في أسبوع الآلام .. كريستينا «أرملة بعد تفجيرات مارجرجس»
الأحد، 16 أبريل 2017 07:30 م كتب- إسلام ناجى
جلس«شادى» إلى جانب زملائه الشمامسة يجدل معهم الخوص استعدادًا للخدمات، عندما اقتربت منه إحدى الخادمات تحييه على مجهوادته العظيمة، فابتسم بهدوء، ونظر إلى الفراغ قبل أن يقول لها خلاص أنا مش هكون معاكم السنة الجاية وانتو بتغسلوا البلح والجوافة"، فتعجبت الخادمة من كلماته، فهى توقن حرص "شادى" على مساعدة الخدام في التحضيرات قبل حفلة النيروز، وسألته متعجبة، ليجيبها ببسمة راضية ونظرة طويلة للسماء.
في اليوم التالى، استيقظ «شادى» مبكرًا، واستعد للذهاب لكنيسة الشهيد مارجرجس، فارتدى التونية البيضاء المزينة بالصلبان من الأمام والخلف وعلى الكمين، ووضع البطرشيل على كتفه الأيسر قبل أن يمرره من تحت أبطه الأيمن، وخرج على زوجته الحسناء "كريستينا" يقبل يديها ورأسها كعادته كل صباح عندما انتبه إلى صوت بكاء صغيرته "فلومينا"، فهرع إليها يضمها إليه في حنان، لتتخلل أنفاسها ملابسه، وتنتقل رائحتها الطفولية إليه.
توجه شادى برفقة زوجته ونجلته إلى الكنيسة حاملاً بين يديه السعف، وفور وصولهم، قَبل الشماس "فلومينا" للمرة الأخيرة وضمها إليها، وهمّ أن يتركهما فنادته كريستينا بعد أن أخرجت من حقيبتها دبوس وصليب صغير من الخوص، وعلقتهما على البطرشيل خاصته، فضم رأسها إليه، وطلب منها الاعتناء بنفسها وبالصغيرة، قبل أن ينضم إلى خورس الشمامسة خارج الهيكل، ليشرع فى التسبيح بروحانية من خلال الألحان الهادئة مع أصدقائه "أوصنا في الأعالي، هذا هو ملك إسرائيل، مبارك الآتي، باسم رب القوات".
لم يمهل الإرهاب "شادى" لينهى لحنه، فقطع التسابيح والإبتهال صوت إنفجار عظيم، واهترت الأرض تحت أقدام الشمامسة، ليرتفع صوت "شادى" طالبًا من زوجته اصطحاب "فلومينا" والخروج من الكنيسة سريعًا، قبل أن يسقط غارقًا فى دمائه، فانصاعت "كريستينا" لنداء زوجها، وألقت بحقيبتها بعيدًا لتحمل الصغيرة ويهربا معًا من الموت المحتوم، وانتظرت حبيبها على أعتاب "مارجرجس"، لكنه لم يحضر، فتركت طفلتها مع إحدى صديقاتها، وعادت مكان الخورس بحثًا عن زوجها.
لم تستطع كريستينا تحمل رائحة الدماء التي ملأت المكان، فوضعت يديها على أنفها لتخفف حدة الرائحة، وأخذت تتحسس طريقها إلى الهيكل ببطئ وسط سحابات الدخات التي غطت قاعة الصلاة، وما أن أقتربت من مكان الخورس حتى وقعت عينيها على جثة زوجها الملطخة بالدماء، فسقطت إلى جواره، وضمته إليها حتى تخضبت ملابسها بدمائه، قبل أن يلتف المُصلين حولها محاولين جذبها إليهم وإبعادها عن الجثة، فتعلق الصليب الصغير بملابسها، وعندما لاحظت ذلك، تناولته بأناملها المخضبة وقربته من شفتيها، وقبلته.
الإرهاب لم يُمهل الأحبة.. «سارة» تفقد زوجها في تفجيرات «مارجرجس»
في أحد السعف الدامي.. «مريم» تبكي خطيبها وشقيقها في تفجيرات «مارجرجس»