«حواء» المتهمة بالتمرد على الله!

الأحد، 19 مارس 2017 11:55 ص
«حواء» المتهمة بالتمرد على الله!
كتب : عنتر عبداللطيف

«العصيان الأول، التمرد على الله، الخطيئة الأولى».. مسميات مختلفة لعدم إتباع آدم وحواء عليهما السلام تعاليم الله وأكلهما من الشجرة المحرمة، تم طردهما بعدها من الجنة وهبطا إلى الأرض التعيسة.

 الملفت فى الأمر أن الاتهامات متبادلة فى الكتب السمأوية بشأن آدم وحواء ومن منهما الذي  تورط فى ارتكاب هذه الخطيئة وورط البشرية جمعاء فيما تعانيه من آلام!

 الإسلام اكتفى بلوم آدم وحواء على قدر المسأواة ووجه الله حديثه إلى آدم فى سورة البقرة، بقوله تعإلى: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذه الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37).

للشيخ محمد متولى الشعرأوي، رحمه الله تفسير مغاير لهذه الحادثة الاستثنائية غير المسبوقة، بقوله: «بعد أن خلق الله آدم وأمر الملائكة أن تسجد له وحدث كفر إبليس ومعصيته أراد الله أن يمارس آدم مهمته على الأرض - حسب كتابات إسلامية - ولكنه قبل أن يمارس مهمته أدخله الله فى تجربة عملية على المنهج الذى سيتبعه الإنسان فى الأرض، وعن الغواية التى سيتعرض لها من إبليس، فالله رحمة منه لم يشأ أن يبدأ آدم مهمته فى الوجود على أساس نظري، لأن هناك فرقًا بين الكلام النظرى والتجربة».

يضيف «الشعرأوي»: «بعض الناس يقول إنها جنة الخلد التى سيدخل فيها المؤمنون فى الآخرة، والبعض الأخر قال: لولا أن آدم عصى لكنا فى الجنة، نقول لهم لا جنة الآخرة هى للآخرة ولا يعيش فيها إنسان فترة من الوقت ثم بعد ذلك يطرد منها بل هى كما أخبرنا الله تعإلى جنة الخلد، كل من دخلها عاش فى نعيم أبدي، إذن فما هى الجنة التى عاش فيها آدم وحواء؟ هذه الجنة هى جنة التجربة أو المكان الذى تمت فيه تجربة تطبيق المنهج.

وانتهى الشعراوى الى رأى هام فى هذه القضية الجدلية واستشهدت بيه عده بحوث إسلامية وهو أنه: (ليست جنة الخلد وإنما هى جنة سيمارس فيها تجربة تطبيق المنهج، لذلك لا يقال: كيف دخل إبليس الجنة بعد أن عصى وكفر، لأن هذه ليست جنة الخلد ولابد أن تنتبه إلى ذلك جيدًا حتى لا يقال أن معصية آدم هى التى أخرجت البشر من الجنة، لأن الله تعإلى قبل أن يخلق آدم حدد مهمته فقال: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الأرض خَلِيفَة (البقرة: 30).

ويرى الشعراوى حسب الكتابات الإسلامية أن" آدم مخلوق للخلافة فى الأرض ومن صلح من ذريته يدخل جنة الخلد فى الآخرة، ومن دخل جنة الخلد عاش فى النعيم مخلدًا، كما جعلهما الله يمران بتجربة عملية بالنسبة لتطبيق المنهج وبالنسبة لإغواء الشيطان .وحذرهما بأن الشيطان عدو لهما ".

أما فى المسيحية فيقول الأنبا بيشوى مطران دمياط فى كتابه «طقس معمودية الأطفال» إن قرار الكنيسة بعدم تعميد الطفل قبل ولادته بـ ٤٠ يومًا وتعميد البنت بعد ولادتها بـ ٨٠ يومًا جاء لأن الشريعة فى العهد القديم تنص على تطهير المرأة بعد ٤٠ يومًا فى حالة المولود الذكر و٨٠ يومًا فى حالة المولود الأنثى، وإلى أن ألفرق فى عدد الأيام بين الذكر والأنثى يعود لأن «حواء» حملت ذنبها وذنب زوجها آدم الذى أغرته بالعصيان». 

ويقول الإنجيل: «فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعين وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلّت رجلِها أيضًا معها فأكل»، والمقصود بالمرأة حواء فهى أصل الغواية الأولى.

بعد الخطيئة، انفتحت أعين آدم وحواء وعلما أنهما عريانان- حسب كتابات كنسية- وبدأ آدم يشعر بالخجل، وأراد أن يخفى عريه، فاختار أكبر ورق شجر (أوراق التين) لكى يكسو بها نفسه، صنع آدم وحواء لأنفسهما مآزر (وفى بعض الترجمات صنعا لأنفسهما مناطق، وكلمة منطقة تعنى مجرد أنه يغطى وسطه هو وحواء).

لقد سرق لباس البساطة ولباس الطهارة والنعمة من أبونا آدم وأمنا حواء، فهما مثالًا لفئة من الناس سرق الشيطان ثوب النعمة منهم، وحأول آدم أن يستر عريه، كما هو الحال عندما يشعر بنى البشر بضعفهم وخطيئتهم فيحأولوا أن يستروا عريهم وخطيئتهم بمحأولات فاشلة، ولكن مإذا حدث لآدم؟ بمجرد ظهور الشمس جفت هذه الأوراق (أوراق التين التى ستر بها عريه) وسقطت.

وعندما ناداه الرب رد: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِى الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّى عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ» (سفر التكوين 3: 10)، لم تفلح طريقته البشرية فى تغطيته من عريه لأنه يزال يشعر بالعري، الإنسان الصادق مع نفسه يعرف تمام المعرفة أن: «خارج دائرة المسيح سيظل يشعر بعريه مهما عمل من أعمال بر وأعمال صلاح» أى أنه «سيظل الإنسان يشعر بعريه طالما هو خارج الصليب». وفق المسيحية.

وتحكى التوراة «الغواية الأولى» وكما جاءت فى سفر التكوين: وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التى عملها الرب الإله، فقالت للمرأة: أحقًا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة، فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التى فى وسط الجنة فقال الله: «لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموت»، فقالت الحية للمرأة: لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت – حواء- من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعرفا أنهما عريانان، فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر.

تقول آية أخرى من سفر التكوين: «وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كوأحد منا عارفًا الخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضًا ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التى أخذ منها».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة