5 أزمات تضع تركيا على حافة الهاوية (تقرير)
الثلاثاء، 10 يناير 2017 11:59 صمحمود علي
تعيش الحكومة التركية مرحلة صعبة داخليًا وخارجيًا في الآونة الأخيرة، لاسيما مع تعدد الأزمات المحاطة بها، فمن الداخل يضرب الإرهاب كافة المناطق التركية حتى وصل إلى قلب العاصمة أنقرة جاء ذلك التزامن مع هشاشة قدرات الشرطة الداخلية ووقوع الجيش في فك التشرذم والتفتت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، كما تعيش تركيا وضعًا اقتصاديًا صعبًا تهبط فيه قيمة العملة إلى اعلى مستوياته، بينما تحاط تركيا على الصعيد الخارجي بعدة مشاكل ابرزها تراجع علاقاتها مع السعودية، بالاضافة إلى القضاء على حلم انضمامها للاتحاد الأوروبي.
الإرهاب
باتت تركيا في دائرة الاستهداف المباشر في الفترة الأخيرة لاسيما مع تزايد العمليات الإرهابية التي ضربت قلب المدن التركية، وهو أمر فسره محللون بأنه جاء بسبب سياسة اردوغان العبثية بالمنطقة، فبعد دعمها الصريح للجماعات المتطرفة في سوريا والعراق وليبيا ومصر أصبحت الآن تشرب من نفس الكأس.
والهجوم المسلح الذي استهدف ملهى ليلي في اسطنبول وحصد أكثر من 39 قتيلًا وإصابة المئات، لم يكن الأول من نوعه ، حيث شهدت البلاد العديد من العمليات الإرهابية بين الحين والآخر في الفترة الماضية، فقتل السفير الروسي في أنقرة اندريه كارلوف، وقاتله كان شرطياً تركياً هتف وهو يطلق الرصاص: تذكروا حلب، كما قتل 44 متفرجاً في ملعبي كرة قدم في إسطنبول ، كما قتل 30 شخصاً في حفلة زفاف، وترجح مسؤولية داعش عن هذا الإرهاب، كما وقع هجومًا لداعش في مطار أتاتورك في إسطنبول أدى الى موت 41 شخصًا.
إنهيار العملة التركية
ولم يكن ضرب تركيا بالإرهاب هو حصيلة السياسة الأردوغانية المتهورة فقط، حيث أدت سياسة تركيا الأخيرة خارجيًا وداخليًا إلى انخفاض قيمة الليرة التركية إلى مستوى تاريخي جديد مقابل الدولار الامريكي بسبب ارقام التضخم التي جاءت اعلى من المتوقع والمخاوف الامنية التي اعقبت الهجوم على ملهى ليلي في اسطنبول.
وخسرت الليرة التركية 24% من قيمتها خلال الاشهر الستة الاولى مقابل الدولار، وخلال العامين الماضيين خسرت الليرة 53% من قيمتها حيث كان سعرها 2,34 ليرة مقابل الدولار في مطلع 2015، الأمر الذي له الأثر السلبي على الاقتصاد التركي.
وتضررت العملة التركية بسبب الارتفاع الحاد المفاجئ في معدل التضخم في ديسمبر والذي اثار توقعات برفع اسعار الفائدة في يناير، وارتفعت أسعار السلع بنسبة 8,5% ديسمبر مقارنة مع نفس الشهر من العام الذي سبق.
تراجع العلاقات التركية السعودية
وفي نفس السياق، شهدت العلاقات التركية مع الدول العربية الكبرى خلافات عدة، وكان ابرز تلك الدول هي السعودية التي أظهر الوقت مدى تباين المواقف بينهما في العديد من ملفات المنطقة بالفترة الأخيرة، لاسيما بعد تحول وجهة نظر تركيا جذريًا إزاء الملف السوري، والتفاهمات التي جرت بين روسيا وتركيا وإيران حول مستقبل الوضع في سوريا، الأمر الذي رأه متابعون بأنه له تأثير واسع على علاقات أنقرة والرياض في المرحلة المقبلة .
ويتضمن الخلاف السعودي التركي في الأساس العديد من الملفات أبرزها الأزمة السورية وخاصة مسألة مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد، فمن ناحية كانت تطمح السعودية في اسقاط الأسد، أبتعدت تركيا عن هذا الطموح لاسيما بعدما اتفقت موسكو وطهران وأنقرة حول الأزمة السورية.
الملف الأخر هو التحالف الإسلامي الذي دعت له الرياض فينما عولت الرياض على انقرة للمشاركة في هذا التحالف ابتعدت تركيا عن ذلك، كما أنها رفضت المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن،وإن كانت أيدته سياسيًا وهو ما لم تنتظره الرياض، حيث كانت تتوقع الدعم العسكري والانخراط في التحالف الإسلامي الذي دعت له.
القضاء على حلم الانضمام للإتحاد الأوروبى
ووسط كل هذه الأزمات ابتعدت أنقرة كثيرًا عن حلمها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد إعلانة عدم عزمه فتح فصول جديدة في المفاوضات الخاصة بانضمام تركيا "في الظروف الحالية"، وذلك بعد أسابيع على طلب البرلمان الأوروبي وقف المحادثات.
وكانت أسباب الاتحاد الأوروبي في وقف المحادثاتن واضحة حيث أكد أن الأمر يتعلق بالقمع والاعتقالات الواسعة التى نفذتها السلطات التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة فى يوليو الماضى ضد المعارضين ، وهو أمر أوصى على آثره البرلمان الأوروبى بتجميد مفاوضات تركيا مع الاتحاد، وهو ما يقضى على حلم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بانضمام بلاده فى الإتحاد الأوروبى، لإعفاء المواطنين الأتراك من شرط الحصول على تأشيرة الدخول.
بدأت تركيا مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى رسمياً فى العام 2005، لكنها تعثرت خلال السنوات الماضية، وعندما باءت ضغوط أردوغان بورقة اللاجئين بالفشل، أعرب عن رغبته بإجراء استفتاء شعبى حول الانضمام للاتحاد الاوروبي في الوقت الذي يرفض فيه الاتحاد انضمام تركيا نهائيا نتيجة سياسات اردوغان التي تتعارض مع اليمين المتطرف في أوروبا.
ضعف الشرطة والجيش بعد محاولة الانقلاب
في المقابل يلاحظ المتابعون في الفترة الأخيرة أن تركيا تواجه معضلة واسعة في استعادة الجيش والشرطة لقوتهما كما في السابق لاسيما بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة في تركيا يوليو الماضي، ففي لقاء مع التلفزيون الأمريكي بلومبرج، ادعى البروفيسور في جامعة نيويورك نورييل روبيني أن تركيا تسير في طريق خطير أمنيًا، مؤكدًا أن جهازي الشرطة والجيش في تركيا تعرضا للضعف بعد المحاولة الانقلابية، وأصبحت تركيا معرضة لخطر تنظيم داعش الإرهابي، بالإضافة إلى مواجهتها لاضطراب داخلي مع استمرار أزمة اللاجئين.
كما كشف المحلل السياسي التركي تورغوت أوغلو في تصريحات سابقة له أن 27 ألف شخص من الجمعيات الخيرية كالجمعية العثمانية أو حزب العدالة والتنمية انضموا لسلك الشرطة حديثًا منذ عام 2013، مؤكدًا أن 90% منهم مافيا إجرامية أو ينتمون في فكرهم لـ«داعش»، والتي أخرجت الشرطي الذي اغتال السفير الروسي مؤخرًا.