الترعة السوهاجية تبتلع شابا.. وصديقه يعجز عن إنقاذه

تطورت علاقة العمل بين «وافي» و«إسلام» إلى صداقة قوية بين الشابين ساعدهما على ذلك التقارب في السن بينهما، وجذورهما الصعيدية، فالأول ينتمي لمحافظة المنيا، والثاني من محافظة سوهاج، كما أن ظروفهما المعيشية الصعبة أجبرت الاثنان على ترك محل إقامتهما وأسرتيهما، والسفر للعمل بمدينة مطروح بحثا عن لقمة العيش، فكان كل منهما عونا للآخر على مشاق العمل، وفي نهاية اليوم يجتمعان سويا في محل سكنهما ليقضان الليل وهما يتجاذبان أطراف الحديث عن أحلامهما وأمنياتهما في الحياة.

 

خلال أحاديثهما اليومية، أبدى وافي رغبته في زيارة سوهاج، تلك الرغبة التي لاقت ترحيبا كبيرا من إسلام فوجه على الفور الدعوة إلى صديقه لمرافقته إلى بلدته بجهينة الشرقية خلال الأجازة الشهرية التي يتم منحها لهما من العمل لزيارة الأهل والأقارب.

 

قضى وافي عدة أيام في ضيافة صديقه وأسرته، ووجه لهم الشكر على كرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي فاق كل توقعاته، كما وجه الدعوة لصديقه إسلام بقضاء الأجازة القادمة في ضيافته ببلدته بمحافظة المنيا، وهو لا يدري ما خبأته الأقدار له وأنه لن يكون بمقدوره الوفاء بدعوته.

 

أصر إسلام على اصطحاب صديقه في نزهة على ترعة السوهاجية قبل مغادرته سوهاج متوجها إلى المنيا لزيارة أسرته، وعندما شاهد المياه الصافية داعبت رأسه فكرة الاستحمام في الترعة على الرغم من أنه لا يجيد السباحة إلا أن هاجسا قويا كان يدفعه إلى هذه المخاطرة التي لم يحسب حسابها وستجعله يفارق الحياة وهو في ريعان الشباب.

 

وبالفعل خلع الشاب ملابسه، وألقى بنفسه في الترعة وما هي إلا دقائق وأحس بأن المياه تبتلعه، ولا يقوى على مقاومتها، فأخذ في الصياح والاستغاثة لنجدته، ولكن إسلام فوجىء بأن صديقه لا يجيد السباحة مثله ووقف عاجزا عن نجدته، وهو لا يدري كيف يتصرف، بينما كان المياه تشد وافي بعيدا وتلاشى صوته حتى اختفى عن الأنظار.

 

كان اللواء مصطفى مقبل، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن سوهاج، تلقى بلاغا من مأمور مركز شرطة جهينة يفيد بوجود غريق بترعة السوهاجية بناحية جهينه الشرقية، وعلى الفور انتقل مأمور وضباط وحدة مباحث المركز وقوات وحدة الإنقاذ النهري إلى موقع الحادث، وبالفحص تبين أن الضحية يدعى وافي، 16 عاما، عامل ويقيم بمحافظة المنيا، وأنه كان في ضيافة صديقه إسلام، 17عاما، طالب.

 

وبسؤاله قرر أن الغريق صديقه وأنهما يعملان سويا بمدينة مطروح، وكان في ضيافته منذ عدة أيام، وأنه أثناء قيامه بالاستحمام بالترعة غرق بها لعدم إجادته السباحة، كما كثفت قوات وحدة الإنقاذ النهري جهودها لانتشال الجثة التي جرفها التيار، وتحررمحضر بالواقعة وجاري العرض على النيابة.