سرقة العمر

الجمعة، 07 أبريل 2017 06:22 م
سرقة العمر
عمرو يسري يكتب

 
و كأن الحياة مستوىيين أفقيين أحدهما يعلو الآخر و من الناس من يحيا في الأعلى و منهم من هو في الأسفل و الذي  هو ملئ بالبراكين و الدوامات، الصراعات و التحديات، الزلازل و الفيضانات.
 
و كلما ازدادت الصراعات في الحياة و سرعة إيقاعها سقط عدد أكبر من الناس من المستوى الأعلى إلى الأسفل، و من الناس من يتنقل بين المستويين و منهم من يقضي معظم وقته في أحدهما و كلما استقر الكيان البشري كلما ارتقى الشخص إلى الأعلى. 
 
و تجد من يحيى في المستوى الأعلى معني بالراحة و الهدوء و الإستقرار و السكينة و الخير و التركيز على الحلو من الحياة و ما فيها و من فيها و يسعى لإيجاد حلول و يثق في الله و في نفسه و في الغير و يتعلم من أخطائه و يقبل نقد الآخرين و يحترمه.
 
و قد إختلف الفقهاء فيما إن كانت الأفضلية للحياة في الأعلى أم إن الأفضل أن تعاش في الأسفل أم أن الإنسان لا بد و أن يتنقل بينهما فكان الأخير هو الأقرب للصواب.
 
فليس منا من لم يختبر صراعات في حياته شاء أم أبى، فالصراعات تنشأ لأسباب أهمها إختيار هدف ما في الحياة كالعمل و الزواج و الطلاق و السكن و السفر ثم الإختيار فيما بين العديد من المتاح فنقول أعمل في هذه الوظيفة أم تلك و أتزوج هذا الشخص أم ذاك و أسكن هنا أم هناك و هل أعمل هنا أم أذهب لبلد آخر ثم ينتقل الصراع إلى السعي لتحقيق هدف معيّن فكأنما أنت سفينه موجهة إلى نقطة معينة لا يمكن لربّانها التنبؤ الحاد و الدقيق بما سوف يحدث حال الإبحار في المدة الزمنية المطلوبة إلى حين بلوغ الهدف و من الصراعات ما هو أقل من ذلك و دونه من ماذا أختار من مأكل و مشرب و ملبس و طريق أسلكه و شخص أكلمه و شئ أشتريه و أقتنيه و شئ أتخلص منه و أقول كذا أم كذا إلى آخره من تساؤلات لا نهائية تستهلك طاقتنا.
 
و نتساءل هل هذه هي الحياة؟ هل إحتمالنا و صبرنا على هذه الصراعات و حسن الإختيار هو الصحيح؟ فنقول في هذا أمرين. الأول أنه كلما قلل الإنسان صراعاته أو إختياراته أفسح لنفسه مجالاً أكبر للحياة كالذي يتخلص من الفائض عن إحتياجاته لكي يوفر على نفسه التشتت بما لا يستخدم و كذلك التخلص من الأشخاص التي لا تتسبب إلا في إيلام الشخص و كثير ممن يشكون من تأثير هؤلاء السلبي عليهم و لكل منا الإرادة لكي يحقق ذلك.
 
الأمر الثاني مفاده أن قوة الشخص تقع في قدرته على الإشتباك البدني و العقلي مع معطيات المستوى الثاني (مستوى الصراعات) مع الإلتزام القلبي و الروحي بالمستوى الأول (الثقة و القبول).
 
و من منا لا يستوعب هذه الحقيقة و يدرك الحياة بها يقع فريسة لأحد المستويات إما الأول فتكون حياته خالية من التحقيق و النفع أو الثاني فيصبح كالآلة لا روح فيها و لا حياة.                        

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة