حكم «الأمور المستعجلة» يشعل فتنة «تيران وصنافير» مجددا
الأحد، 02 أبريل 2017 04:16 م
جدد الحكم الذي أصدرته محكمة الأمور المستعجلة بعابدين اليوم بشأن اتفاقية تعيين الحدود بين البلدين المعروفة باتفاقية تيران وصنافير، والذي قضى بإسقاط حكم الإدارية العليا ببطلان الاتفاقية، واعتباره منعدما، فتنة «تيران وصنافير» مرة أخرى.
ووقعت مصر والسعودية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير في 8 إبريل 2016؛ بغرض الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما خاصة.
يومان فقط بين توقيع الاتفاقية، ودخولها ساحات القضاء، ففي 10 إبريل من ذات العام، اجتمع عدد من المحامين وحركوا دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، مطالبين بإصدار حكم قضائي بوقف تنفيذ الاتفاقية، واختصموا فيها رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب؛ لمخالفتهم المادة 151 من الدستور.
وأصدرت محكمة القضاء الإدارى حكما ببطلان الاتفاقية، غير أن هيئة قضايا الدولة طعنت على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، لكن الأخيرة أيدت حكم القضاء الاداري، واعتبرت الجزيرتين مصريتين.
هيئة قضايا الدولة لم تكتفي بذلك فحركت دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لا تزال متداولة حتى الآن، تطالب فيها بعدم اختصاص القضاء الإدارى في مثل هذه الاتفاقيات باعتبار إنها تعد أمور سيادية.
وفى تلك الأثناء، خرج عدد من المؤيدين للاتفاقية، ورفعوا دعوى بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، ووقف تنفيذه أمام محكمة الأمور المستعجلة على سند من القول أن المحكمة الإدارية العليا كان عليها أن تقضى بقبول الطعن أو رفضه دون أن تُسهب في تفاصيل موضوع الدعوى.
وفى هذا الشأن، يقول الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن المحكمة الإدارية العليا لم تخرج عن اختصاصها الأصيل فى كشف الحقيقة وتأسيس حكمها على اعتبارات قانونية وتاريخية تجعل للحكم قيمة في ترسيخ مبادئ الدستور في الحفاظ على أراضى الدولة.
وأضاف «مهران» في تصريحات لـ«صوت الأمة» أن محكمة الأمور المستعجلة غير مختصة بدعوى منازعة التنفيذ على الحكم الصادر من الإدارية العليا لعدة أسباب، منها عدم توافر ركن الاستعجال، وعدم وجود أى إجراءات للتنفيذ.
وأشار الى أن منازعات التنفيذ من الأحكام الصادرة من الإدارية العليا تدخل ضمن اختصاص المحكمة الإدارية العليا ذاتها بهيئة كاملة موضوعية، وبناءاَ عليه فإن الحكم الصادر من الأمور المستعجلة قد شابه العوار، ما أدى الى جعله حكماَ منعدماَ-على حد قوله-
وأوضح أن حكم اليوم سيترتب عليه أن الحكومة والبرلمان سيستغلون الحكم في الاستمرار في مناقشة بنود الاتفاقية والتصديق عليها مع غض الطرف عن الحكم الصادر من الإدارية العليا، رغم أن المنازعة الموضوعية ضمن الاختصاص الولائى للقضاء الإدارى و لا يجوز للقضاء المدنى والمستعجل أن يفتأت على قرارات القضاء الإدارى، ما يتسبب في فتنة بين المواطنين من جهة والقضاء والبرلمان والحكومة من جهة أخرى.
بينما، قال خالد على، مقيم دعوى بطلان الاتفاقية، أن حكم الأمور المستعجلة اليوم كان متوقعاَ وهو عدم الاعتداد بحكم الإدارية العليا الذي قضى ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، ما يؤكد استمرار نفس النهج بتعدى محكمة القاهرة للأمور المستعجلة وتعرضها لنظر دعوى ليست من اختصاصها بحكم الدستور، فضلاً على أن أحكام الإدارية العليا نهائية وباته ولا يجوز إيقاف تنفيذها أو إبطالها إلا بحكم آخر من الإدارية العليا، مؤكداَ أن كل من اشتغل بالقانون يعلم أن هذا السلوك غير قانوني وغير دستورى وأنها محاولة بائسة لخلق شرعية زائفة لاتفاق يتضمن تنازل عن أرض مصرية.
وأضاف «على» في تصريحات صحفية، أن الحكم سيترتب عليه أمرين:
أولاً: منح مجلس النواب غطاء لتبرير بدء مناقشته للاتفاقية بزعم أن هناك حكم قضائى من محكمة الأمور المستعجلة قضى بعدم الاعتداد بحكم الإدارية العليا، ليدعوا بعد ذلك أن الاتفاقية سارية وصحيحة ومن ثم من حق البرلمان مناقشتها.
ثانياً: الحكم يستهدف تمهيد الأرض لتقوم الحكومة بتقديم دعوى تنازع اختصاص أمام الدستورية العليا، بزعم أن الاتفاقية تعرضت لها جهتان قضائتان مختلفتان وكل منها تمسك بنظر النزاع وأصدر أحكاما مختلفة عن الأخرى، ومن ثم أصبح هناك تنازع اختصاص بين المحاكم منا يوجب على المحكمة الدستورية العليا الفصل في هذا التنازع لتحدد من هى المحكمة المختصة، ومن ثم تحديد الحكم واجب النفاذ.
فيما، أكد طارق نجيده،أحد الأعضاء المتداخلين في قضية تيران وصنافير، أنه لا توجد سلطة قضائية مهما كانت تملك إلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم القضاء الإداري ببطلان الإتفاقية .
وأضاف "نجيده" في تصريح لـ«صوت الأمة»أن حكم القضاء المستعجل اليوم بعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا هو حكم صادر من قاض جزئي في محكمة مستعجلة لا تملك المساس بأصل الحق، مؤكداَ أن الحكم غير نهائي وأمره سيكون معلقا في النهاية بطعن أمام محكمة النقض المصرية على نفس الشاكلة التي حدثت مع حكم القضاء المستعجل بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية وتم الطعن عليه بالنقض ولم يفصل فيه حتى الان .