الإسلام والعقل
الإثنين، 17 أبريل 2017 02:03 مخالد عبد الغفار
لقد ساءنى كثيرا ما وصل إليه حالنا، نحن المسلمين، نحضر إلى صلاة الجمعة أجسادًا بلا عقول أو أفهام، وشعرت بكثير من الحزن والأسى لتردى خطاب خطباء الجمعة المعممين، المستهل بمحفوظ الاستفتاح يردده أكثرهم ترديد الببغاء، ثم يعرج منه إلى متن خطبة تغيّب الفكر والعقل، يخرج فيها أحدهم عن المنهج العلمى والمنطق السليم، بضحالة فكر وانعدام ثقافة يعجب له!
إذ كيف يرتقى أمثال هؤلاء المنابر؟، وكيف أُجيزوا؟!
وهل تكفى العمامة والقفطان لارتقاء هذا المرتقى الخطير؟
إذ تجد أحدهم يبنى خطبته العصماء على رؤية منامية للنبى، صلى الله عليه وسلم، رآها نكرة من الناس لم يكلف الخطيب المفوه نفسه عناء ذكر اسمه، فيعتمدها كما لو كانت قرآنا منزّلا، فيثبت على نفسه عدم معرفته بقرآن أو سنة صحيحة للاستشهاد على ما يورد!
ثم ترى المصلّين جالسين إليه حتى إذا قضيت الصلاة ولّوا مسرعين، لا يكلف واحد منهم نفسه عناء مناقشة الخطيب فيما تقوّله على نبيه بغير سند!
فهل هذا هو الإسلام؟!
تغييب للعقل والفكر؟ خطيب جاهل يُفتى ويُلقى على سامعيه ما يحلو له بلا سند أو منطق أو منهج علمى، فيتلقاه المتلقى بالتسليم دون تفكير أو مناقشة فيضل ويُضل!
لقد أراح الكثير من الناس أنفسهم بالنزول من مرتبة الإنسان إلى ما دونها، ولا عذر لهم فى ذلك من أسباب يتخذها البعض للتبرير، من ضيق العيش أو سوء الأحوال أو خلافه، فقد ميّز البارى جلّ وعلا الإنسان عن سائر ما خلق بالعقل الذى هو منوط به الإدراك والحكمة والرشد، وجعله حجة عليه، وحثه على إعماله والاهتداء به، فلقد خاطب القرآن الكريم العقل الإنسانى خطابا متكررا مقيما فيه التفكير فريضة من فرائض الإسلام، فالإسلام دين لا يعرف الكهانة ولا يتوسط فيه السدنة بين المخلوق والخالق، وجعل خطابه إلى عقل الإنسان حرا طليقا من كل سلطان يحول بينه وبين التفكير السليم، فتأتى الوصايا المتكررة بالتعقل والتمييز والمنطق السليم، طالبا من العقل أن يبلغ وسعه من الحكمة والرشاد.
ويقول الإمام الغزالى فى ختام كتابه الميزان:
«الشكوك هى الموصلة للحق، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقى فى العمى والضلال، نعوذ بالله من ذلك».