«نيويورك تايمز» تكشف موقف أمريكا من جماعة الإخوان
الخميس، 09 فبراير 2017 10:48 ص
يناقش مستشارو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا يهدف لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية أجنبية، وذلك بعد أن قاوم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ضغوطًا عديدة لأتخاذ خطوة مماثلة أثناء فترة ولايته.
وتقول صحيفة «نيويورك تايمز»، إنه رغم نبذ الجماعة للعنف رسميًا، فإن بعض الأعضاء السابقين للجماعة والكيانات التابعة لها وعلى رأسهم حماس، ارتبطوا بهجمات متعددة، ويرى بعض مستشاري ترامب أن الإخوان هم بالفعل جماعة متطرفة تخترق الولايات المتحدة سرًا للترويج لأفكارها، ويرى هؤلاء أن هذا الأمر هو فرصة لاتخاذ خطوة ضد تلك الجماعة.
تصنيف الإخوان «إرهابية»
وترى الصحيفة أن تصنيف الإخوان رسميًا كجماعة إرهابية سيعكر العلاقات الأمريكية في الشرق الأوسط بسبب تواجد الجماعة في بعض أجزاء من المنطقة، رغم زعم الصحيفة بضغط قادة مصر والإمارات العربية المتحدة على ترامب لاتخاذ تلك الخطوة.
ويقول مسؤولون سابقون وحاليون في الإدارة الأمريكية، إن القرار ارتبط أيضًا بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كجماعة إرهابية، وقد وضع قائد الحرس الثوري وفيلق القدس التابع له ضمن قائمة الكيانات الإرهابية، ولكن يرغب الجمهوريون في إضافة قوات الحرس الثوري على القائمة كرسالة إلى إيران.
تأخر القرار
وتشير الصحيفة وفقًا لمصادرها أن قرار تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية تأخر بعض الوقت بسبب اعتراضات من بعض مسؤولي وزارة الخارجية ووكالة الأمن القومي بدعوى أن مثل هذا القرار سيضر بعلاقات الولايات المتحدة مع بعض حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وقال مسؤولون إنهم أخبروا بأنه سيتم توقيع القرار يوم الإثنين الماضي، ولكن تم تأجل التوقيع إلى الأسبوع المقبل.
ويعكس هذا التأجيل رغبة البيت الأبيض في التأني قبل إصدار الأوامر التنفيذية بعد الفوضى التي أثارها قرار منع المهاجرين خلال الشهر الماضي، كما يعكس الآليات المعقدة التي تتعلق بالجماعة وعلاقاتها الفضفاضة داخل الولايات المتحدة.
وتبرز تصريحات توم مالينويسكي مساعد وزير الخارجية في عهد أوباما، نهج الإدارة السابقة المدافعة عن الإخوان والمساندة لهم بقوله إن هذا القرار يشير إلى أن إدارة ترامب مهتمة بإثارة صراع مع طابور خامس مفترض من المسلمين في الولايات المتحدة بدلًا من الحفاظ على علاقات الولايات المتحدة مع شركائها في مكافحة الإرهاب كتركيا والأردن وتونس والمغرب أو محاربة الإرهاب الفعلي.
الإخوان «أساس الإرهاب الحديث»
وتذكر الصحيفة أن الإخوان كانوا دومًا مصدرا للقلق لليمين الأمريكي، ومنهم ستيفن بانون وهو الرئيس السابق لمحطة «بريت بارت نيوز» الإخبارية وكبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض حاليًا الذي كان اقترح تقديم فيلم في عام 2007 عن التطرف الإسلامي وسمي فيه الإخوان «أساس الإرهاب الحديث».
ويعترض مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية الذي يصف نفسه بأنه أكبر منظمة حقوق مدنية إسلامية في الولايات المتحدة على إصدار مثل هذا القرار، وفي الوقت ذاته يتهم الكثير من الشخصيات اليمينية المجلس بأنه واجهة للإخوان المسلمين، وهو ما ينفيه المجلس، ويرى مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية أن هذا القرار سيكون محاولة فجة لقمع المسلمين.
ويروى مسؤول أمريكي سابق أنه منذ عام 2013 وحتى منتصف 2015 كان القادة المصريون يضغطون في كل لقاء مع الأمريكيين لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.
ويشير تقرير بريطاني صدر في عام 2015 إلى أن الإخوان قاموا بشكل انتقائي باستخدام العنف والإرهاب في بعض الأحيان لتحقيق أهدافهم المؤسسية وأن الجماعة تؤكد على الحوار في حديثها بالإنجليزية وعلى الجهاد في حديثها بالعربية، وأن قادتها برروا ودافعوا عن هجمات حماس على إسرائيل وبرروا الهجوم على القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، ورغم ذلك لم يوصي التقرير البريطاني بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.
