مثقفون عرب يقدمون رؤيتهم لمواجهة الفكر التطرفي
الأحد، 23 أبريل 2017 07:00 م
قدم عدد من المثقفون العرب، رؤيتهم لمواجهة الفكر المتطرف، وذلك خلال فعالية جمعت مثقفين بمدينة تازة المغربية، أكد خلالها رئيس شبكة تازة التنموية، بالمملكة المغربية، أن التطرف لا لون له ولا دين، لكن للتطرف ثقافة وصناعة يغذيانه، ثقافة حاضنة ومشجعة كثقافة الإقصاء ورفض الآخر وتبخيس القيم والكراهية وثقافة العداء لكل اختلاف وبكل اجتهاد، وصناعة تعتمد علي غسل الأدمغة والتخويف والانعزالية واللعب علي المتناقضات واستغلال الضعف والقهر.
وقال الحراق: إن الثقافة هي العامل الأهم في مواجهة التطرف والعنف، وهنا يكمن السؤال الهام، الثقافة في البلدان العربية، ماذا تنتج؟ وما دور التربية وما هي مناهجها؟ وهل يمكن للأدب والإبداع عموما أن يقف في وجه العنف وأن يساهم في إيجاد مخارج من نفق التطرف؟، مؤكدا علي ان هناك شراكة فعالة وحيوية تجمع مؤسسة تازة التنموية بمكتبة الإسكندرية فيما يخص محاربة التطرف ودراسة سبل التنوير والاجتهاد في هذا الباب، وأنه في هذا الإطار يأتي تنظيم هذا المنتدي والذي اتخذ عنوانا لتشجيع الإبداع من أدب وشعر كمدخل لمحاربة ومناهضة الفكر التطرفي.
وأضاف الحراق، خلال المنتدي الدولي الأول لمناهضة الفكر التطرفي، أن تلك هي النسخة الأولي من المنتدي متمنيا أن تحقق أهدافها وأن تنتقل إليّ دورات أخري وشراكات أخري تضيف لبنة إضافية في طريق تمكين الشراكة ما بين الإطارين، وتعزيز الحقل التربوي وتكثيف التعاون بين كل المتنورين في الوطن العربي من أجل الحد من آفة التطرف.
وأكد الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، أن مكتبة الإسكندرية تقوم حاليا بتوثيق حياة العلامة عبد الهادي التازي، والذي يعد من أعلام المغرب، لهذا اتجهت مكتبة الإسكندرية لإطلاق نشاطها من مدينة تازة في المملكة المغربية، فقد تخرج عبد الهادي التازي من قسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكان عضوا في مجمع اللغة العربية، ولعب دورا في مساندة مكتبة الإسكندرية، ولهذا استضافته المكتبة ضمن برنامج الباحث المقيم.
و أضاف أن برنامج مكافحة التطرف والإرهاب لمكتبة الإسكندرية يقوم علي المجابهة الفكرية للتطرف والإرهاب عن عدة مستويات بدءا من دراسة ارتباط العنف بالدِّين عبر آليات علم الاجتماع الديني، لذا أنشأت مكتبة الإسكندرية سلسلة مراصد التي تدرس ظواهر التطرف وتحليل ونقد خطاب الجماعات المتطرفة وكذلك سلسلة التي أسست لتوطيد الدراسات المستقبلية في مصر والطن العربي وبدأت في العمل علي أرض الواقع عبر دورات الثقافة الإسلامية لكي تعطي ثقافة إسلامية عربية معاصرة للأجيال القادمة.
الدكتور خالد عزب، أن الثقافة العربية تواجه عدة تحديات معقدة، لعل أبرزها تحدي الهوية، ففي ظل تراجع المشروع القومي العربي، وتصاعد النبرات القطرية، يبقي سؤال الهوية أساسيا للمستقبل، لذا فإن علاقة الأجيال الجديدة باللغة العربية وآدابها، باتت علاقة محورية للمستقبل، فضعف هذه العلاقة بات يهدد هويتنا حتي القطرية، لذا فإننا هنا نبحث في قدرتنا علي التكيف مع التحديات المعقدة التي نواجهها.
كما أكد علي أنه من الضروري الآن التصحيح الذاتي self-correction من خلال التعلم من التجارب السابقة والاستفادة من تراكم الخبرات، فقد أدي الانكفاء العربي علي الذات الوطنية إليّ مساحات من الفراغ التي جعلت تيارات العنف تنفذ من خلال هذه الأجيال، فالاستهتار بمدرس اللغة العربية علي شاشات التلفازز أدي إليّ نتائج سلبية، فضلا عن الترويج لنصوص أدبية تفتقد الجمال، بالإضافة إليّ طرق تدريس عقيمة.
وأضاف أن ذلك يتطلب الآن وليس غدا الانفتاح علي الأفكار المختلفة والمتضادة بشأن التعامل مع اللغة الوطنية وآدابها كأساس للهوية الوطنية، خاصة أن هذه اللغة ترتبط بالدِّين الذي يدين به أغلب المواطنين، وأن هذا ما يؤكد أهمية تجنب الثبات علي مجموعة حلول تقليدية للتعامل مع كافة التحديات.
وتسائل عزب: هل باتت اللغة العربية وآدابها محل تساؤلات اليوم في ظل تصاعد رغبات البعض في ترسيخ دور العامية ( كالعامية المغربية ) في المناهج الدراسية، أم أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، فإن التحليل الدقيق لمعطيات الأجيال الجديدة، سيجد أن اللغة العربية تمثل بالنسبة لهم مفتاح إما للتطرف ثم العنف أو للذهاب نحو التوازن النفسي والعطاء، هذا ما يفسر علي سبيل المثال: كثافة إقبال الجيل الثالث من المهاجرين في الغرب علي دراسة اللغة العربية، ليتجاوز موضوع الهوية اللغوية الوطن إليّ خارج حدوده، ليجد هؤلاء لدي تيارات الإسلام السياسي إجابات علي أسئلتهم، في ظل سياسات دول كألمانيا وفرنسا تعزز اللغة كرافد أساسي للهوية الوطنية.
ومن جانبه أكد عبد الوهاب مطيش؛ نقيب المحامين السابق بتازة بالمملكة المغربية خلال كلمته علي مدي تصدي المملكة المغربية لجريمة الإرهاب من خلال القانون الجنائي، وأنه من أجل التصدي للتطرف والإرهاب لابد للمشرعين من سن ترسانة قوانين رادعة لردع التطرف والإرهاب واستئصاله من جذوره والقضاء عليه بشكل نهائي.
وقال مهدي الإدريسي؛ كاتب وباحث اجتماعي، إن المجتمعات في المراحل الانتقالية تعرف كيفية طرح سؤال الهوية، ولعل هذا ما ساهم في بروز سؤال الهوية اليوم، ولهذا فإن إعادة تعريف الهويات اليوم والانتقال من الهوية المتغيرة هو أحد اهم المداخل لمواجهة التطرف والإرهاب، مضيفا أنه لابد من التأكيد علي أن خطاب التطرف اليوم هو خطاب عالمي لاسيما من طرف بعض أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، كما أكد علي أن الحل لمواجهة كل هذا يأتي من خلال بناء دولة المواطنة والدولة المدنية.
وقال أولغا فرحات؛ ناشطة تربوية لبنانية، عن التربية، أنه للتربية دورا أساسيا في إرساء الثقافة ونقلها من جيل إليّ جيل، كما أضافت أنه منذ القرن العشرين تناولت برامج التربية من أجل السلام باقة واسعة من المواضيع، كالتفاهم الولي والمسئولية البيئية والتواصل واللاعنف وتقنيات حل النزاعات والديمقراطية والتوعية بشأن حقوق الإنسان والتسامح في وجه التعددية والتعايش والمساواة بين الرجل والمرأة، إلا وأن فعالية تطبيق مبادئ التعليم من أجل السلام تختلف من بلد إليّ آخر، كما أنه يتسم بأهمية أكبر عندما يتم اعتماده وفقا للبيئة الاجتماعية والثقافية.
وقال المستشار معتز إبراهيم توفيق؛ وكيل نيابة بالإسكندرية، إن التطرف هو مصطلح يستخدم للدلالة علي كل ما يناقض الاعتدال، زيادة أو نقصانا، وأن اللجوء إليّ العنف سواء بشكل فردي أو جماعي من قبل هذا الفكر أو الجهة المتطرفة التابع لها بهدف فرض قيمها ومعاييرها أو بهدف إحداث تغيير في قيم ومعايير المجتمع الذي تنتمي إليه وفرض الرأي بالقوة هو أحد أشكال الإرهاب الفكري المنظم، ولذلك دائما ما يكون هناك علاقة وثيقة بين التطرف الفكري والإرهاب، حيث يعتبر الأول المرحلة الأولي للثاني.
وأضاف توفيق، أن الفقر والجهل والبطالة يعتبرا أهم الأسباب التي تعد دافعا مؤثرا في نمو ظاهرة التطرف داخل المجتمع، كما أكد علي أن الأهداف الرئيسيّة والأساسية للجماعات المتطرفة هو استهداف وإضرار الدولة ومرفقها العام بشكل مباشر وغير مباشر، حيث أن تلك الجماعات المتطرفة تلجأ في غالب الأحيان إليّ إثارة الرأي العام حيال قضية اجتماعية ومهنية معينة مستخدمة في ذلك أتباعها من العاملين بالجهات الحكومية لبث هذه السموم داخل أروقة العمل بين باقي العاملين وبلبلة الرأي العام داخل المؤسسة الواحدة.