التتار الجدد خوارج أم كفار؟.. الأزهر تحت القصف لرفضه تكفير داعش
الثلاثاء، 11 أبريل 2017 05:04 م
حملة شرسة على الأزهر الشريف، وشيخه «الطيب» عقب أحداث الكنيستين بالإسكندرية وطنطا، التي أدانها الأزهر، ولم يكفر داعش الإرهابية كعادته، ما فتح باب الهجوم على المؤسسة العريقة التي تتبني وجهة نظر لسنا مثلهم حتى نكفر الناس بالذنوب والكبائر، وتطرق الحديث أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لم يكفر بالمواطنة ولم يرفضها، بل دعمها في مواقف كثيرة، وأوصى بالمسيحيين خيرًا والابتعاد عن الرهبان في معابدهم في حالة الحرب، ووقف احترامًا لجنازة يهودي لم يؤمن به ولم سأل قال: «أليست نفسًا»، ليطرح سؤال ملح نفسه: «إذا كان الرسول يدعو إلى المواطنة فمن أين أتت داعش التي تدعي أنها تجاهد بالفتاوى الدموية وأدبيات إراقة الدماء؟».
شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، يرى أنه لا يمكن تكفير كل من نطق بالشهادتين واتبع القبلة حتى لو كان داعش، لكنه يصفهم بأنهم مسلمون خوارج هم كلاب النار في أسفل مراحل العذاب لاستحلالهم الدماء، مؤكدًا أنه مستمر على موقفه ولن يتخلى عنه ولن يكفر أحدًا إلا إذا جحد الشخص صراحة ما أدخله في الإسلام.
التتار الجدد صنفهم الأزهر بأنهم خوارج، أي كلاب النار، الذين خصهم الله بأنهم سيكونوا في أسفل النار يعون كالكلاب من شدة العذاب ليستغيث منهم أهل النيران من شدة الإزعاج، وأكد الشيخ محمد إبراهيم عبدالباعث، أحد المنتسبين إلى الأزهر والمتخصص في شرح صحيح الإمام مسلم، أن الآية التي يسوقها سيئ الفهم في قوله تعالى: «وأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم»، قصد بها فريق من المشركين وليس جنس المشركين وكل المشركين، وهم فريق معين من المشركين يعرفهم رسول الله وليس كل المشركين، حيث عاهد الرسول من لم يقاتلونه من المشركين وأقر في حقهم المواطنية وكانت تجمعهم به علاقات طيبة تنفي منهج إراقة الدماء الذي تلصقه داعش بالإسلام.
وتسوق جماعات التكفير «المكفراتية الجدد»، أدلة خاطئة يستخدمونها على غير حقيقتها في إراقة الدماء، بدعوى أن الإسلام أمرهم بقتال المشركين والكفار حيث يلقونهم، وتعدى الأمر إلى استهداف الآمنين، ومن يصلون في دور عبادتهم دون أي سبب، ولم يجنوا من ذلك سوى مزيد من الدماء وتشويه صورة الإسلام.
تناست أو تجاهلت جماعات العنف المسلح المعادي للبشرية، أن الرسول الكريم، أصدر وثيقة المواطنة والتعايش بالمدينة المنورة كأول وثيقة في التاريخ في صحيفة المدينة المنورة، التي ساوت المسلمين بغيرهم، وجاء في أجزاء منها أن اليهود أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته، وأن لليهود مثل المؤمنين، وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وأن يهود مواليهم وأنفسهم لأهل الوثيقة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره.
الشيخ عبدالله رشدي، أحد المتحدثين وممثلي الأزهر في الإعلام، دعم موقف مؤسسته في رفض تكفير داعش، مؤكدًا أن داعش جائت بأدبياتها من خلال الفهم المجتزئ والمغلوط لنصوص الشرع ، كما فعل أسلافهم مع الصحابة رضي الله عنه فكفروا الصحابة وتصدى لهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأضاف رشدي، لـ«صوت الأمة»، أن الأزهر لا يكفر داعش لأن التكفير بالذنوب هو فعل الخوارج الذين ينتمي الدواعش لفكرهم، وهو ما يرفضه أهل السنة، وأن عدم تكفير داعش أو تكفيرهم لن يعطيهم صكا مفتوحًا لارتكاب الجرائم، فهم مسلمون لكنهم مجرمون، ليتسبب عدم تكفير الأزهر، لداعش في حالة هجوم ضارية على المؤسسة العريقة، وذلك رغم مطالبة الأزهر بقتالهم والمؤدي واحد، وقيامه بعقد المنتديات لتفنيد آرائهم وكشف الغطاء عن التنظيم الدموي المعادي للبشرية.
واستدعت حالة الهجوم على الأزهر، لعدم تكفيره داعش، قيام الدكتور علاء جانب الأستاذ بجامعة الأزهر، والفائز بجائزة أمير الشعراء قبل عامين، بالدفاع عن مؤسسته في تعليق على صفحته الشخصية بطريقته الخاصة، قائلًا: يوجد بلطجية في الشوارع.
