في شم النسيم.. تعرف على «أوبرج الفيوم» مقصد الملك فاروق للاحتفال بعيد الربيع

الأحد، 16 أبريل 2017 04:52 م
في شم النسيم.. تعرف على «أوبرج الفيوم» مقصد الملك فاروق للاحتفال بعيد الربيع
الملك فاروق
مصطفى منسي

تستقبل محافظة الفيوم كل عام ما لا يقل عن 2 مليون زائر لقضاء أجازة عيد شم النسيم، وأعياد الفصح التي عرفها القدماء المصريين منذ زمن بعيد والذي ارتبط به الشعب المصري منذ هذا الزمن وخروج المصريين إلى الحدائق والمنتزهات وانتشارهم على ضفاف النيل أو الشواطئ الساحلية.
 
وقد يفضل الكثير من أبناء مصر الانتقال إلى محافظة الفيوم لقضاء هذا اليوم تخليدا لهذه الذكرى، التي كان القدماء المصريين يحتفلون بها وجلوسهم أمام مياه بحيرة قارون للاستمتاع بالطبيعة الخلابة التي تحاط بالأشجار والزراعات.
 
وفي العصر الحديث كان الملك فاروق يحتفل بهذا اليوم في قصره الواقع على ضفاف بحيرة قارون  والمعروف حاليا بالأوبرج، الذي يشتهر بأفضل لسان داخل البحيرة، والذي استقبل فيه الملك عبد العزيز إل سعود ملك السعودية تشرشل رئيس وزراء بريطانيا.
 
 ورغم حب الملك فاروق وعشقه لأكل اللحوم خاصة الحمام إلا أنه كان يفضل في يوم شم النسيم أكل الأسماك الطازجة والمملحة والبيض الذي كان يتم تلوينه بالألوان الطبيعية، وكان يتم سلقه مع أوراق الزيتون أو قشر البصل مع وجود البصل الأخضر والليمون.
 
وكان الملك يجمع أهله وحاشية للاحتفال بهذه المناسبة في قصره، وكان يستقل مركب خاص للتنزه وقضاء بعض الوقت في جزيرة القرن الذهبي وكذا قصر الملكة فوزية الموجود حتى الآن على ضفاف بحيرة قارون وقد حولته محافظة الفيوم إلى استراحة لها، والمعروف حاليا بقصر الملكة فوزية.
 
ويقول الخبير الأثري أحمد عبد العال، مدير عام أثار الفيوم، لا تزال استراحة «أوبرج الفيوم» تحتفظ بالقاعات التي شيدها الملك فاروق، وتحمل كل قاعة اسم إحدى الشخصيات المهمة، والتي نزل بها، مثل قاعة الملكية وقاعة السفير وقاعة قارون وقاعة تشرشل، وقد تولت وزارتا السياحة والآثار مسؤولية المكان بعد ثورة 23 يوليو، لأنها تقع ضمن الممتلكات الملكية.
 
يعود تاريخ «أوبرج الفيوم» إلى عام 1937- عندما قرر الملك فاروق إنشاء استراحة شتوية على ضفاف بحيرة قارون بالقرب من هضبة الفيوم؛ ذلك لممارسة هواية الصيد، على أن يكون المكان بمثابة استراحة للراحة والاستجمام أثناء فترات الصيد، وتولى المهندس الإيطالي ألبرت زنانيري مهمة إنشائه.
 
وتم تشييده على الطراز الإيطالي الريفي على بعد 70 كيلومترًا جنوب غرب القاهرة، ويضم «الأوبرج» 50 غرفة من بينها 3 أجنحة، وأشهرها جناح الملك فاروق، الذي كان ينزل به أثناء الصيد، وتحكي جدران هذا الجناح قصة الملك فاروق منذ أن كان طفلًا صغيرًا، حتى وصل للعرش من خلال الصور التي تم تعليقها على الجدران.
 
كما وثقت الصور زواج الملك فاروق، وعلى السلم الخشبي الذي يربط غرفة الاستقبال بغرف النوم علقت صور للأسرة الملكية التي سبقت عهد الملك فاروق، وكانت الاستراحة مكانًا للحفلات الملكية واستقبال النخب والشخصيات الهامة.
 
وبعد انتهاء عصر الملك فاروق ظل «الأوبرج» لسنوات عديدة مكانًا لا ينزل به سوى النخبة والأجانب، وتعقد فيه الاجتماعات السياسية.
 
ولكن لم يستمر هذا الحال طويلًا، فبعد أن تم تأجير الاستراحة من قبل وزارتي السياحة والآثار وتم تحويله إلى فندق، فأصبح يتردد عليه الجميع، وتقام فيه حفلات الزفاف، بعد أن تولت شركة هلنان إدارة الفندق وذلك منذ عام 2005 ولمدة 25 عامًا، وأدخلت عليه بعض التعديلات لكي يواكب العصر، وتم عمل بعض الصيانة للمنطقة المحيطة بالفندق.
 
