أثريون: البعثات الأجنبية تساهم في دمار الموروث الحضاري لمصر
الأربعاء، 19 أبريل 2017 05:58 مكتبت- مرفت رياض
«أنا كنت ضد البعثة الألمانية التي كانت تعمل بمنطقة المطرية».. بهذه الكلمات بدأ عبد الحميد كفافي، مدير عام التخطيط والمتابعة والصيانة بقطاع المشروعات بوزارة الآثار، حديثه، موضحًا أن قانون حماية الآثار ملئ بالثغرات، قائلًا: «وقد قمت بمراجعته واستخراج كم من الثغرات الخطيرة التي تحتاج إلى التعديل».
وأضاف «كفافي»، في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، أن البعثات الأجنبية التي تنقب عن الآثار في مصر تستغل ثغرات القانون التي شرعها المشرع، وهو مستشار قانوني، والذي لم يستند لأي أثري عند صياغة هذا القانون، لذلك تقوم هذه البعثات بفعل ما تريده بالآثار.
وقال مدير عام التخطيط والمتابعة والصيانة بقطاع المشروعات بوزارة الآثار: «أنا كنت ضد البعثة الألمانية التي كانت تعمل بمنطقة المطرية، ورأينا ما حدث أثناء استخراج التمثالين باللودر، وقد فوجئت البعثة المصرية المتعاونة معهم باستخدامهم اللودر أثناء استخراجهم للتمثالين وعند منعهم رفضوا الانصياع لهذا الرفض، ذلك لحماية القانون لهم مستندين للمادة (34) من القانون التي تنص على استخدامهم لجميع المعدات التي تساعدهم في استكمال مشروعهم، ولا يستطيع الأثريون المصريين محاسبتهم».
وتابع: «فرئيس البعثة من حقه أن يستعين بكل المعدات والقانون يحميه، بالإضافة إلى أن بعض مواد القانون تنص على أن أي جهة علمية غير متخصصة لها الحق أن تعمل في المنطقة الأثرية لاستخراج الآثار مثلما يحدث من قبل خريجي أكاديمية الفنون أو خريجي أقسام التاريخ الذين يقومون بحفائر في المناطق الأثرية ومصرح لهم بمدة من شهرين لأربعة أشهر على الأكثر لعمل هذه الحفائر، وتنتهي هذه المدة دون أن يقوموا بترميم الآثار وهو ما يعد مخالفة للقانون لكنهم يتعللوا أن الوزارة لم تعطيهم الوقت الكافي لعمل الحفائر وإتمام المهمة».
وأكد «كفافي»، أن البعثات المصرية عند قيامها بالتنقيب عن الآثار لا تستطيع أن تترك الآثار دون ترميم بعد استخراجها من المنطقة الأثرية. أما البعثات الأجنبية بالمناطق الأثرية المختلفة خاصة في الفيوم ووجه قبلي، لم تعمل على ترميم وصيانة الآثار المكتشفة من قبلهم.
وأضاف أنه يوجد بالفيوم 14 بعثة أجنبية، ومن المفترض أن تأتي البعثة ومعها مرمميها من الخارج لكنهم لا يهتمون بذلك، ونطالبهم بالاستعانة بمرممين أثريين مصرين لا يعملون، أو حاصلين على إجازات للاستفادة من علمهم وخبراتهم لكنهم لا يبالون.
وأوضح أن رفضه لعمل البعثات الأجنبية، بسبب أنهم لا يسعون لتطوير أو إصلاح الآثار المصرية، بل يهتمون بتصويرها وعمل الأبحاث العلمية حتى يستفيدون ويجنون ملايين الدولارات، ثم يتركون الآثار على حالها، لافتًا إلى أن اللجنة الدائمة لا تخطر إدارة الترميم في مصر بما تفعله البعثة إلا بعد انتهاء البعثات من العمل في المنطقة الأثرية، قائلًا: «أي بعد خراب مالطا»- على حد وصفه.
قائلًا: «من وجهة نظر يجب إيقاف أعمال الاكتشافات الأثرية، لحين الانتهاء من عمل الترميمات التي خلفتها لنا البعثات الأجنبية، حتى يتم وقف النزيف من عدم ترميم الآثار وتراكمها.. أو قيام وزارة الآثار بإجبار البعثات الأثرية التي أنهت مهامها وتركت الآثار على هذه الحالة، أن تأتي وتقوم بعمل هذه الترميمات خاصة أنهم استفادوا علميًا وماديًا».
وأشار إلى أن هناك حمامات رومانية موجودة في الفيوم بأربع مناطق بدأت تتلاشي، لأن البعثات اكتشفتها وتركتها، لأنها موجودة في الجبل، وقد طالب المرممين المصريين الذهاب لترميمها و إصلاح ما خلفته البعثات الأجنبية.
وطالب المرممين، بتوفير سيارات تنقلهم لهذه الحمامات بعدتهم لأنها موجودة في الجبل، وللأسف إدارة الترميم غير مخصص لها سيارات تنقل المرممين فكيف سيقوم المرممين بعملهم ويحملون مواد الترميم ويذهبون لهذه المناطق بالجبل دون سيارات، وهو أمر مكلف، لذلك كان يجب على البعثة الأجنبية المكتشفة لهذه الحمامات أن ترممها قبل أن ترحل، فهم استفادوا من الاكتشاف ونحن نخسرها بتلاشيها، وذلك يمثل كارثة بالنسبة لنا.
ومن جانبه أكد الدكتور محمود عفيفي، رئيس قطاع الآثار المصرية، أنه منذ توقيع معاهدة السلام، حرصت إسرائيل على وجود بعثات في أكثر من مكان بمحافظة الشرقية، مثل: «قنتير وتل الضبعة» لاعتقادهم أن أحداث سيدنا موسى وفرعون وقعت في تلك المناطق، فضلًا عن إرسال بعثات أثرية بقيادة «إدجار بوش»، إلى «قنتير» بجانب بعثات صهيونية، ونمساوية، و تواجد اليهود بـ«قنتير»، دون مراقبة، يمثل خطرًا كبيرًا على البلاد، حيث أنهم يعتبرونها مدينة الخروج التي فر منها اليهود هربًا من مصر.
أما الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، أوضح أن ظاهرة انتشار البعثات الأجنبية للتنقيب عن الآثار ظاهرة خطيرة جدًا وتحتاج إلي وقفة حازمة من الدولة معترفًا بأن تجارة الآثار متداولة بين الكثير منهم، مطالبًا بالمحافظة على ثرواتنا التاريخية ومنع ضياع مزيد من هذه الثروة القومية.
جدير بالذكر أن 250 بعثة أجنبية، تعمل بمصر، منها 50 بعثة أجنبية تعمل في محافظة الأقصر وحدها، والباقي موزع على محافظات مصر، وأشهر هذه البعثات البعثة الألمانية والبولندية والتشيكية.