تراجع الطلب الاستثماري على الدولار بعد تحرير سعر الصرف (دراسة)

الأربعاء، 04 يناير 2017 11:34 ص
تراجع الطلب الاستثماري على الدولار بعد تحرير سعر الصرف (دراسة)
الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصا
نادر حسن

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، في دراسة حديثة له بالمركز، إنه على إثر الضغوط والتحديات الداخلية والخارجية التي تعرض لها الاقتصاد المصري، تم اتخاذ حزمة من الإصلاحات النقدية والمالية المتكاملة بما يمكن الاقتصاد من مواجهة التحديات القائمة ومن أهم هذه الإصلاحات السياسات النقدية والائتمانية.

وأشار إلى أن البنك المركزي المصري واجه ضغوطا متزايدة منذ نهاية عام 2015 نتيجة الإصرار على سياسة استهداف سعر الصرف، وما ترتب عليها من استنزاف الاحتياطي، في ظل تفاقم عجز موازنة النقد الأجنبي بسبب متطلبات الاستيراد وأعباء الديون من أقساط وفوائد، في الوقت الذي انخفضت فيه مصادر التغذية وخاصة من المساعدات الخليجية وإيرادات السياحة وتدفقات الاستثمار الأجنبي.

وأضاف أنه في سبيل ترشيد الطلب على العملة الأجنبية، أصدر البنك المركزي العديد من القرارات والتي تضمنت ضرورة إلزام البنوك بالحصول على تأمين نقدي بنسبة 100% بدلا من 50% فقط على الاعتمادات المستندية التي تفتح لتمويل استيراد سلع لحساب الشركات التجارية، أو لحساب الجهات الحكومية، وفي حالة تعزيز كمبيالات مقدمة على قوة تسهيلات موردين لاستيراد هذه السلع لحساب تلك الجهات، أو لمقابلة أي التزامات على البنك، بما في ذلك إصدار خطابات ضمان بخصوص عمليات الاستيراد لحساب التجار والجهات الحكومية، ويقتصر الاستثناء من التأمين النقدي المشار إليه على عمليات استيراد كل من الأدوية والأمصال والمواد الكيماوية الخاصة بها، وألبان الأطفال فقط مع التأكيد على عدم استخدام الحدود الائتمانية المصرح بها للعملاء من البنوك في سداد التأمين النقدي المشار إليه، بما فيها التسهيلات الائتمانية بضمان أوراق تجارية أو مالية.

وذكر السيد، أن القرار منع إعادة تمويل العمليات الاستيرادية لأغراض التجارة التي تخضع لتأمين نقدي بواقع 100% كما ورد بالبند السابق، من خلال منح حد تسهيلات مؤقتة بالعملة الأجنبية وفقًا لكتاب نائب محافظ البنك المركزي المصري، رقم 9 الصادر بتاريخ 14 يناير 2013 على أن يستمر السماح بإعادة تمويل العمليات الاستيرادية لغير أغراض التجارة، السلع الغذائية الأساسية والتموينية «غير شاملة هيئة السلع التموينية»، والأدوية والأمصال والمواد الكيمياوية الخاصة بها، وألبان الأطفال.

وأشار إلى أنه في يناير 2016 تم زيادة الحد الأقصى للإيداع النقدي الدولاري، ليصبح 250 ألف دولار شهريًا أو ما يعادله بالعملات الأجنبية، وبدون حد أقصى للإيداع اليومي، بهدف تعزيز انسياب حركة التجارة الخارجية وتيسير المعاملات المصرفية

ونبه أنه في مارس 2016 اتخذ البنك المركزي المصري إجراءات تصحيحية عدة، منها إلغاء الحد الأدنى والأقصى للسحب والإيداع للدولار للأفراد والمؤسسات وفرض عقوبات كبيرة على شركات الصرافة غير الملتزمة بقرارات البنك تصل إلى حد الإغلاق، وبالفعل تم صدور قرار بالغاء وسحب ترخيص وإيقاف أكثر من شركة صرافة خلال عام 2016.

وأضاف أن البنوك طرحت عدد من الشهادات الإدخارية الاستثمارية، مثل شهادات بلادي الإدخارية للمصريين العاملين بالخارج، وشهادات الجنيه المصري والذي يصل عائده إلى نسبة 15%.

كما لفت إلى رفع سعر صرف الدولار في البنوك ليصل إلى 8.90 جنيه للشراء و8.95 جنيه للبيع ليرفع سعر الدولار بنحو 112 قرش دفعة واحدة وليقترب من سعر السوق السوداء التي بدأت أسعار الدولار تنخفض بها.

وتابع أن البنك المركزي طرح عطاءً استثنائيًا بقيمة مليار ونصف مليار دولار في البنوك، لتوفير الدولار لجميع المستوردين والمستثمرين وتغطية طلبات استيراد السلع الأساسية، ما أسفر عن تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وغير الرسمي للدولار، وترشيد استيراد سلع الرفاهية والمنتجات ذات البديل المحلي. من ناحية أخرى ارتفع معدل التضخم نتيجة لانتقال الأثر إلى أسعار السلع المحلية والمستوردة.