وسواقين يمشون عكس السير، وتجار جشعون، ومفسدون وظلمة، اسألوا فيهم شيخ الأزهر، أقول لكم: داعش العراق أزهريون.. لا خدوا الثقيلة، إسرائيل أزهرية.. والله اللي اختشوا ماتوا.
الباحث في الحركات الإسلامية، مصطفى حمزة، قال، إن الأزهر لم يكفر تنظيم «داعش» الإرهابي لأنهم خوارج، والخوارج اختلف الصحابة في تكفيرهم مع اتفاقهم على وجوب قتالهم، حتى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكفرهم، وقال عنهم: إخواننا بغوا علينا، على الرغم من قتاله لهم كما هو معلوم، ولم ينكر أحد من الصحابة على الآخر تكفير الخوارج من عدمه، لأن الهدف النهائي واحد وهو محاربتهم وقتالهم، وما وسع السلف من الخلاف وسع الخلف من باب أولى.
وأشار حمزة، إلى أن داعش أتت بالنصوص التي تبرر بها جرائمها، تأتي باستقراء البيان التبريري الذي أصدره التنظيم عقب أحداث الكنيستين يتضح بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا التنظيم يتعامل مع النصوص بالبتر والاجتزاء والقص واللزق على طريقة (لا تقربوا الصلاة) و(ويل للمصلين)، فيأتي بنصوص مقدسة بالفعل نزلت في زمان سابق وفي قوم محددين وظروف مغايرة ليسقط هذه النصوص على أهل الزمان الذي نعيش فيه دون مراعاة لأسباب النزول أو الفهم الصحيح لهذه النصوص، فعلى سبيل المثال، استدل في بيانه الأخير بجواز قتل الكفار المحاربين على جرائم الكنيستين، على الرغم من أن المسيحيين في مصر أهل ذمة وأمان وليسوا محاربين.
وأضاف حمزة، أنه ليس معنى عدم تكفير الأزهر للدواعش تأييده لهم، بل إن بيانات الأزهر المتكررة تدينهم وتصفهم بالمجرمين والإرهابيين والمتطرفين، وطالب مرارا وتكرارا بمواجهتهم وقتالهم، من باب قتال أهل البغي والعدوان.
وقال حمزة، إن قتل الدواعش لأهل الإسلام وغيرهم لا يكفرهم، لأن القتل في الإسلام كبيرة من أكبر الكبائر ومن الموبقات السبع التي تدفع بصاحبها في النار ولكنها لا تكفر صاحبها.
وأوضح حمزة، أن هناك فرق بين التكفير والقتال فالتكفير عقيدة، بينما القتال سلوك، فأنا كمسلم اخترت أن أكفر بالكتاب المقدس وعقيدة الصلب والفداء لتعارضها مع صريح القرآن، والمسيحي اختار أن يكفر بالقرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم لتعارض ذلك مع كتابه المقدس، وهذا حق لكل واحد فينا، فتكفير غير المسلمين لا يعني قتالهم.
ولفت حمزة، إلى أن الإسلام ضرب أروع الأمثلة في التعايش السلمي مع الكفار وغير المسلمين، ما داموا لا يحاربوننا، بل وأمر بالبر بهم والقسط والعدل معهم كما في قول الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، ومعاملة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته للكفار في زمانهم خير ترجمة لفهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا الشأن.
ويقول الشيخ رضا جلال، من علماء وزارة الأوقاف، إنه لا يوجد نص يعطي الحق لأحد أن يكفر أحد من المسلمين إلا اذا أقر الشخص بنفسه بأنه ألحد وكفر، و هنا نستطيع أن نحكم على هذا الشخص بالكفر بعد مراجعته للعدول عن كفره، وناقش القرآن الكريم هذه المسألة، حيث حكم عليهم بأنهم يحاربون الله ورسوله، بقوله تعالى: « إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».
وأضاف جلال، أن مسألة التكفير أو غيرها ليست هي الغاية قدر ما نريد من تطبيق العقوبة التي يرتكبها هذا المجرم في حق المجتمع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: شرط أن صحة إسلام المرء أن يسلم المسلمون من لسانه ويده، حيث إن مسألة التكفير من عدمه لن تفيد قضيتنا قدر ما نريد ان نطبق هذا الحكم تحديدا ويستند إليه الدستور والقانون ليجعل من كل معتدى على جماعة الوطن ووحدته ونسيجه عبره لمن لا يعتبر.
فيما قال الشيخ يسري عزام، من علماء وزارة الأوقاف: أنا كواحد من أبناء الأزهر أكفر داعش لأنهم خوارج ويتمثل فيهم قول رسول الله: «من آذى ذميا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله- من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة».