«القاعدة» تظهر مجددًا في «سيناء» باسم «الجيش الإسلامي الحر»
الأربعاء، 15 مارس 2017 07:10 مكتب- هشام السروجي
يرتدون زيًا باكستانيًا، جلباب قصير أسود اللون أسفله بنطال أبيض، يحملون رشاشات «كلاشينكوف»، فجاة ظهورا من وسط الكثبان الرملية على الطريق الدولي «نخل-وسط سيناء»، يستوقفون سيارة «ميكروباص» يستقلها 5 ركاب، يطالبونهم بإظهار بطاقات الهوية، فيجدون بينهم 2 أمناء شرطة، ينزلونهم من السيارة ويطلقون عليهم النيران، ويطالبون السائق «طارق» بإكمال طريقه بالركاب الأخرين، بعد أن أخبروه والركاب أنهم «الجيش الإسلامي الحر»، هذه الواقعة التي شهدتها منطقة وسط سيناء، منذ أيام جاءت كنذير عن عودة تنظيم القاعدة للظهور مرة أخرى فى شبة جزيرة سيناء، بعد أن أنسلخ فرعه «التوحيد والجهاد» عنه فى 2013، معلنًا عن مبايعة زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي.
سيطرة القاعدة على الجماعات التكفيرية في سيناء لم ينتهي، بل اختفي لبعض من الوقت حتى تنتهي موجة «داعش»، أو تسنح الفرصة لظهوره مرة أخرى، مثلما حدث فى عددا من الدول العربية والأفريقية، وتؤكد مصادر قبلية – طلبت عدم ذكر اسمها- أن عددا من المنتمين للقاعدة في سيناء تحت أسم «التوحيد والجهاد» عادوا للظهور مرة أخرى، بعد أن انضم لهم ما يقرب من 50 منشق عن «أنصار بيت المقدس» التي بايعت تنظيم داعش في 2013، وبداوا التحرك في مناطق وسط سيناء، التي كانت تعد معقلهم الأساسي قبل ثورة يناير، منذ ما يقرب من 3 شهور، بعد أن استشعروا ضعف منافسهم أنصار بيت المقدس.
تتخذ هذه المجموعة من منطقة وسط سيناء، نقاط إنطلاق لعملياتها، وهي نفس المناطق التي داهمتها قوات الأمن بعد العمليات الإرهابية التي استهدفت السائحين الاجانب فى جنوب سيناء –نويبع وطابا وشرم الشيخ- عامي 2004 و 2005، من مجموعة الطبيب خالد مساعد المؤسس للتوحيد والجهاد في شبة جزيرة سيناء.
وتقدر المصادر القبلية عدد عناصر «جيش الإسلام الحر» حسبما أطلقوا على أنفسهم، بحوالي 80 عنصرًا، من خلال تحركاتهم بسيارات دفع رباعي –نصف نقل- مطليه باللون الأصفر كتمويه للطائرات العسكرية وعناصر الرصد الأمني للأجهزة الأمنية المصرية.
وفي نفس السياق رجحت مصادر أمنية مطلعة، أن ثمة تحالف بين التنظيم المذكور وبين الخلايا النوعية الإخوانية، التي تبنت عددا من العمليات الإرهابية، مثل حركات حسم ولواء الثورة وغيرهم، مشيره إلى أن التضييق الأمني والضربات الاستبقائية لهم، في محافظات الوادي والدلتا، جعلتهم يبحثون من ملاجئ إختفاء، وهو ما توفر لهم في مناطق سيناء الوعرة.
وأوضح المصدر لـ«صوت الأمة» أن الخلايا النوعية تحاول إلا تندرج تحت لواء «داعش» للحفاظ على الهوية الإخوانية على مستوى القواعد المنضمين لهم، وإلا تنسب العمليات للتنظيم، وهو ما قد يتوفر لهم بقدر كبير فى التحالف مع فلول القاعدة التي تحاول العودة للمشهد، بعد حالة الضعف والحصار التي يعاني منها أنصار بيت المقدس، نتيجة الضربات الأمنية الموجعة نهاية عام 2016، وما يعزز من فكرة التحالف أنه كان هناك تواجد كبير لأنصار جماعة الإخوان الإرهابية فى سيناء، وكانوا يسعون للسيطرة على أجهزة الدولة التنفيذية فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ومنهم من أنضم لأنصار بيت المقدس بعد ثورة 30 يونيو، ومنهم من هرب وآخرين أنضموا لكتائب الاخوان الارهابية التي أسسها القيادي محمد كمال.
كل هذه المعطيات تشير وبقوة الى تحالف إخواني مع القاعدة فى سيناء، ومحاولة ركوب المشهد الإرهابي واستغلاله ورقة ضغط على مؤسسات الدولة المصرية.
خفوت «القاعدة»
عندما أُصيبت شبة جزيرة سيناء بحالة سيولة أمنية عقب ثورة يناير 2011، وجدت التنظيمات الخاملة فرصة ذهبية لأن تعود لممارسة نشاطاتها المسلحة لتطبيق أجندتها الإيدلوجوية في سيناء، حتى تجمعت تحت لواء (مجلس شورى المجاهدين – أكناف بيت المقدس) بقيادة الزعيم الثاني لـ"التوحيد والجهاد" محمد حسين محارب والمكني بأبو منير، وتلاميذه النجباء –محكوم عليهم بالإعدام غيابيًا فى قضية اقتحام السجون وتهريب قيادات الإخوان- كمال علام وأحمد زايد الجهيني وغيرهم، ودُشن هذا التنظيم الجامع على أفكار القاعدة وبيعة زعيمه «أيمن الظواهري»، لكن سرعان ما لمعت فكرة بيعة داعش في أذهانهم، ورسخها عناصر جديدة العهد بالعمل المسلح، أمثال شادي المنيعي وعادل حبارة، الذين تعرفوا على بعض ممن سافروا للإنضمام إلى داعش في سوريا والعراق بعد أن هربوا من السجون أو حصلوا على عفو رئاسي من المعزول مرسي، وعملوا على إقناع قيادات التوحيد والجهاد على تقديم البيعة خاصة بعد سقوط نظام الحكم الإخواني في مصر، حيث خشوا غياب الدعم اللوجستي والاستراتيجي الذين كانوا يتلقونه من الجماعة الإرهابية.
وكانت البداية بمواربة تنظيم أكناف بيت المقدس عن المشهد، بعد واقعة إغتيال إبراهيم ناصر بريكات عويضة، عبر لغم أرضي استهدف دراجته النارية فى منطقة وسط سيناء مركز الحسنة قرية “خريزة”، بمعرفة عناصر من الموساد الاسرائيلي، حسب اعترافات منيزل محمد سليمان سلامة المتورط في تسهيل دخول ضباط الموساد وزرع اللغم في طريق منيزل، بعدها بدأ ظهور أسم «أنصار بيت المقدس» ككيان مستقل عن فكر القاعدة، حيث غاب عن أجندته استهداف الاراضي المحتلة، وتوجيه سلاحة الى الداخل المصري، في أول عمليه لهم وهي مذبحة رفح الأولي في شهر رمضان الموافق مارس 2012.
اغتيال وانقلاب
هروب العناصر التي أصرت الحفاظ على بيعة الظواهري ورفض الإنضمام لداعش، لم يكن من فراغ، حيث أن الصراعات والتحولات الداخلية في التنظيمات التكفيرية بسيناء بعد مطالبتهم بالبيعة، وصلت لدرجة اغتيال الرافضين وتصفيتهم، ولعل غموض مقتل محمد فريج زيادة أحد منتجات تلك التحولات، حيث كان زيادة من الموالين للقاعدة قلبًا وقالبًا، ورفض أن ينقض التنظيم بيعة الظواهرى، لينضم إلى «داعش»، وعمل زيادة لفترة شهور خارج هيكل التنظيم مع مجموعة من مؤيديه، في حين تولى «شادي المنيعي» مهام أمير الجهاد بديلًا عنه، حيث كان للأخير دور بارز في التواصل مع «داعش» عبر «عادل حبارة» المنتمي لامتداد نفس القبيلة شادي– السواركة – الذي نجح في توصيل واستقبال الرسائل من وإلى داعش، حتى لقى زيادة مصرعه، فتحول التنظيم كلية لمبايعة داعش، في هذا الوقت وحسب حديث «س.م» مصدر قبلي من الشيخ زويد، رجح فلول التوحيد والجهاد أن يغيبوا عن المشهد، بناء على طلب قياداتهم خارج مصر، حتى تتحين لهم فرصة العودة، بعد أن اصبحوا مستضعفين بين الاغتيال أو المطاردة.