المظلومون في الأرض.. «عزبة الصعايدة» هنا تنتهي الحياة
الأحد، 19 مارس 2017 07:00 صسهى الباز
عزبة الصعايدة بالشرقية.. خارج التاريخ.. خارج الحسابات.. ففور دخولك هذه القرية تشعر بأنك تعيش في القرون والوسطى، فالبيوت مبنية من الطوب اللبن والطوب الجيري، وحالة الفقر واضحة على أهالي القرية التي سقطت من حسابات الحكومة، فلا توجد طرق ممهدة ولا خدمات صحية ولا اجتماعية، جميع أهالي القرية البالغ تعدادهم خمسة آلاف يعانون نقص التعليم بسبب غياب المدارس، داخل القرية التي ينتشر فيها الزواج المبكر.
تقع عزبة الصعايدة في جنوب الحسينية بـ35 كيلو في محافظة الشرقية، وأطلق عليها هذا الاسم؛ لأن أهلها أُجبروا على التهجير من محافظة قنا على خلفية صراعات ثأرية مع عائلة الرشايدة وإحدى العائلات الأخرى بقرية المحروسة بقنا، حيث أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارًا بتهجير 100 أسرة من عائلة الرشايدة من القرية حقنًا للدماء، وتم نقلهم جميعًا إلى قرية الفتح على مساحة 500 فدان، وتم تخصيص خمسة أفدنة لكل أسرة، ومنذ التهجير إلى الآن فرضت عائلة الرشايدة على نفسها العزلة وأصبح لها قانون خاص بها، فدخول القرية لا بد أن يكون بإذن مسبق وغير مسموح لبنات القرية الزواج من خارجها والخلافات لديهم تحل عن طريق الجلسات العرفية.
يقول كبير القرية الشيخ بكري نجار من عرب الرشايدة، 70عامًا، في عام 74 نشبت بيننا وبين عائلة أخرى بقنا، وتحديدًا في المحروسة، خلافات ثأرية كبيرة فقرر الرئيس السادات تهجيرنا من قنا، وجئنا لقرية فتح، ولم يكن فيها منزل واحد ولا أي خدمات سوى غرف بدائية أنشأتها الدولة من الطوب اللبن يسكن بها كل عائلتين في غرفة، مضيفًا ظللنا خمس سنوات على تلك الحالة، ولم يزرنا مسؤول واحد منذ عام 74 إلى اﻵن، ولم نعرف حرفة غير الزراعة، فلا يوجد موظف واحد في القرية بأكملها.
وتابع الشيخ بكري، نحن «مدفونين بالحياة»، فلا توجد وحدة طبية ولا طبيب مقيم، فإذا مرض أحد نعاني الأمرّين في الوصول إلى أقرب وحدة صحية بالحسينية على بعد 35 كيلو، ولا توجد وسيلة مواصلات أو طرق ممهدة، وكثيرًا ما يتعرض المرضى بالقرية إلى الوفاة؛ بسبب عدم تواجد مستشفى بالقرية، لافتًا إلى تبرع أهالي القرية بجزء من أراضيهم لإنشاء مستشفى إلا أن التجاهل هو الرد الرسمي من الحكومة إلى الآن.
ويقول حسان بكري، نعاني الجهل؛ بسبب غياب التعليم، فلا توجد مدرسة واحدة بالقرية وأقرب مدرسة توجد بقرية «بحر البقر»، وتبعد عنا بمسافة 11 كم، مما دفع العديد من أهالي القرية بالأحجام عن فكرة التعليم.
ويضيف محمد حسين، من أهالى القرية، أن صعوبة الحياة لم تقف عند غياب خدمات الصحة والتعليم، بل امتدت إلى انعدام الخدمات الاجتماعية والاقتصادية فهل يُعقل أن القرية لا توجد بها أسواق وأقرب سوق يقع بمدينة الصالحية على بعد 11 كيلو.
وتقول «ن .ب»، إحدى سيدات القرية التي رفضت ذكر اسمها: «أنا مكملتش تعليمي وأهلي طلعوني من المدرسة وتمت خطبتي لشاب من القرية مكملش تعليمه» مضيفة أن «كل البنات هنا في سن 12 و13 بيتم زواجهم واللي بتوصل 18 من غير خطوبة دي خلاص بقيت عانس، وما نعرفش حاجه هنا عن النت والكمبيوتر».