بسبب مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية.. التفاصيل الكاملة لمعركة استقلال القضاء فى مواجهة الهجمة الشرسة للبرلمان
الثلاثاء، 11 أبريل 2017 11:16 ص هبة جعفر
هبت نوادى ومجالس الهيئات القضائية على قلب رجل واحد من أجل الدفاع عن حريتها واستقلالها ضد مشروع لتعديل آليات اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وهو مشروع القانون الذى وصفه البعض بأنه «مشبوه» فى أهدافه.
فقد استهدف بعض رؤساء الهيئات القضائية فى حين أنه استبعد رئيس المحكمة الدستورية ومنصب النائب العام من الاختيار متبعاً سياسية «فرق تسد»، وهذا ما أكده أعضاء هذه الهيئات، والتى اختار بعضها التصعيد فى حين اكتفى البعض الآخر باصدار البيانات التى تندد وتشجب ملقين الكرة فى «ملعب الرئاسة» منتظرين الانفراجة بعودة الرئيس من الخارج عقب زيارته لأمريكا، وهذا ما أعلنه رئيس نادى قضاة مصر المستشار محمد عبد المحسن قائلا: «إن الأمر مازال بين يدى الرئيس، فهو وحده المنوط به، وفقا للدستور بعدم الموافقة على القوانين التى تعرض عليه عندما ترسل إليه من البرلمان لوأد الفتنة بين القضاة والنواب، وقد اكتفى النادى بإرسال مذكرة بأسباب رفضه للقانون لمؤسسة الرئاسة والتواصل مع بعض أعضاء البرلمان الرافضين للقانون داخل اللجنة التشريعية، ورفع النادى شعار «الحوار الرئاسى هو السبيل لحل الأزمة»، وتمنى مجلس إدارة النادى أن تحل الأزمة من خلال مجلس النواب لأن القضاة لن يقفوا مكتوفى الأيدى أمام الاعتداء على الدستور واستقلال القضاء، ولن يتنازلوا عن الأعراف والثوابت ولن يتنازلوا قيد أنملة عن استقلالهم حسب تأكيدهم، لكن فى الوقت نفسه القضاة يتحسبون خطواتهم حرصا على استقرار الوطن، ولكن النادى اكتفى بتأجيل مناقشة الموضوع لحين الانتهاء من جولات الرئيس الخارجية.
على النقيض جاء موقف نادى قضاة مجلس الدولة والجمعية العمومية لاعضائه بالرفض القاطع للقانون وعدم التواصل مع مؤسسة الرئاسة وعدم اقحام الرئيس فى خلافات تتعلق بالشأن القضائى، فقد رفض أعضاء الجمعية العمومية الاقتراحات المقدمة بتشكيل وفد من مجلس الدولة للقاء الرئيس وأن تتضمن الاقتراح تشكيل لجنة قانونية من المجلس لمتابعة الأزمة.
وكشف مصدر قضائى بمجلس الدولة كواليس رفض القضاة وأعضاء الجمعية العمومية لمقابلة الرئيس قائلاً «إن القضاة لا يلجأون إلا للدستور ولا يحتكمون إلا للعدالة ورغم أن الدستور وضع المادة 123 ونصت على تدخل الرئيس للفصل بين السلطات، كما منحه الدستور حق رفض التصديق على القوانين التى يجد بها شبهة عدم دستورية ولكن لجوء القضاة له يؤكد على التداخل بين السلطات، وهذا ما نسعى إلى تغييره وأن تلتزم كل سلطة بحقوقها وواجباتها وعليه رفضت الجمعية العمومية أن يتم اللجؤ لمؤسسة الرئاسة.
وأضاف المصدر، أن المستشار يحيى الدكرورى، رفض طلبات بعض الأعضاء بالجمعية العمومية بتصعيده لتولى رئاسة المجلس، خاصة أن فترة تولى المستشار محمد مسعود ستنتهى خلال شهر يونيو المقبل قائلاً، «إن قضاة مجلس الدولة يعرفون القانون جيداً ولا يتجاوزه ولا يمكن لهم أن يخالفوا الأعراف التى اتفقوا على الالتزام بها فحتى الآن لم تنته فترة رئاسة المستشار محمد مسعود ولا يجوز تصعيد المستشار يحيى الدكرورى، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، فالأخير أكبر من المنصب وأن يوافق على مخالفة قانون مجلس الدولة، فالمنصب لن يزيد المستشار يحيى الدكرورى ولن ينتقص منه ويكفيه فخراً أن الجميع يعلم أنه قاضٍ عدل وأعاد للدولة حقوقها لذا تقوم بمحاربته».
وأبدى قضاة مجلس الدولة والقضاء العادى اندهاشهم من استبعاد منصب الدستورية والنائب العام، معتبرين أن هذا القانون جاء من أجل شق الصف القضائى وصنع الخلاف بين الهيئات القضائية الواحدة فرئيس المحكمة الدستورية والنائب العام يتم تعيينهما وفقا لاختيار أعضاء الجمعية العمومية لهما ولا يجوز الاقتراب منهما، الأمر الذى أثار الشكوك داخل الهيئات القضائية، الأمر الذى يستبعد وجود حسن النية فى مقدم مشروع القانون.
وقال عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، إن رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد لم يعد حكمًا بين السلطات ولم يعد يرأس مجلس القضاء الأعلى، وذلك له دلالته الدستورية فكيف يختار رؤساءه، مضيفًا «لم يعد هناك فى مصر دستوريًا من له سلطة حل الخلافات التى قد تنشب بين سلطات الدولة سوى القضاء ذاته، الضمان الوحيد للعدل والإنصاف بالقسط».
وأوضح أن رئيس مجلس النواب يطبق الدستور بمعيارين، الأول فيما يخصه باختيار رئيسه، والثانى إهداره عشرة نصوص دستورية عن استقلال القضاء فى اختيار رؤسائه، فكيف يشرع مجلس النواب لاستقلاله هو ثم يمس استقلال السلطة القضائية؟».
ومن جانبه قال المستشار يوسف البهى، رئيس نادى قضاة مجلس الدولة، إن قرارات الجمعية العمومية ملزمة لكافة القضاة وعلى مجلس النواب سحب القانون والابقاء على نص اختيار رؤساء السلطة القضائية، كما هو، من خلال الاختيار بالأقدمية، بناءً على قرارات عموميات الهيئات القضائية، وعدم إقحام رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أن النص المطروح من البرلمان يعطى للرئيس سلطات أكثر مما هو موجود فى النص السابق.
واعتبر البهى، التعديلات ذريعة لبلوغ غاية، وهى العصف باستقلال القضاء، وأن تكون تقارير الأمن السبيل للتعيين على رأس الجهات والهيئات القضائية، وهذا ما لم نسمح به نهائياً.
أما نادى هيئة قضاة النيابة الإدارية فقد التزم الصمت، وقال المستشار عبد الله قنديل، رئيس النادى، إنهم قاموا بإرسال مذكرة تتضمن كافة أوجة الاعتراض المطروحة على مشروع القانون ولا نملك سوى الانتظار حتى يأتى الرد من الرئاسة قائلا «لماذا نتعجل القرارات، فالأمر لم يخرج عن كونه مشروع قانون ولم ينته البرلمان من إقراره وسننتظر لنرى ما ستسفر عنه الأيام القادمة، فقد تنفرج الأزمة دون الإلتجاء إلى الرئيس أو حلول متسرعة».