تحالف «أمريكي روسي» لإسقاط المرأة الحديدية في ألمانيا (تقرير)

الثلاثاء، 03 يناير 2017 11:42 ص
تحالف «أمريكي روسي» لإسقاط المرأة الحديدية في ألمانيا (تقرير)
بيشوي رمزي

الرد الهادئ الذي تبناه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على طرد إدارة أوباما لـ35 دبلوماسيا روسيا، رغم توصيات وزارة الخارجية الروسية باتخاذ خطوة مماثلة تجاه دبلوماسيين أمريكيين، يبدو مفاجئا بعض الشيء، إلا أن بعض المتابعين يرون أن الرئيس الروسي لا يريد أن يدخل في معركة منتهية، خاصة وأننا على بعد أيام قليلة من انتهاء حقبة أوباما في البيت الأبيض ليتولى رئيسا جديدا معروف بتوجهاته اليمينية، وهو ما يصب في صالح النفوذ الروسي حتى وإن بقت الخلافات فيما بينهما.

وصول ترامب للبيت الأبيض يعد في ذاته مكسبا كبيرا لروسيا، ليس فقط بسبب الخطاب الانتخابي الذي تبناه ترامب، والذي اتجه خلاله نحو مغازلة الكرملين، حيث أبدى إعجابه بشخصية الرئيس بوتين، متعهدا بالتعاون معه في الحرب التي يخوضها على الإرهاب، ولكن أيضا لأن التوجه اليميني للولايات المتحدة لن يقتصر على الداخل الأمريكي، ولكنه سيمتد إلى دعم التيارات اليمينية في أوروبا، في ضوء الخلاف الأيديولوجي بين ترامب وقادة أوروبا الغربية، وهو ما سوف يصب في النهاية لصالح النفوذ الروسي.

العدو المفضل
من هنا نجد أن أوروبا الغربية ستكون الهدف القادم لبوتين، لإعادة تشكيل العالم من جديد بحيث تتوسع رقعة النفوذ الروسي إلى داخل أوروبا الغربية، التي تعد منطقة النفوذ الأساسية لخصوم روسيا التاريخيين، وهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «ناتو»، وهو الأمر الذي من شأنه كذلك تقويض الإرث السياسي الذي تركه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، خلال الفترة التي قضاها في البيت الأبيض منذ ثمانية سنوات.

يقول الكاتب الأمريكي جوشير بيتنر، إن الرئيس بوتين يعلم أن أوباما راحل، ليأتي محله رئيس جديد أبدى إعجابا كبيرا به، بل وسيأتي معه صديق ليسكن في وزارة الخارجية الأمريكية، وهو ريكس تريلسون، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لعملاق النفط إكسون موبيل، والذي يملك العديد من الاستثمارات في روسيا، وبالتالي فانه لا يشعر بالحاجة لاستنزاف المزيد من الجهد في الصراع مع الإدارة المنتهية ولايتها في المرحلة الراهنة.

وأضاف بيتنر، في مقال منشور له بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن خروج أوباما من البيت الأبيض لا ينهي الخصومة بين القوتين الدولتين، ولكن سيحول الولايات المتحدة لتكون بمثابة العدو المفضل لروسيا، في ضوء التوجه اليميني للإدارة الأمريكية الجديدة، والتي من المتوقع أن تعمل بدورها على خدمة الأهداف الروسية في المستقبل المنظور.

إرث أوباما
تقارير عدة أثيرت حول اتصالات أجراها أعضاء بإدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب مع قيادات يمينية في أوروبا، من بينهم زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان، بالإضافة إلى علاقته الوطيدة بزعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجل فراج، والمعروف بتوجهاته المناوئة للاتحاد الأوروبي، ورغبته في التقارب مع روسيا، وبالتالي فيمكن أن تكون تحركات ترامب على المستوى الدولي داعمة إلى حد كبير للتوجهات الروسية التي تقوم في الأساس على تقويض إرث أوباما ودور الناتو والاتحاد الأوروبي.

يقول المحلل الألماني جانوش ديلكر، في تقرير منشور له بمجلة «بوليتيكو» الأمريكية، أن الحكومة الروسية ضاعفت من جهودها لاختراق العديد من الدول الأوروبية إعلاميا، وعلى رأسها ألمانيا، وذلك منذ قيامها بضم شبه جزيرة القرم إلى أراضيها في عام 2014، حيث إنها موّلت قنوات ومنابر إعلامية لتشويه الحقائق، وإساءة صورة الحكومة لدى مواطني تلك الدول، بالإضافة إلى تبني دعاية مناوئة للاتحاد الأوروبي.

وأضاف: «هذه الخطوات تزامنت مع خطوات أخرى، من بينها إطلاق قناة تابعة لشبكة روسيا اليوم على الإنترنت ناطقة باللغة الألمانية، كما أطلقت الحكومة الروسية نسخة ألمانية من وكالة الأنباء «سبوتنيك»، وذلك لاستخدامها في إطلاق دعاية مناوئة للغرب، بالإضافة كذلك لاستخدام مواقع إلكترونية لبث أخبار كاذبة.

«ميركل» التحدي الأخير
من هنا نجد أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ستكون بمثابة الهدف الجديد لروسيا، خاصة وأنها بمثابة القوى الوحيدة الباقية، التي ما زالت تحمل لواء الإرث السياسي للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، في ظل تمسكها بالقيم الليبرالية، وكذلك حرصها على دعم الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو»، في ضوء ما تحظى به من شعبية كبيرة في بلادها، تضعها في صدارة المرشحين للفوز في الانتخابات الألمانية المقبلة والمقررة هذا العام، على عكس أقرانها الليبراليين واليساريين في دول أوروبا الأخرى، حيث تظهر جميع الاستطلاعات تقدم التيار اليميني بصورة كبيرة على منافسيه.

يقول الباحث السياسي جاكوب جاندا، الذي يعمل مديرا لبرنامج «كرملين واتش»، أن ميركل هي التحدي الأخير أمام بوتين، في ضوء قرار البريطانيين بمغادرة الاتحاد الأوروبي، ووصول ترامب للبيت الأبيض في أمريكا، بالإضافة إلى خسارة رئيس الوزراء الإيطالي للاستفتاء على التعديلات الدستورية التي اقترحها، واقتراب اليمين من السلطة في فرنسا، في ضوء المنافسة بين مرشح اليمين الوسط فرنسوا فيون ومنافسته المتطرفة مارين لوبان.

وأضاف، في بحث منشور له بموقع «أوبزرفر»، أن ميركل، بمثابة العثرة الأخيرة في طريق بوتين للسيطرة على أوروبا، في ضوء الزخم الكبير الذي يحققه اليمين في المرحلة الراهنة، كما أنها تعد المحرك الرئيسي للعقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو، وكذلك الوحيدة بين زعماء أوروبا التي تعلن مناوئتها لمواقف الرئيس الروسي، وبالتالي فسيكون إخراجها من السلطة في ألمانيا هو الرهان الروسي الجديد، وهو الأمر الذي قد يتحقق بمساعدة من قبل ترامب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة