لماذا لا نتفاءل؟
الأحد، 19 فبراير 2017 01:03 م
لماذا لا نتفاءل؟ والتفاؤل شعور بالانشراح والثقة في التغيير للأحسن دائمًا، وهو يعطي صاحبه دفعة للحركة في اتجاه الخير من الفعل والقول واليقين، فالتفاؤل في ذاته نعمة، لأنه ينتقل بصاحبه مهما تقلبت عليه الظروف من وضعه إلى وضع أفضل.
وعكسه التشاؤم، الذي يصاحبه دائمًا شعور بغصة، وشك مستمر، وتكاسل وتراخي، وفي بعض الأحيان خوف.
وللتفاؤل فوائد كثيرة؛ تتسبب في تحسين شكل الحياة، ومضمونها، فحياة كل إنسان منا نتيجة لمجموعة من الأفعال وردود الأفعال، والأفعال نتيجة للقرارات والاختيارات الناتجة عن التفكير.
فإن كان التفكير مصاحب بالتفاؤل، كان صاحبه واثقًا في تغيير حياته في المستقبل للأفضل، لأنه يتسبب في فتح أفق وطرق جديدة في خيال الشخص لحل مشاكله وزيادة مكاسبه إلخ.
فالمتفائل يجد حلولًا أكثر لإدارة صراعات حياته، ومهما تثاقلت همومه وتكاثرت لا يكل من البحث عن طرق جديدة يسعى من خلالها لتخطي الأزمات وتكون مظلة التفاؤل العنصر الجاذب لإيجاد هذه الحلول في حين أن الحال يضيق بالمتشائم فيستسلم لكل ما يستجد من صعوبات وصراعات فتتراكم وتتكاثر إلى أن يعجز الشخص ويزداد تشاؤمه بزيادة مشاكله، أما المتفائل فلسان حاله «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت»، ويقول «أشد لحظات الظلمة هي التي تسبق بزوغ الفجر» وإن كان من المتفائلين الأكثر حكمة وجد في داخل مشاكله ما ينفعه، فينتفي عنده حينئذ من المشكلة صفتها، وكانت كل تجاربه في الحياة ذات نفع وكان كل موقف يتعرض له ذو قيمة مضافة ويرتقي بهذا المتفائل إلى طبقة الراضين السعداء.
ويصاحب التفاؤل استمرار المحاولات حيث لا يستسلم المتفائل إلى أن يصل لمبتغاه، وُيقال «أنت لا تفشل إلا عند الوقوف عن المحاولة».
وتساءل المشككون على مر الزمن عن كيفية التفاؤل مع ضيق الحال وسوء الظروف، وكأن التفاؤل أمر ثانوي يعتمد على ظروف خارجية كتابع لها مع أننا لو أمعنا النظر لوجدنا أنه لكل منا نصيبه من النقص، والألم والعجز والعوز والكبد وكان الرد عليهم باستحالة الاحتياج للتفاؤل إن لم تكن هذه الأحوال موجودة عندنا لأن التفاؤل هو إحساس يقيني ينبع من عمق الكيان البشري بأن الحال سوف يتغير مما هو عليه الآن إلى ما هو أفضل، فنستنتج لذلك أن التفاؤل سمة أوَليِة يتخذ فيه العاقل قرارًا بأن يتبناه لكي يتقدم في حياته مما هو عليه للأفضل.
أما عن تأثير التفاؤل الاجتماعي على صاحبه، فيكون الشخص أكثر قبولًا عند الآخرين، لأنه دائمًا ما يحرك الاتجاه الجمعي للتفكير في طريق البحث عن حلول بحكم عادته ولا يقبل الهزيمة بسهولة ويكون عادة كريم النفس، فيشعر من حوله بالطمأنينة وتكثر علاقاته وحب الناس، وإكبارهم له، ويراه الناس قوي، ويميل للحق عن الباطل، لأنه كما أشرنا يجد حلولًا أكثر لنفس المشكلة إذن هو ليس بحاجة لأن يكذب أو يتحايل أو يراوغ.
ويعتبر مرض الاكتئاب النفسي من الأمراض التي يتسم المصاب به بالتشاؤم كعرض أساسي من أعراض المرض، ويخطئ الكثيرون من المحيطين بالمريض الظن بأن ما فيه المريض هو ضعف إرادة، أو بعد عن طريق الله، فتكون النتيجة زيادة الضغط النفسي على المريض، ومن ثم الأعراض وكان الأدعى، والأولى أن يبدأ المريض العلاج، فيشفى بإذن الله، ويستعيد قدرته على الاختيار، ولعلنا كلنا نضم التفاؤل لمنهج حياتنا فننهض بأنفسنا ومجتمعنا.