لما نعمل إيه يقف الإرهاب؟
الأحد، 09 أبريل 2017 04:18 م
هل لو خرج كل من هم في السجون، يتوقف الإرهاب؟
هل لو رجع مرسي، يتوقف الإرهاب؟
هل لو رحل السيسي، يتوقف الإرهاب؟
هل لو مصر أصبحت ولاية داعشية أو طالبانية، يتوقف الإرهاب؟
هل لو أصحبت مصر دولة تابعة تماما للغرب، يتوقف الإرهاب؟
الإجابة في كل الأحوال، لا.
ولندرس الاحتمالات السابقة كلا في فقرة واحدة بلا مقدمات طويلة.
أولا، لو خرج من هم في السجون بمنطق أنهم انتصروا على إرادة المصريين و "مرمغوا" أنف الدولة المصرية في التراب فسيكون هذا دافعا لهم لمزيد من العنف والتعامل مع الدولة بمنطق أنها عدو سهل يمكن إرغامه على تطوير استجابات تتفق مع مصالح من بيده أداوت الإرهاب. وهنا تنتهي الدولة، ويزيد العنف ويزيد الإرهاب. وسيكون مصر مصر أن تصبح دولة فاشلة.
ثانيا، لو رجع مرسي لحكم مصر ومعه كل أولئك الذين أداروا مصر لمدة سنة فلن يتوقف الإرهاب بل على العكس ستزيد فرص الاحتراب الأهلي، وربما الحرب الأهلية الفعلية لأن أعداء مرسي والإخوان، وهم الأغلبية الكاسحة، لن يقبلوا أن يحكمهم مصرين ناقصو الوطنية يفرحون لحزن المصريين، ويحزنون لفرح المصريين. وسيكون مصير مصر هو الاحتراب الأهلي الذي هو أسوأ من الإرهاب.
ثالثا، لو رحل السيسي وحل محله غيره، مدنيا كان أو عسكريا، فلن يتوقف الإرهاب لأن من يرون وجود السيسي في السلطة اليوم سببا في الإرهاب، فسيتوقعون ممن يأتي بعده أن يكون رئيسا مسلوب الإرادة منصاعا تماما لإرادة الإرهاب والإرهابيين، وإلا فسيفعلون معه ما فعلوه مع السيسي حتى يرحل. وسيكون مصير مصر في هذه الحالة هو عدم استقرار سياسي شديد تفقد معه الدولة استقلالها النسبي عن مواطنيها وجماعاتها، وتصبح مجرد ميلشيا يديرها من يستطيع أن يستخدم سلاح الإرهاب ضدها.
رابعا، لو أصبح المصريون أضعف من أعدائهم من الطلبانيين والداعشيين وأصبحت مصر جمهورية طالبانية أو داعشية أو تكفيرية تحت أي مسمى، فلن يتوقف الإرهاب لأن هؤلاء بذواتهم سيجعلون من مصر نقطة انطلاق للإرهاب ضد من يخالفونهم في التوجه سواء داخل مصر أو خارجها وستتكالب علينا الدول للنيل منا ولكسر شوكتنا لأن منطق طالبان وداعش والتكفيريين هو القضاء على المخالف أيا ما كان، وهنا سيكون الإرهاب قادما من أفراد جهاز الدولة أنفسهم وليس من الخارجين على الدولة.
خامسا، لو مصر تحولت إلى دولة مستغربة ومتغربة، أي تابعة للغرب، في توجهاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فلن يغير ذلك من حقيقة أن الإرهابي سيزداد عزلة عن واقعه الذي لا يملك معه إلا أن يدمره أو يدمر من يستطيع من القائمين عليه أو الراضين عنه أو المتكيفين معه. هنا ستتحول مصر إلى دولة فاقدة الهوية الوطنية ومجتمع متردد بين هويات متصارعة تضيع معها قدرتنا على التوافق حول حد أدنى من ثوابت الوطن.
إذن الإرهاب الواقع علينا، ليس اختيارا قرره أحد منا لنا، وإنما هو قدر وطن في أولى خطوط الحرب ضد هؤلاء الإرهابيين.
إذا كان الإرهاب عدونا، فإن الانتصار عليه هو الهدف، وتدميره هو النتيجة الوحيدة المنطقية.
مسئولية هذا الجيل من المصريين مركبة وثقيلة. عليهم أن يعشقوا وطنهم، رغما عن أن كثيرا منهم قد لا يجدون فيه الحد الأدنى مما يطمحون اليه، عليهم أن يثقوا بمؤسسات دولتهم مع علمهم أن الكثير منها معطوبة وبحاجة لإصلاحات كبيرة في نفس الوقت، عليهم أن يقدموا التعازي لإخوانهم المسيحيين في شهدائنا وهم يعلمون أن هذه ليست العملية الإرهابية الأخيرة وسيموت من المصريين، مسلمين ومسيحيين آخرون. هذا الجيل مطالب بأن يقوم بإصلاح الطائرة وهي في الجو، ولا يملك رفاهية عدم إصلاحها أو رفاهية الهبوط بها. قدرنا أن نكون في موعد مع القدر.
علينا ببساطة أن نكون مصريين بجد.
وهذا أمر يسير لمن أعرفه من المصريين.