدخول إلى هذا المكان، هو ما سمعناه عن الخطورة الأمنية، لبعض الخارجين على القانون، فإن حالة الرعب ظلت بعد الدخول، ولكن تغير سببها، إذ أصبحت رعبًا على الأهالي، وليس منهم؛ جراء الحالة شديدة التردى التى يعيشونها، وكأنهم فى القرون الوسطى.
ولا يوجد فى نجع المناسير، أى أثر لخدمات الدولة، أيا كان نوعها، وكأن هذا النجع لا توجد حكومة مركزية، أو محافظة إقليمية، تهتم بشأنه، وأكاد أجزم أن كبار مسؤولى المحافظة، والحكم المحلي، والتضامن الاجتماعي، والصحة، والتعليم، لا يعرفون بوجود هذا المكان على أرض مصر، وإلا لاستقالوا خجلا وحياءً، من وجود مكان كهذا فى عهدهم.
نجع «المناسير» وصمة عار فى جبين الدولة
لا يمكن وصف الحالة التى يعيش فيها أهالى هذا النجع، إلا بأنها وصمة عار فى جبين دولة خطت للتو إلى الألفية الجديدة، تاركة خلفها بعض أبنائها قابعين فى سنوات الظلام، وتحت الأقدام الثقيلة للجهل، والتخلف.
وينافس الذباب أهالى النجع على كل شيء تقريبا، فهو موجود بأعداد هائلة جدًا، ولا يكاد يترك شبرًا إلا انتشر فيه بالمئات، حتى صار من الصعوبة بمكان، تصوير أى جزء من النجع، بعيدًا عن الذباب.
وتخلو أماكن المعيشة فى النجع من أبسط علامات الآدمية، إذ لا يمكن وصفها إلا بأنها عشش، تشترك فيها البهائم، مع البشر، ولا تخلو عشة، من هذه العشش من الأطفال، الذين يلهون وسط تلال القمامة، والمخلفات، حفاة عراة، حتى أن الدهشة تصيبك عندما يخطر ببالك سؤال، عن كيفية بقائهم على قيد الحياة، رغم الكم الهائل من الأمراض التى من المفترض أنها أصابتهم.
فقر وتشرد وأمراض
ويقول، أحد أبناء النجع، ويدعى كرم أبوالحمد: «نعانى من حالة فقر مدقع، وتشرد؛ بسبب غياب خدمات الدولة، التى لا يصل إلينا منها أى شيء، سوى الكهرباء، والمياه، وذلك اسما فقط؛ إذ أن كليهما مقطوع عنا بشكل يومي».
وأضاف لـ «صوت الأمة»: «لا توجد لدينا مدارس قريبة، ولا وحدة صحية، حتى أن أحد الأهالى أصابته آلام الزائدة الدودية، وانفجرت ومات قبل أن يصل به أهله إلى المستشفى، وهو ما تكرر مع طفل أصيب برصاصة طائشة؛ أثناء اشتباكات ثأرية، وظل ينزف إلى أن مات، قبل الوصول للمستشفى»، لافتا إلى غياب المواصلات العامة، والخاصة أيضا.
وتابع: «الأهالى ينقلون مرضاهم على الحمير، ولا يوجد فى النجع سوى سيارة واحدة نصف نقل قديمة، ننقل بها السيدات اللاتى أوشكن على الولادة، فقط لا غير».
وتلتقط طرف الحديث، سيدة تدعى فتحية جاد الرب قائلة: «توفى زوجى تاركا لى 7 أطفال فى أعمار متقاربة، ولا أستطيع أن أنفق عليهم، لأننى لا أعمل سوى فى بيع بعض البضائع البسيطة»، مشيرة إلى أنها تعيش على مساعدات الأهالي، الذين هم فى الأساس أكثر منها احتياجًا.
وتابعت: «نعيش فى غرفة واحدة بلا سقف، ولا يذهب أبناؤنا إلى التعليم، وعندما تتم الفتاة 12 سنة، نسعى لتزويجها، من أحد أبناء عمومتها، لتتواصل المأساة».
وكشفت سيدة أخرى تدعى مبروكة أبوالحمد، ذات السبعين عاما، التى تربى أحفادها بعد وفاة والدهم، عن مفاجأة مخزية ومؤسفة، وهى أنها على مدار عمرها الطويل، لا تذكر مرة واحدة حضرت فيها وزارة الصحة، لتطعيم أبناء النجع، وهو ما أدى لانتشار الكثير من الأمراض، خاصة فى ظل التلوث الذى يعيشون فيها.
وقالت: «أحيانا نذهب بالأولاد لتطعيمهم فى الوحدة الصحية بالبندر، إلا أن هذا لا يشفع، إذ إن المرضى أضعاف الأصحاء، ولا نملك علاجهم، ما يجعلنا نلجأ إلى الوصفات البلدية».
الحجيرات.. حرب لا تتوقف
تعد قرية الحجيرات، مكانا ذا طبيعة خاصة جدا فى قنا، ففى الوقت الذى تضم فيه عائلة ذات أصل واحد، إلا أن فروع هذه العائلة تتقاتل، حتى كادت أن تنقرض.
ويسكن الحجيرات حوالى 50 ألف نسمة، يعيشون على مساحدة 1500 فدان، وتقع على بعد 16 كلم، من قلب محافظة قنا.
أسطورة الفتلة البيضاء والسوداء
ويحكى الأهالى أن أصل الخلاف بين فرعى العائلة، الأولين، يعود إلى شقيقين، الأول كان متسامحا، وطيب القلب، وذا «فتلة بيضاء»، بحسب وصفه، بينما الآخر كان شريرا، وغير متسامح، وذا «فتلة سوداء».
ويؤكد الأهالى أن الأخ الشرير قتل الطيب، ما فجر بحرًا من الدماء مازال جاريا حتى الآن، إلى درجة أن 90 % من أبناء العائلتين، وهما «عبدالغفار»، و «الشحات»، محكوم عليهم بالإعدام، غيابياً فى الكثير من قضايا القتل؛ للثأر.
الأمهات وقود «سلسال الدم»
ويكشف مدرس من أبناء القرية، يدعى «حسن»، عن مفاجأة عجيبة، وهى أن السر الحقيقى وراء اشتعال قضية الثأر، هو الزوجات، والأمهات، فالزوجات هن فى العادة اللاتى يتفجر الخلاف بسببهن، والذى ينتهى بمعركة يذهب ضحيتها الرجال، ويتولد بناء عليها ثأر جديد، والثانية لا تربى أبناءها إلا على أن «الرجولة هى الأخذ بالثأر»، وتعاير ابنها، ولو كان وحيدًا، بأنه لم يأخذ ثأر من مات من أهله!
وأضاف: «الأمهات يحرضن أبناءهن على الأخذ بالثأر، حتى لو كان الابن وحيدًا، فهى لا تمانع فى أن يموت ابنها، أخذًا بثأر أهله».
ويشير حسن إلى أن مدرسة القرية مغلقة فى معظم الأوقات، بسبب الاشتباكات التى تنشب فجأة بين العائلتين، بشكل يهدد أرواح التلاميذ، والمدرسين، والعاملين بالمدرسة.
بدوره يكشف أحد أبناء القرية، ويدعى «محمود»، عن مأساة أخرى، وهى أنه أثناء الامتحانات فى المدرسة، تقع جرائم لا يمكن منعها؛ بسبب إصرار الطلاب على الغش، لعدم إلمامهم بأى مواد دراسية، حتى أن أحد الطلاب أطلق النار على زميل له، لرفضه مساعدته فى الغش.
تهريب السلاح تجارة رائجة
من الأسئلة التى فجرتها الرحلة إلى قنا، ذلك السؤال المثير، والمتعلق بكيفية انتشار تجارة الأسلحة، ورواجها فى معظم نجوع المحافظة وفى الوقت ذاته يعيش السواد الأعظم من الأهالى فى فقر شديد؟
وراجت تجارة السلاح فى قنا، منذ سقوط الدولة فى ليبيا، حيث يتم تهريب كميات ضخمة من الأسلحة إلى داخل مصر عبر المدقات الصحراوية، المتاخمة لحدود قنا، ومنها إلى داخل نجوع وقرى المحافظة، فيتم بيع بعضها لمشترين داخل المحافظة، وما أكثرهم فى ظل انتشار ظاهرة الثأر، والرغبة فى حماية تجارة المخدرات، فيما يتم نقل الكميات الباقية، إلى الطرف الشرقى من المحافظة إلى البحر الأحمر، لنقلها لأماكن أخرى فى السودان، وبعض محافظات الصعيد الأخرى.
