برطمان صلصة
الجمعة، 24 فبراير 2017 09:10 ص
في قديم الزمان في سالف العصر والأوان
يُحكي أنه كان هناك كائن يُدعي «فتحي» يعيش مع ما يشبهونه من الكائنات الفتحاوية.. يخرج صباحا كل يوم ليصطاد اللحم.. ثم يهمّ بلعب كرة القدم مع باقي اصدقائه الفتحاويين.. ولا يُعكِّر مزاجه سوي ألم إرتطام إصبع قدمه الصغير بكرة القدم الحجرية.. أو فرار صيده الثمين علي حين غرة..
وفي صباح يوم مشمس جميل.. خرج كعادته فحدثت المصادفة وأصاب سهم كيوبيد قلبه.. عندما قابل لأول مرة كائن غريب جميل المظهر بهيّ الصورة لا يشبهه، وأن كانت تاء التانيث تُزينَه.. فأنبهر وطار عقله، ووجدها تمسك «ببرطمان صلصة»، تحاول جاهدة أن تفتحه دون جدوى.. فانحني لها قائلا بصوت خفيض: -تسمحي لي من فضلك.. اساعدك..
نظرت له «بأرف»، واضح نظرا «لبوهيميته» وطوله الفارع وشعره المنكوش.. مُحدِّثة نفسها وهي مشمئزة: «مين ده.. يع بجد»
ثم تحدّته قائلة:- مش حتعرف تفتحه.. إذا كنت أنا معرفتش..
فلما أصرّ.. أعطته له.. ففتحه بمنتهي السهولة.. وإذا بها تنظر له مذهولة..
وتبدلت «اليع» بـ:- وااااااو.. إزاي عملت كده؟
نظر لها الكائن الفتحي فخورا بذاته وبدأ في إستعراض عضلاته مُستشعرا إحساس لم يشعر به من قبل مع أصدقائه.. إحساس بالسعادة لا مثيل له..
وبينما هو كذلك ..
استئذنته وهي هائمة نظرا لضرورة ذهابها لتحضير «المكرونة بالصلصة» لباقي الفوزيات
وقبل ان تنصرف شكرته بشدة.. فشعر هو تجاهها بمنتهي اللهفة.. أنا أساعدها.. هي تُقدِّر مساعدتي لها أنا رجلها.. شعرت هي أيضا بشعور لم تعهده من قبل مع الفوزيات.. شعرت أنه بمساعدته وكأنه سندها.. شعر كلا منهم أنه يكمل شيئا ما كان ناقصا في أعماق روحه..
فلما ذهبت لصديقاتها وحكت لهن.. أثارت فضولهن.. وقررن جميعات الذهاب لنفس ذات المكان الذي قابلت فيه فوزية «فارسها الهمام.. فاتح البرطمان»..
وجدته وقبيلته الفتحاوية ينتظرون قدومهن وكأنهم على ميعاد.. وكانت سعادتهم غامرة كلما رأوا نظرة إنبهار الفوزيات بصيدهم الثمين.. هي تحبني وأنا أحبها.. ومن يومها.. عاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات..
حتي ..
جلست بجانبه فإذا ما تاه.. أرشدته طريقه:- أيووه أدخل شمال في يمين.. إزاي مش عارف الطريق!! طيب ما تسأل حد!!
وإذا ما أخطأ أنبته كطفلها الصغير:- إزاي تعمل كده؟؟ إزاي تنزل تشتري كل ده.. هو أنا طلبته منك؟؟!!
وإذا ما أحضر لها لحما لذيذا مشويا من عند «الكبابجي».. لم تنبهر كأمها الفوزية الأولي.. بل نظرت له قائلة ببرود:-تمام حأخلص المواعين وأجي عشان ناكل..
وإذا ما أنجز في عمله.. لم يري شغفها به في عينيها.. قد يكون لانها سبقته وأنجزته..
أدرك هو نظرتها فأحس لا واعيا بضعفه أمامها.. وأنه فقد شيئا مهما، فقدت هي معه بهائها..
ومع ضعف تقديرها.. ضَعُف تقديره لها.. وهلم جرا هكذا ساروا في حلقة مفرغة..
حتي إنتهي بهم الأمر يتنافسا فيتعاركا.. بدلا من أن يتكاملا فيتقاربا..
والفوزية إذا ما تنافست مع الكائن الفتحي.. صارت في نظره كابيه الأول.. كائن فتحي مثله..
فصرف نظره عنها.. وانصرف يبحث عن ما يكمله..
عن فوزية لا تقدم له استشارات مجانية لكيفية فتح برطمان الصلصة من عينة:
- ممكن تقرب البرطمان من النار.. ممكن تستخدم السكينة عشان تفصل الغطا.. ممكن تضغط عليه جامد بالطريقة ديه..
تشتت ذهن فتحي ولكنه لم يشتكي..
فقط.. فقد شعوره المعتاد بالحماس تجاهها.. وتجاه مساعدتها.. فالتفت تسأل نفسها بعد شعورها بخيبة أملها في زواجها:
- ليه معدتش بتحبني زي زمان؟؟
فلم يجيب الكائن الفتحي.. ربما لأنه لم يدرك بعد بعقله الواعي حاجاته الأولية للشعور بتقديرها له.. الذي يكون ترجمته أنها تحبه..
فطبقا لهرم ماسلو كل الإنسان يحتاج لأن يصبح محبوبا..
وطبقا لقاموس «فتحي - فوزية».. «فوزية - فتحي»: يختلف نوعية الإحتياجات التي يدرك بها الكائن الفتحي أنه محبوبا عن نوعية الإحتياجات التي تدرك بها الكائن الفوزية أنها مازالت محبوبة..
في مقالي السابق تحدثت عنكِ يا فوزيتي الجميلة عن إحتياجك أن تكوني مسموعة.. لكي تشعري أنكِ محبوبة..
و«فارسك الفتحاوي» يحتاج أيضا منك أن تتجنبي الـ 5 أخطاء التاليين لكي يظل يشعر أنه مازال منكِ محبوبا:
1- توقفي عن نصحه طالما لم يطلب منكِ النصيحة..
بطلي تعامليه كأنه طفلك المدلل..
2- توقفي عن محاولات تغييره أو تعديل سلوكه.. تقبليه كما هو..
مش حيتغير وحيحس أنك مش بتحبيه.. وحيبعد عنك..
3- توقفي عن الشكوي من الحاجات اللي معملهاش لكِ..
ركزي أكتر على تقدير ذاته بالحاجات اللي عملها..
4- توقفي عن نقده المستمر على قرارته الغلط وتذكيره الدائم بها..
إفتكري هو محتاج لدعمك علشان يقدر يدعمك.. ويَعْبُر أزمة قراره الغلط ده..
5- لا تنهالي عليه بأسألة فجائية ذات أصوات عالية حادة..
إزاي تعمل كده؟؟ مفكرتش في عواقب كذا؟؟
عزيزتي كل «فوزية»:
هو ليس مجرد «برطمان صلصة».. هو صوتك الرقيق الذي ينادي قوته فيُشبِع حاجاته الأولية التي جُبِل عليها.. هو جزء من تكوينه هذا الذي يتكامل مع تكوينك..
هو نظرة إنبهارك.. هو صوتك الذي «يزغرد» لفتحي كلما أتي لكِ بصيدٍ ثمين من وجهة نظره.. وإن لم يكن بالنسبة لكِ كذلك..
هو «أنتِ» التي تُكمِلين ذاته.. و«هو» الذي يُكِمل ذاتك..