تحليل: على نيجيريا التخلص من مخاوفها وتقتدي بمصر في تعويم الجنيه

الأربعاء، 08 مارس 2017 12:55 ص
تحليل: على نيجيريا التخلص من مخاوفها وتقتدي بمصر في تعويم الجنيه
تعويم الجنيه

عومت مصر الجنيه لحل مشكلاتها الاقتصادية وقبلها الأرجنتين وروسيا، وعلى نيجيريا أن تحتذي بالتجارب السابقة في الأسواق الناشئة، وتقبل بتعويم سعر الصرف.
 
وقد خطت نيجيريا خطوة نحو تخفيض قيمة عملتها في مواجهة الركود الاقتصادي والنقص الشديد في الدولار والعجز في تمويل الميزانية، ورفض المقرضين الدوليين إقراضها.
 
وانخفضت العملة النيجيرية أمس الإثنين إلى 375 نايرا مقابل الدولار بالمقارنة مع سعر الصرف الرسمي 305 نايرا، رغم أنها لاتزال أعلى من مستواها في السوق السوداء الذي بلغ نحو 450 نايرا.
 
وسبق أن شهدت الأسواق الناشئة مثل هذه الأزمات المرة تلو الأخرى مع اضطرار الدول للتخلي عن ربط العملة وهو ما يحدث في كثير من الأحيان بعد مقاومة على مدى أسابيع وربما شهور تؤدي إلى نضوب احتياطيات البنوك المركزية وتدفع الاقتصاد إلى هبوط مفاجيء.
 
غير أن حالة نيجيريا نفسها تظهر أن إصلاح العملة لا يمكن أن يتم بفتور، ففي يونيوالماضي خفضت السلطات النايرا بنسبة 30 في المئة لتعود الأزمة بعد فترة وجيزة، وفي غضون أيام عاد الاحتفاظ بالدولار وعاودت السوق السوداء في العملة الظهور وسرعان ما تبدد انتعاش سوق الأسهم.
 
وقال حسنين مالك رئيس وحدة استراتيجية الأسواق المبتدئة بشركة إجزوتيكس في دبي: «المسألة الأساسية لنيجيريا هي الانتقال إلى مرونة ملائمة للعملة لا تخفيض قيمتها في حد ذاته، وتخفيض قيمة العملة في يونيو 2016 يبرهن على ذلك».
 
وأضاف «أغلبية المستثمرين من المؤسسات الأجنبية لا يمكنهم تخصيص أموال جديدة للاستثمار في نيجيريا إذا كانت ستظل حبيسة القيود على رؤوس الأموال».
 
إلا أن المحللين يقدرون أن نيجيريا ستعمد مرة أخرى لإضعاف قيمة عملتها والإحجام عن التعويم الحر مع الاحتفاظ بالقيود المفروضة على دخول الأموال إلى البلاد والخروج منها.
 
وسيحتم ذلك عقد مقارنات مع مصر التي بدأت تحصد فوائد قرارها في نوفمبر الماضي بعد تعويم الجنيه وتخفيف القيود على حرية انتقال رأس المال.
 
ومن الدول الأخرى التي اتجهت للتعويم الحر لعملاتها دون فرض قيود على حركة الأموال في السنوات الأخيرة الأرجنتين عام 2015 وروسيا عام 2014.
 
وقال جورج بيرش ريناردسون مدير الصناديق بشركة سومرست كابيتال، التي لا يوجد في محفظتها الاستثمارية سوى سهم نيجيري واحد، إن «تخفيض قيمة العملة سيحدث في نيجيريا لكن التعويم مستبعد وإن كان التعويم هو التصور الأمثل».
 
وكان ريناردسون باع معظم استثماراته في نيجيريا في نوفمبر الماضي غير أنه لم يستطع تحويل الحصيلة للخارج إلا في الأسبوع الماضي، ورغم أن خفض قيمة العملة قد يعمل على الحد من نقص الدولار بصفة مؤقتة فقد قال «لا أحد يهتم حقا بالاستثمار هناك».

التعويم مثل مصر

كشف انهيار أسعار النفط في منتصف عام 2014 نقاط الضعف الاقتصادي في نيجيريا التي كانت تنعم قبل ذلك بإقبال شديد من المستثمرين على إفريقيا.
 
ففي منتصف عام 2013 كان الأجانب يحتفظون باستثمارات تبلغ 11.6 مليار دولار في أوراق الدين النيجيرية أي ما يعادل ربع إجمالي الدين النيجيري وكانت استثماراتهم في الأسهم النيجيرية 10.3 مليار دولار.
 
وفر جانب كبير من هذه الأموال للخارج بعد فرض القيود الرأسمالية في 2015، وبحلول أكتوبر الماضي كان حجم التداول اليومي على الأسهم يبلغ ثلث مستواه عام 2013 وأظهرت بيانات سوق الأسهم أن نصيب الأجانب منه انخفض بمقدار النصف من 70 في المئة.
 
وستنخفض هذه النسبة أكثر من ذلك إذا نفذت مؤسسة «إم. إس. سي. آي» للمؤشرات تهديدها بإسقاط نيجيريا من مؤشرها الرئيسي للأسواق المبتدئة.
 
وكانت نيجيريا قد فقدت بالفعل مكانتها على مؤشر Jجي. بي. آي-إي. إم» للأسواق الناشئة الذي يمثل معيارا للصناديق التي تدير استثمارات تبلغ نحو 200 مليار دولار.
 
وقال مالك إن مصر تبين لنيجيريا لماذا يتعين عليها أن تقبل المحتوم فيما يتعلق بإصلاح العملة.
 
فقد انخفضت قيمة العملة المصرية بمقدار النصف بعد التعويم وارتفع التضخم بشدة. غير أن العملة ارتفعت فيما بعد 20 في المئة عن مستوياتها المتدنية وبدأت الودائع المصرفية تنمو وقفزت التحويلات بمقدار الخمس في الأشهر الثلاثة التي أعقبت التعويم مقارنة بالفترة المقابلة من العام السابق.
 
وبدأ المشترون ينجذبون مرة أخرى للأسهم والسندات المصرية التي كانت من الاستثمارات المفضلة لدى المستثمرين قبل الربيع العربي عام 2011.
 
ورغم ما تواجهه روسيا والأرجنتين من صعوبات فقد بدأتا تستقبلان تدفقات مالية وعادت الأرجنتين إلى مؤشرات الأسهم والسندات الرئيسية هذا العام.
 
وأضاف مالك «ما توضحه حالة مصر أن الأموال الأجنبية مرتاحة لتسعير المخاطر والعودة إلى سوق ما عندما تتوفر فيه للجميع السيولة وسوق عاملة للعملة الأجنبية».
 
وعلى النقيض من مصر فلن تقبل نيجيريا برنامجا يشرف عليه صندوق النقد الدولي فهي تفتقر لحجم الاحتياطيات التي تتمتع بها روسيا كما أن الرئيس محمد بخاري ليس لديه الرغبة في اتباع السياسات الاقتصادية الرشيدة التي نفذها نظيره الارجنتيني منذ عام 2015.
 
غير أن من العوامل الإيجابية أن الدين الحكومي النيجيري يعادل 15 في المئة من الناتج الاقتصادي السنوي بالمقارنة مع 86 في المئة في مصر وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.
 
كذلك فإن ميزان المعاملات الجارية لديها متوازن تقريبا الأمر الذي يضعها في وضع أفضل من مصر التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل عجزا يبلغ خمسة في المئة هذه العام.
 
وتشير شركة رينيسانس كابيتال على سبيل المثال إلى أن القيمة العادلة للنايرا تبلغ نحو 365 نايرا مقابل الدولار بناء على تحليل لفترة 20 عاما من أسعار الصرف المعدلة وفقا للتضخم مقابل عملات الشركاء التجاريين.
 
وقالت شركة رينكاب إن الفارق في قيمة العملة النيجيرية في السوق السوداء يرجع إلى «أزمة ثقة»، ولذلك فإن انخفاضا كبيرا أوليا في قيمة العملة في أعقاب خفض قيمتها قد يعقبه انتعاش ما أن ينتهي البنك المركزي من تلبية الطلب المتراكم على الدولار.
 
ويشير ريناردسون من شركة سومرست إلى أن مستوى التضخم البالغ 20 في المئة في نيجيريا على النقيض من الأرجنتين ومصر وروسيا يعكس بالفعل على الأرجح آثار قيمة أقل للنايرا لأن الشركات عمدت إلى تحميل التكلفة الأعلى الناتجة عن أسعار الصرف في السوق السوداء على المستهلك.
 
وأضاف «أعتقد أن المستثمرين الأجانب سيتدفقون مرة أخرى بالتأكيد إذا ما حدث تعويم مع تخفيض قيمة العملة».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة