«الرياينية».. قرية تعيش على ظهر مركب (فيديو)
الأحد، 22 يناير 2017 12:28 م
وضع يده على كتفي زوجته، فشعر ببدنها يهتز من رعشة بدنه، اختبئ خلف إحدى جدران المنازل، وأدار عنقه وخرج بعينيه يطل على ضفاف النيل، وقد خلا الطريق من المارة، وأصبحت العتمة شديدة، حجبت عينيه من القدرة على رؤية يديه، كانت دقات قلبة أعلى صوت في المكان، رغم الآهات والهمهمة، الصادرة من زوجته المريضة التي قد وضعت رأسها على كتفه من شدة الألم.
انفاسا تقاطعت، وأبواب تفتحت، وزادت الهمهمة والغمعمة، حركة خافتة ومرتبكة، أقتربت منهما رويدًا رويدًا، عارضة للمساعدة- ولكن ما باليد حيلة، لحظات وبدأ درجة حرارة الزوجة تنخفض، ثم انقطعت الأنفاس نهائيًا، وبدل من انتظار عبارة النجدة بقلق وترقب، تعالت الأصوات وانتظروا العبارة حتى يحصلونَ من المستشفى على تصريحًا للدفن، أنها صورة حية، لما عاشه الحاج محمد محمود صبرة، المزارع، الذي يعيش بقرية الخزندرية، في سوهاج، مأساة يعيشها أهالي 16 قرية، و22 نجعًا، معزولين عن المدنية، والوسيلة الوحيدة للوصول للحضر هي عبارة تعمل من السادسة صباحًا، وحتى الثالثة عصرًا.
خيط الفجر هو ما ينتظره أهالي قرية الرياينية التابعة لمركز طهطا، شمال محافظة سوهاج، نفيرًا عاليًا وحركة تخلق موجات مستديرة في مياه النيل، تنظر بقدوم «عبارة الرياينية»، وسيلة نقل أهالي 16 قرية، و22 نجعًا، من شرق النيل إلى غربة، من الجاهلية إلى الحضر، حيث تعاني قرى ونجوع شمال سوهاج اختفاء كافة وسائل الرفاهية في الحياة، منطقة لا يوجد بها سوى الأراضي الزراعية والمحال الصغير، والبيوت المصنوعة من الطمي والطوب اللبن، في ظل غياب تام للمستشفيات والمحال الكبرى.
«القرى تنام منذ الساعة السابعة مساءً، نتيجة اختفاء كافة مظاهر الحضر واللهو، فلا توجد مستشفيات، أو جامعات، ولا حتى سينمات»، بهذه الكلمات بدأ محمد محمود ناصر، محامٍ، أحد أبناء قرية العبارة، موضحًا أن القرى والنجوع الخاضعة تحت رحمة العبارة، تقع بين محافظتي «سوهاج وأسيوط»، لافتًا إلى أن العبارة تابع للدولة، والعاملين عليها محض موظفين، لذلك يبدأ العمل في الساعة السادسة صباحًا، وينتهي في تمام الثالثة عصرًا.
ويضيف محمد حامد بري، مدرس من أبناء قرية الخزندرية- التي تسكن تحت مظلت الجبل، تعاني من نقص تام في كافة الخدمات الأساسية، «مافيش مدارس مجهزة، ولا مستشفيات، ولا محال تشتغل بالليل، القرى بعد الساعة 7 مساء، بتكون مهجورة»، مطالبًا الدولة برصف الطريق الشرقي، ومد فترة عمل العبارة لحين الانتهاء من كبري طما العلوي، الرابط بين شرق النيل وغربه.
ويقول أحمد عبد القادر علي، طالب، من أهالي القرية: «العبارت أصبحت متهالكة، وغير صالحة للتنقل، ما يعرض حياة الجميع للخطر الشديد، العبارة تنقل يوميًا أكثر من 200 طالبًا وطالبة، لان مافيش مدارس شرق، ولا تعليم من أصله».
ومن جانبة قال علي رافعي رئيس مجلس مدينة طهطا، أنه تم عمل مرسى للعبارة بتكلفئة 7 مليون جنيه، بدعم من الوحدة المحلية لمدينة طهطا، والمحافظة، مضيفًا إن مد عمل العبارة من أختصاص المسطحات المائية، التي تشرف على عملها وليس بيدنا حيلة.