وأشار إلى أنه للعمل على ضبط صرف العملة الصعبة من البنوك المصرية، خفضت البنوك العاملة في السوق المحلية متوسط الحد الأقصى للمشتريات من خلال بطاقات الائتمان المصرية خارج الحدود من متوسط 30 ألف دولار شهريًا إلى 10 آلاف كحد أقصى، كما خفضت البنوك حدود مبيعاتها من «الكاش» الدولاري للعميل المسافر من 5 آلاف إلى 3 آلاف دولار لكبار العملاء، ومن 3 آلاف إلى ألفي دولار للعملاء المتوسطين، وألف دولار في المتوسط لصغار العملاء بدلًا من ألفي دولار.

وجاء في الدراسة البنوك الحكومية الثلاثة طرحت شهادات دولارية للمصريين المقيمين في الخارج تحت مسمى «بلادي»، لآجال سنة و3 سنوات و5 سنوات، بحيث تمنح الشهادة لأجل سنة عائدًا يبلغ 3.5%، ولأجل 3 سنوات 4.5، ولأجل 5 سنوات 5.5%، ويتم الاكتتاب بحد أدنى 100 دولار، ولا يمكن استرداد الشهادة أجل سنة قبل تاريخ استحقاقها، بينما يمكن استرداد الشهادة أجل 3 سنوات بعد 6 أشهر من تاريخ الإصدار، وسنة لأجل 5 سنوات.

وذكرت الدراسة أن هذا القرار لحقه إصدار شهادات أخرى تحت نفس الاسم شهادة «بلادي»، وتم طرحها للمصريين في الخارج وتصرف بـ«اليورو»، ويكون العائد 2% سنويا للشهادة مدة سنة واحدة، و3% للشهادة مدة ثلاث سنوات، و3.5% للشهادة مدة خمس سنوات، ويحتسب العائد عليها جميعًا اعتبارًا من يوم العمل التالي ليوم الشراء، ويصرف العائد باليورو كل ستة شهور

ونبه أنه على الرغم من كثافة هذه الإجراءات إلا أن السوق الموازية شهدت نموا كبيرا، وارتفع الهامش بين السعر السائد فيها والسعر الرسمي، وفي سبيل مواجهة هذه الضغوط اتخذ البنك المركزي قرارا بتحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية ليصل في البنوك إلى 13 جنيهًا كسعر استرشادي، مقابل 8.88 جنيه قبل القرارات الجديدة وأطلق البنك المركزي الحرية للبنوك العاملة في مصر في تسعير النقد الأجنبي من خلال آلية سوق ما بين البنوك (الانتربنك) كما أعلن عن ضمانه لجميع أموال المودعین بالجهاز المصرفي بجميع العملات، وأكد عدم فرض قيود على إيداع وسحب العملات الأجنبية للأفراد والشركات.

ولفت إلى أن هدف القرار كان علاج التشوهات في منظومة أسعار الصرف، واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة، تعكس آليات العرض والطلب وإنهاء تداول العملات خارج القنوات الشرعية.

وأوضح أنه لمواجهة تداعيات هذا القرار على الودائع المصرفية، شهد هيكل سعر الفائدة تغيرات جذرية، فأعلن البنك الأهلي رفع سعر فائدة الشهادة البلاتينية إلى 16% للإصدارات الجديدة مقارنة بمعدل 12.5 % سابقا، كما أصدر شهادة استثمار بنسبة 20% على أن تكون مدة الشهادة 18 شهرًا، ويصرف العائد كل ثلاثة أشهر كما تم زيادة فائدة شهادة قناة السويس الجديدة إلى 15.5 %، مقارنة بعائد 12% على الشهادات السابق إصدارها، لتكون مقاربة لزيادة فائدة الشهادات البلاتينية، وبدورها أعلنت الهيئة القومية للبريد زيادة فائدة دفتر توفير البريد إلى 10.25%.

وذكر أن العائد على أدوات الدين الحكومي بعد قرار تحرير أسعار صرف الجنيه ارتفع ليتراوح بين 18% و20%، بعد رفع البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية بشكل استثنائي في٣ نوفمبر ٢٠١٦ بمعدل 300 نقطة أساس على سعري عائد الإيداع والإقراض ليصلا إلى 14.75 % و15.75 %علي التوالى، وكذا رفع سعر العمليات الرئيسية للبنك المركزي ليصل إلى 15.25%وزيادة سعر الائتمان والخصم ليصل إلى15.258%.

وقال الدكتور عبدالمنعم السيد، إن التطورات السابقة أسفرت عن حدوث بعض التغيرات في سوق النقد الأجنبي، وتراجع الطلب الاستثماري على الدولار، فضلًا عن زيادة المعروض من الأفراد لجني أرباح استثماراتهم، كما ارتفعت حيازات الأجانب من الأدوات المالية الحكومية بين 700 و900 مليون دولار منذ تحرير الجنيه، ما يعد أعلى مستوى لاستثمارات الأجانب في أوراق الدين الحكومي منذ تصفية هؤلاء المستثمرين لاستثمارات تزيد على 10 مليارات دولار فى الدين الحكومي بعد التغيرات السياسية في أعقاب يناير 2011 وبلغ صافي تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر نحو 1.5 مليار دولار منذ تحرير سعر صرف الجنيه، وفقًا لبيانات البنك المركزي، بما يدعم إيجابية التصنيف الائتماني لمصر، ويقلل مخاطر عدم تمكنها من سداد الالتزامات الخارجية المطلوبة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق