وزير الخارجية الأمريكي المُنتهية ولايته: الدبلوماسية هديتنا لإدارة «ترامب»
الخميس، 19 يناير 2017 11:24 مبيشوي رمزي
مع تولي إدارة جديدة زمام المسئولية، ربما يكون لزامًا علينا أن نقيم الإرث الذي سوف يحصل عليه عناصر تلك الإدارة من أسلافهم، هكذا استهل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فهناك من يرى الكوابيس أينما ذهب، حيث يرون أن النظام العالمي في طريقه للانهيار وأن أسهم الولايات المتحدة، باعتبارها قائد هذا النظام الوحيد، تبقى في انخفاض.
واعترف كيري "باعتباري وزير الخارجية المنتهية ولايته فربما لا أستطيع أن أدعي الموضوعية، ولكني سوف أترك منصبي مقتنعًا أن كل الاتجاهات العالمية مازالت في صالحنا، وأن قيادة أمريكا للعالم ومشاركتها أكثر حيوية وفاعلية إذا ما قورنت بأي وقت مضى، والسبب في ذلك هو أن الرئيس أوباما تمكن من استعادة الدبلوماسية الحازمة كأداة للسياسة الخارجية التي اعتمدتها الولايات المتحدة طيلة السنوات الماضية".
ولعل الدليل، بحسب رؤية كيري، هي الحملة التي تبنتها الولايات المتحدة تجاه تنظيم داعش الإرهابي، والذي استحوذ على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا قبل أكثر من عامين، حيث قامت الرؤية الأمريكية على التحرك الهادئ بعيدًا عن الدخول في معركة أحادية الجانب، حيث قدمت الإدارة الدعم للعراق لتشكيل حكومة شاملة، ثم حشد تحالف دولي مكون من 68 دولة يهدف إلى دعم الجيش العراقي وتأهيله.
وأضاف أن الحرب على التنظيم تعتمد في الأساس على الدبلوماسية أكثر من الجانب العسكري، حيث أنه في الوقت الذي انخرطت فيه أمريكا في تحرير الموصل والرقة، إلا أنها تحركت أولاً من أجل تجفيف منابع تمويل التنظيم المتطرف عن طريق التعاون الدبلوماسي مع الدول الأخرى.
الأمر نفسه ينطبق على التعامل مع إيران، هكذا يقول كيري، حيث أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعرض لضغوط كبيرة لشن حرب ضد طهران، إلا أن الموقف الأمريكي كان واضحًا، حيث قام في الأساس على منع الدولة الفارسية من امتلاك السلاح النووي من خلال الدبلوماسية، حيث اعتمدت أمريكا في البداية نظامًا للعقوبات الدولية يعد الأقوى في التاريخ، ثم اتجهت الإدارة بعد ذلك نحو اختبار النوايا الإيرانية تجاه التفاوض، وهو ما حدث في النهاية، لنتمكن من القضاء على الخطر النووي دون رصاصة واحدة.
وأضاف "عندما قامت روسيا أيضًا بغزو أوكرانيا في 2014، كان يمكننا أن ندخل في مواجهة ضدهم كما سبق وأن فعلت الولايات المتحدة قبلها بـ6 سنوات ردًا على التدخل الروسي في جورجيا، ولكننا فضلنا العمل مع شركائنا الأوروبيين من أجل فرض المزيد من العقوبات على موسكو، وهو ما ساهم في عزل روسيا والإضرار باقتصادها، كما عززنا على الجانب الأخر دور حلف الناتو لمساعدة حلفائنا في دول البلطيق ووسط أوروبا".
وتفاخر كيري في مقاله بأن السياسات التي تبنتها الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها ساهمت بصورة كبيرة في تضاؤل الاحتياطي المالي الروسي، وكذلك والتراجع الكبير الذي تشهده العملة الروسية "روبل" في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن الثمار التي جنتها الإدارة الراحلة كبيرة، حيث أن سياستها ساهمت في تعزيز مكانتها من خلال تطبيع العلاقات مع دول كانت بمثابة خصوم لها، من بينهم كوبا، كما ساعدت في انهاء الحرب الأهلية التي استمرت عقودًا طويلة في كولومبيا، كما لعبت دورًا بارزًا في إفريقيا، خاصة في القضاء على مرض الإيبولا، والذي انتشر في عدة دول هناك منذ عامين.
ربما لم ننجح في حل كل المشكلات، هكذا يرى كيري، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أننا ربما احتفظنا بموقفنا الثابت تجاهها، والذي يقوم على دعم حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية.
وأضاف أن القضية السورية هي أحد القضايا التي لم تتمكن الإدارة الراحل من حلها، إلا أنه مازال مقتنعًا أن الرؤية الأمريكية كانت ومازالت الأكثر واقعية، موضحًا أن الاقتراحات حول نشر قوات برية كانت ستؤدي إلى خسائر كبيرة، وربما أثبتت الأيام أن ذلك لم يكن سيؤدي في النهاية إلى إنهاء الأزمة.
واختتم كيري مقاله بالقول أن "الإدارة الجديدة حالها حال كل الإدارات التي سبقتها سوف تواجه تحديات عدة، ولكن لعلها تملك مميزات لم تكن موجودة عند من سبقوها، من بينها جيش هو الأقوى على الأرض، ودبلوماسية يمكن استخدامها كسلاح لتحقيق الأهداف الأمريكية دون الانغماس في حروب مستقبلية.