انحياز التغطية الصحفية
من جهة أخرى رحبت بعض الدوائر الأمريكية بالقرار المتوقع، وقال رئيس مركز الدراسات الأمنية فرانك جافني، إن تصنيف الإخوان رسميًا كجماعة إرهابية تعد خطوة هامة للغاية تتخذها إدارة ترامب، وعبر عن أمله في أن تقوم تلك الإدارة بذلك وفي أقرب وقت، والسبب وراء ذلك هو أن تلك الجماعة هي من تقود حركة الجهاد العالمي في مناطق مختلفة، كما أنهم يستخدمون العنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم الذي يعد أحد فروض برنامجهم وعقيدتهم السياسية الهمجية.
وأشار إلى تشريع قدمه السيناتور تيد كروز والنائب الجمهوري ماريو دياز-بالار، والذي يطالب فيه الإدارة إما بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية أجنبية أو تقديم شرح تفصيلي لرفض وضع الجماعة في هذا التصنيف، وكان «كروز» قد غرد على حسابه بتويتر قائلا: «يتعين علينا أن نسمي العدو باسمه»، في إشارة واضحة للإخوان.
كما أشار وزير الخارجية الأمريكي ركس تيلرسون، في خطاب تسميته إلى أن التخلص من «داعش» سيكون الخطوة الأولى لإعاقة قدرات جماعات وأفراد آخرين ملتزمون بضرب أراضي وحلفاء الولايات المتحدة، كما أن انتهاء «داعش» سيتيح للولايات المتحدة زيادة الاهتمام بوكلاء آخرين للتطرف الإسلامي كالقاعدة والإخوان المسلمين وبعض العناصر داخل إيران.
وفي محاولة من الكيانات الإخوانية داخل الولايات المتحدة لمواجهة هذا القرار المتوقع، بدأ بعض الكتاب ونشطاء الحقوق المدنية الأمريكيين محاولات تبرر أن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية وما يشير إلى أن تلك هي حملة منظمة هو اختلاف الكتاب وتطابق التبريرات بأن الجماعة لم تدع يومًا ما للعنف وأنها ليست مجرد جماعة واحدة بل عدة جماعات متنوعة في مناطق مختلفة في العالم وأن هذا التصنيف سيضر بعلاقات أمريكا مع بعض حلفائتها في الشرق الأوسط حيث يشكل الإخوان نسبة 10% من البرلمان في الأردن، ورغم أنهم مصنفين كجماعة إرهابية في مصر والإمارات والسعودية، إلا أن الحكومة التركية تعترف بهم كما أنهم يشاركون بالحكم في المغرب والبرلمان في تونس.
ومن المؤكد أن قرار «ترامب» سيكون خطوة هامة ضمن مساعيه لتوطيد العلاقات مع مصر بعد فترة فتور امتدت لسنوات، وسيوجه القرار المتوقع ضربة قاضية للجماعة الإرهابية، ولكن يواجه هذا القرار عقبة رئيسية تتمثل في محللي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، حيث أصدرت الوكالة تقريرًا يوم 31 يناير الماضي في هذا الشأن تحذر فيه من أن تلك الخطوة ستغذي التطرف وستنشر عدم الاستقرار داخل بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة، كما أن القرار سيضعف قادة الجماعة وسيمنح القاعدة وداعش مبررًا ودعمًا قويًا لاستخدام العنف والهجوم على المصالح الأمريكية، واللافت هنا أن تلك هي نفس المبررات التي ساقتها إدارة أوباما في دفاعها عن الإخوان.
ورفضت وكالة المخابرات المركزية والبيت الأبيض التعليق، ولكن تمثل تلك الوثيقة تهديدًا بوضع المخابرات المركزية في مواجهة مع الرئيس الذي قلل من شأن تقييمات الوكالة وأغضب الكثيرين داخل وكالات المخابرات الأمريكية عندما ظهر أمام السور التذكاري لوكالة المخابرات المركزية وبالغ في حجم الحشد الذي حضر حفل تنصيبه.
والواقع أن ترامب الذي لم يبد اهتمامًا بالسياسة الخارجية قبل إطلاق حملته الانتخابية وكان كثيرًا ما ينتقد الإخوان في الماضي، ويبرز ذلك في هجومه المتكرر والعنيف على الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2012 لاستقبال الرئيس المعزول محمد مرسي.