هو الفندق الوحيد خمسة نجوم بمنطقة الفيوم، ويضم خمسين غرفة وأربع قاعات مؤتمرات: الملكية والسفير وقارون وتشرشل، وحافظت إدارة المكان على إجراء التعديلات التي لا تقلل من قيمة الفندق التاريخية، فلم تتدخل في الطراز الأساسي والطابع الريفي الخاصة به، فلا يزال «الأوبرج»، تفوح منه رائحة عبق التاريخ، من الحوائط التاريخية والغرف الملكية، وحمام السباحة وملاعب التنس والاسكواش، ويأتي له الزوار والسياح من كل بقاع الأرض؛ للتمتع برياضة الصيد، حيث يضم مركز صيد كبيرًا، بالإضافة إلى أنه يطل على وادي الريان ووادي الحيتان المميزين برمالهما الذهبية.
 
كما كانت استراحته مقصد صناع السينما، فقد تم تصوير العديد من الأفلام السينمائية القديمة، منها فيلم «هذا هو الحب»، ومؤخرًا صورت فيه بعض مشاهد فيلم «مسجون ترانزيت وسفاري»، ونزل به أشهر الفنانين على مر التاريخ.
 
وقد ارتبط القدماء المصريين الذين حكموا مصر من خلال الفيوم والتي كانت تعد في العصور الأولى العاصمة قبل تسميتها بمصر.
 
 وكان الربيع الذي يغير معالم ما بين الفصول عيدا عند المصري القديم لارتباطه بالشمس والنهر، ولذلك كان القدماء يتناولون فيه السمك والبصل والبيض، وصارت تلك المأكولات مظهرا ثابتا من مظاهر الاحتفالات بأعياد الربيع منذ نهايات العصر الفرعوني وبدايات العصر القبطي، وبات تناول تلك الأطعمة من العادات الباقية في مصر حتى اليوم تناقلت بطرق مختلفة فهناك من المصريين في هذا الزمن الحديث يفضلون تناول أكلات محشي ورق العنب الذي يظهر في هذا التوقيت من كل عام مع الملوخية والدجاج واللحوم ويفضل البعض قضاء هذا اليوم في منازلهم العائلية للاحتفال الجماعي دون الحاجة إلى الخروج للمنتزهات والأندية نظرا لسوء الحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر.
 
ويضيف الخبير الأثري احمد عبد العال مدير عام أثار الفيوم إن تاريخ الفيوم القديم ارتبط بجلب الفسيخ من مركز إسنا وكانت الأقصر أول مدينة تعرف صناعة الفسيخ في التاريخ، وذلك ضمن طقوس احتفالاتهم بعيد «الشمو» والمعروف اليوم باسم «شم النسيم» منذ عصور الفراعنة.
 
وكان المصريون القدماء يستخدمون سمك قشر البياض في إعداد الفسيخ، وتعد إسنا من المدن الشهيرة في صناعة وتقديم الأسماك المجففة كقرابين للآلهة داخل المعابد، حتى صار هذا السمك رمزا للمدينة في العصر البطلمي وصار اسمها «لاثيبولس» أي مدينة سمك قشر البياض.
 
وعرف المصريون القدماء عدة أنواع من الأسماك التي رسموها على جدران مقابرهم مثل سمك البوري والسوبيط والبلطي والبياض، كما عرفوا البطارخ منذ عصر الأهرام، وفي أحد الأعياد كان جميع أفراد الشعب يأكلون السمك المقلي أمام أبواب المنازل في وقت واحد.
 
وكانت مظاهر الاحتفالات بقدوم الربيع تقام دائما على ضفاف النيل ووسط الحدائق والساحات المفتوحة، وهو الأمر الشائع لدى جموع المصريين حتى اليوم، وإن الأقصر وغيرها من المدن القديمة عرفت الخروج الجماعي إلى الساحات الخضراء وشواطئ النيل قبل آلاف السنين، وإن احتفالات المصريين في هذه الأيام بشم النسيم لا تختلف كثيرا عن احتفالات أجدادهم الفراعنة.
 
وعرف أهل الأقصر بتقديس الزهور منذ آلاف السنين وكان لها مكانة كبيرة في نفوسهم ونفوس كل الفراعنة، إذ كانت زهرة «اللوتس» رمز البلاد كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته، وتزخر مقابر الأقصر الأثرية والفرعونية بالصور المرسومة على جدرانها لصاحب المقبرة وهو يشق طريقه في قارب وسط المياه المتلألئة بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس.
 
وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردي ونباتات أخرى كما تشكل باقات الورود اليوم كما ترى أعمدة المعابد الفرعونية مزخرفة في طراز «لوتسي» يحاكي باقات براعم الزهور وصور المصريون أنفسهم على جدران مقابرهم ومعابدهم وهم يشمون الأزهار في خشوع يرجع بعضه إلى الفرحة ويوحي بسحر الزهور لديهم.
 
واحتوت السنة المصرية القديمة على العديد من الأعياد التي ارتبطت بالتقويم مثل رأس السنة وأعياد كل شهرين وبدايات الفصول، وكان من بينها عيد «الشمو» أو«شم النسيم» كما كان عيد الإله «مين» إله الخصوبة في مصر القديمة من بين الأعياد التي احتفل بها قدماء المصريين في فصل الربيع، وكان تمثاله يقام غالبا وسط مربع من نبات الخص.
 
141
 
205
 
602
 
daily4.562219
 
download (1) (1)
 
 
 
fayoum10
 
 

 

images (11)
 
radwa4
try565656-750x500

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة