لماذا يحصن منصب شيخ الأزهر؟ (تقرير)
الأحد، 29 يناير 2017 02:07 م
يعود ظهور منصب شيخ الأزهر إلى عام 1522م، في عهد الحكم العثماني ليتولى رئاسة علمائه، ويشرف على شئونه الإدارية، ويحافظ على الأمن والنظام بالأزهر، وقبل ذلك التاريخ كان ينتخب ناظر للأزهر من بين كبار العلماء.
وأول نص قانوني نظم إدارة الأزهر الشريف كان في عام1911م، ونص على أن يتم اختيار شيخ الأزهر من جماعة كبار العلماء، وعندما صدر قانون تطوير الأزهر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر المعروف بالقانون رقم103 لسنة1961 ألغيت هيئة كبار العلماء، وحل محلها مجمع البحوث الإسلامية المكون من50 عضوًا.
وجاء النص صراحة على أن يتم اختيار شيخ الأزهر من بين أعضاء المجمع، وأن يعينه رئيس الجمهورية، ولا يملك سلطة إقالته، منذ ذلك الحين استقر مفهوم حصانة منصب شيخ الأزهر شأنه شأن منصب بابا الكنيسة تمامًا، وفي دستور 2014 يعرف الأزهر الشريف بأنه هيئة علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على جميع شئونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، يتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.
يرى الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن حصانة أي منصب تنبع من مكانته، والدور الذي يلعبه في المجتمع، وحرصًا على ضمان الاستقلالية ورفع سيف العزل من على المنصب يفسح المجال لاتخاذ مواقف قوية وعادلة في مجابهة جبروت صاحب السلطان، مضيفًا أن شيخ الأزهر أعلى مرجعية مؤسسية للمسلمين في العالم الإسلامي بأكمله باعتباره رمزًا يجب الحرص على حفظ مكانته ومقامه ليس تقديسًا لأشخاص، ولكن تقديرًا للمكانة والمنزلة التي يشغلها.
وأشار إلى أنه طالما كان شيخ الأزهر هدفًا مباشرًا لرأس السلطة الساسية يحاول استغلاله في تحريك العامة لما له من تأثير وقيمة رمزية، وفي بعض الأحيان كان يطلب منه رأس السلطة إصدار فتوى خاصة تتفق مع أهوائه، مثلما حدث مع الشيخ مصطفى المراغي عندما طلب منه الملك فاروق أن يصدر فتوى يحرم فيها زواج الملكة فريدة من غيره بعد تطليقها فنطق قولته الشهيرة حينها «الطلاق لا أرضاه والتحريم لا أملكه والمراغي لا يستطيع أن يحرم ما أحل الله».
من جانبه يرى الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن منصب شيخ الأزهر محصن من العزل بموجب نص دستوري صريح، استقر على مدار التعديلات الدستورية التي مرت بالبلاد، مشيرًا إلى أن تحصين منصب شيخ الأزهر ليس لقداسة، وأنه إذا ارتكب خطأ ما فيخضع للعقاب، وهو ما لم يحدث على مدار التاريخ.
وذكر أن الحالة الوحيدة التي اضطر فيها الشيخ محمد الأحمدي الظواهري إلى الاستقالة كان بسبب استجابته لمطالب سياسية بتقليص أعداد المعينين في الأزهر، فأثار غضب الطلاب والأساتذة، وعندما وجد نفسه أخطأ تقدم بالاستقالة.
ويشير الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان إلى أن عزل شيخ الأزهر حدث مرة واحدة ووحيدة في تاريخ الأزهر منذ قرن ونصف، عندما عزل الملك فاروق في أكتوبر1951 م الشيخ عبد المجيد سليم شيخ الأزهر حينذاك، بسبب انتقاده تبذير الملك وإسرافه خاصة في سفره للمصيف في جزر كابري، وترك الشعب جائعًا، فقال جملة واحدة «أيجوع الشعب ويصيف الملك».
وأضاف الدسوقي أن الإشكالية التي طرحت فيما بعد ثورة 23يوليو 1952 أن يتاح عزل شيخ الأزهر أو فصله إذا أخطأ، لكن الرئيس جمال عبد الناصر رأى أنه من الأفضل عدم المساس بشيخ الأزهر أو تسييس المنصب أو الزج به في الخلافات السياسية، ولا يجب أن تمتد إليه يد العزل من باب تصفية الخلافات أو غيرها.