في أسبوع.. «ملك الموت» يلاحق أبناء المنيا
الجمعة، 21 أبريل 2017 04:05 مكتب - إسلام ناجى
تردد في أذانه كثيرًا الكلمات الختامية التي أطلقها قبل لحظات الوداع، لم يكن يعلم أن المشادات الكلامية ولحظات الحنين لن تتكرر مرة أخرى.. «ياريتني ما قولتها، أنا ماليش غيرك»، كانت تلك هي كلماته بعدما أدرك رحيل زوجته، مرددًا: «أرحمني يارب أنا قلتلها هسيبلك البيت وماشي».
قبل سويعات من لحظات الوداع.. وعقب عودة الزوج من عمله، استقبلته سيدة العقد الرابع، بفرحتها المعروفة عنها دائمًا، وكأنهم حديثي الزواج، طالبته بالراحة حتى تنتهي من عمل الغداء.. لحظات واستدعت زوجها صاحب العقد الخامس، مطالبة منه مشاركتها تناول الطعام.
لم تدرك أن مشاغل الحياة أهلكته وأنه يحاول الابتعاد قليلًا حتى لا يحملها ما لا طاقة لها به.. وعلى طريقة معظم النساء انفعلت سيدة العقد الرابع مطالبة زوجه بتفسير أسباب الخلاف إلى أن خوفه عليها دعاه إلى الهرب من الحديث مفتعلًا شجارًا زوجيًا بسيطًا.. اختتمه قائلًا: «أنتِ على طول كده.. أنا هسيبلك البيت وماشي».
لم يكن يعلم أن ساعتها قد حانت وأن «ملك الموت»، ينتظر رحيله حتى يصطحبها معه في جولة اللاعودة، متوقعًا أن عودته إلى المنزل قد تعيد الحياة إلى مجراها الطبيعي، إلا أن الحال تبدل ووجده نفسه في مواجهة القدر وحيدًا دون شريك، أنها «إيمان.م.ع»، سيدة العقد الرابع، ابنة محافظة المنيا.
«إيمان» لم تكن السيدة الوحيدة من أبناء المنيا، التي زارها «ملك الموت»، خلال الأيام الماضية، فقد شهد الأسبوع الماضي، 11 حالة زار خلالها «ملك الموت» 6 منازل مختلفة، وانتهت جميعهًا بصرخات الوداع وتراب المقابر. بدأت الجولة الأولى يوم الإثنين الماضي من منزل «إيمان».
وعلى بعد كيلومترات، من منزل «إيمان.م.ع».. عقار يحمل طابع المظاهر الحديثة فهو أقرب في تصميمه إلى الأبراج السكنية الجديدة، وفي الطابق الثالث منزل يسكنه ثنائي حديثي الزواج، لم يمضي على زواجهم أكثر من 3 أشهر، ويملأ الحب منزلهم.
عاد «محمد.ع.س»، إلى منزله مسرعًا للقاء زوجته الحبيبة، «منة.س.ص»، حاملًا في يديه بعض الأكياس البلاستيكية المليئة بالفاكهة والطعام. طالبها بتحضير وجبة سريعة وبعض العصير، احتفالًا بعودته سريعًا للقاء سيدة المنزل. وعقب تناول الطعام، شعر الثنائي بالتعب، فقرر أن ينامًا قليلًا حتى يرتاحًا من الإجهاد.
لم يكن الثنائي العاشق على دراية أنهم على موعد مع «ملك الموت». وبعد عدة ساعات كانت الاتصالات الهاتفية على الثنائي من الأهل كوابل لا يتوقف من النيران، إلا أن الاستجابة كانت معدومة -وكأن الشبكة قد قطعت لديهما- فأسرع الأهل إلى المنزل للاطمئنان عليهما إلا أنهم كانا قد فارقا الحياة، بسبب العصير الفاسد.
أمام منزل «محمد ومنة»، القريب من الطريق العام، كانت تسير سيارة مسرعة تحاول سيدة ثلاثينية السيطرة عليها إلى أن قدرتها لم تسمح لها - تتعلم قيادة السيارة- وعلى بعد مئات الكيلومترات وبعد أن أدركها من يعلمها القيادة وسيطر على السيارة، قرر أن يبتعد عن الطريق العام خشية الحوادث.
وبالفعل خرج إلى طريق بعيد قليلًا نادرًا ما يسير عليه أحد، ذلك هربًا من جري المواطنين أمام سيارات التعليم، وأثناء سير السيدة خرج أمامها من إحدى جانبي الطريق 6 أشخاص، إلى أن «رانيا.أ.ص»، لم تتمكن من إدراك الموقف، وأسرعت في دهس «الوقود» فأسرعت السيارة ودهستهم جميعًا، ما تسبب في وفاة «هويدا»، وإصابة الآخرين.
وفي ذات اللحظة كان «ملك الموت»، يواعد 4 آخرين، من المقرر أن يشاركوا «هويدا» في رحلة اللاعودة، ذلك عقب انقلاب سيارة ملاكي بالقرب من بوابة الرسوم بمركز المنيا.
وفي ليلة الخميس، وبعد يومين من الحوادث المتتالية، لم تكن تدرك «آية.ر»، أنها على موعد مع «ملك الموت»، استعدت سيدة العقد الثاني جيدًا للقاء زوجها، عن طريق تنظيف المنزل جيدًا، ثم جلست قليلًا لتلقط أنفاسها وتبدأ جولة جديدة في تجهيز الطعام لزوجها «محمد»، القادم من عمله متعبًا.
وأثناء جولة الشقاء المطبخية، أدركت «آية» متأخرا أن النيران تملكت من ملابسها، وفي محاولة للسيطرة على الحريق، تسببت الزوجة العشرينية في انتشار النيران بمنزلها -كانتشار النيران في الهشيم- كان «محمد»، أول الناظرين للنيران، حيث كان عائدًا إلى منزله للقاء زوجته.
وحين رأى النيران، هرول الزوج الثلاثيني إلى المنزل صارخًا «حد يلحقني بيتي بيولع».. تملكه الصمت قليلًا ثم بدأ الصراخ من جديد «آية.. ألحقوني مرآتي هتموت.. النار هتمسك فيها»، إلا أن صرخاته وندائه لمن حوله لم يشفع له وأسفر الحريق عن وفاة الزوجة.
كانت المياه كفيلة أن تطفئ نيران منزل «محمد»، وتنقذ زوجته، إلا أن البلاغ للمطافئ خرج متأخر بسبب عدم معرفة الجيران بالحريق حتى ظهر الزوج.. ومن مفارقات القدر أن الماء لا يطفئ النيران فقط بل أيضًا يتسبب في الوفاة، ففي لحظات صرخات «محمد»، لنجدة زوجته.
كان أحد الأهالي يصرخ بمركز مغاغة بالمنيا، لنجدة ثلاثة أطفال من الغرق في النيل، إلا أن الأهالي لم يتمكنوا من نجدتهم من الموت.
بدأت القصة قبل دقائق من صرخات الأهالي، بجولة رهان بين ثلاثة أطفال حول قدرتهم على السباحة، وهو ما دفع الثلاثي إلى النزول إلى مياه النهر غير مدركين أن لهم لقاء مع «ملك الموت».. وما بين جولات المنافسة حول صاحب أطول الأنفاس، وسباقات السرعة، بدأ التعب يتملك من «يحيى.ح»، و«محمود.أ»، و«إسلام.ح»، إلا أن المنافسة دفعتهم لاستكمال طريقهم إلى الرحلة الأخيرة.