ويجيب أحد أبناء قنا، الذى رفض ذكر اسمه، على التساؤل السابق، بالقول: «إن سر انتشار الفقر، رغم تجاره السلاح الرائجة، يعود لسببين، الأول هو أن الأهالى يفضلون شراء السلاح، على الطعام والشراب، كما أنهم يعملون فى هذا المجال مقابل الحصول على احتياجاتهم، وليس مقابل المال، وهو ما يجعلهم غير مستفيدين ماليا من هذه التجارة التى يسيطر عليها عدد محدود من كبار القبائل بالإقليم».
تشير الإحصاءات فى هذا المجال، إلى أن الأجهزة الأمنية، استطاعت مصادرة أكثر من 15 ألف قطعة سلاح، مختلفة الأنواع، من سراديب قنا، والصعيد، وهو ما يعنى أن ما لم يمكن ضبطه يصل إلى أضعاف هذا الرقم على الأقل، منذ الانفلات الأمنى فى يناير 2011، وحتى الآن.
ولا يمكن إغفال مصدر آخر خطير للسلاح، بخلاف الكميات المهربة، وهو التصنيع المحلي، فى ظل ما تمتلئ به المنازل فى عدد كبير من محافظات الصعيد، من ورش التصنيع التى يمكنها تحويل بعض الأسلحة إلى درجات أعلى، وكذلك صناعة البعض الآخر بخامات أولية، متوفرة.
وتتركز تجارة السلاح فى قنا بقرى السمطا، والحجيرات، وأبو خزام، التى اشتهرت لدى أجهزة الأمن، بوجود أباطرة السلاح، حتى أن بعض التقارير الأمنية، تؤكد أنها المورد الرئيس للسلاح إلى محافظات الصعيد.
الأشراف متهمون؟ أم ضحايا؟
منذ أن تم الإعلان عن هوية الانتحاريين اللذين ارتكبا جريمتى تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية؛ توجهت سهام النقد، وأصابع الاتهام إلى قبائل الأشراف فى الصعيد، وبخاصة التى تعيش فى قنا، وتناسى الجميع امتداد نسب هذه القبائل إلى السلالة النبوية الشريفة.
وإزاء ما هو معروف عن الأشراف منذ عقود طويلة، من نسب، ومكانة، يصبح من الضرورى إلقاء السؤال: هل يمكن اعتبار أبناء هذه القبائل العريقة متهمون؟ أم أنهم ضحايا ظروف اجتماعية، واقتصادية، قاسية، ومتردية، لم تترك بيتا فى مصر إلا دخلته؟!
يؤكد تاريخ الأشراف أنهم لم ينخرطوا فى جرائم إرهابية على مدار تاريخهم، وإن ارتكب عدد منهم جرائم جنائية، من ذلك النوع الذى ينتشر بين قبائل الصعيد.
وينقسم أشراف الصعيد إلى قبائل: «غربية، وشرقية، وبحرية»، ويصل عدد الأشراف فى قنا إلى 300 ألف شخص، هاجر أجدادهم من أرض الحجاز، واستوطنوا «قنا»، فى الحقبة العثمانية.
وتضاعف أعداد الأشراف فى العهد الفاطمي، نظرا لحبهم لآل البيت، وسمى النجع الذى ينتمى إليه الانتحارى محمد مبارك، بالشويخات نسبة إلى الأمير شويخ، أحد كبار عائلات الأشراف فى مصر، ويتميزون بالانغلاق العائلي، فلا يزوجون بناتهم مطلقا إلا لأبناء عمومتهم.
وشهدت الحياة النيابية المصرية، منذ نشأتها فى أواخر القرن الـ19، وجودًا للأشراف، وكان أول نوابهم تحت القبة، النائب محمد جودي.
ويخضع لنفوذ الأشراف- فى قنا- 32 مسجدًا تقريبا، تنتشر فى مختلف نجوعهم، وتتسم بمستوى يقترب من المستوى الحضرى فى القاهرة.
ويعيش معظم أبناء الأشراف فى قنا، على العمل فى قطاع البترول، حتى أن أحد نجوعهم فى قنا، وهو نجع المخادمة، يتخذ من «بريمة التنقيب» شعارا على مدخل النجع.