ماذا بعد اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا؟
الجمعة، 30 ديسمبر 2016 01:06 م
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي يعتبر الحليف الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد، وقف إطلاق النار في كل أنحاء سوريا بداية من منتصف ليل الخميس، بعد الاتفاق مع تركيا، أحد أكبر داعمي المعارضة في سوريا منذ بداية الانتفاضة السورية التي اندلعت قبل ما يقرب من 6 أعوام.
التوافق الروسي التركي يعكس بصورة كبيرة نجاح الرئيس فلاديمير بوتين في إخضاع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أو على الأقل تحييده، مستغلا التوتر الكبير الذي تشهده العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية، خاصة منذ التحرك العسكري الفاشل للاستيلاء على السلطة في شهر يوليو الماضي، وبالتالي التوجه التركي نحو استرضاء روسيا بعد شهور من القطيعة على خلفية إسقاط الطائرة العسكرية الروسية على الحدود السورية التركية في نوفمبر من العام الماضي.
اتفاق وقف إطلاق النار حظى بحالة إجماع ثلاثي، شملت روسيا وتركيا بالإضافة إلى النظام السوري نفسه، واعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن الاتفاق يمثل فرصة تاريخية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة التي تعيشها سوريا منذ سنوات طويلة، موضحا أن من يرغب في إنهاء الأزمة السورية وتلبية تطلعات الشعب السوري، عليه الذهاب إلى أستانة من أجل التوصل إلى حل.
العاصمة الكازاخستانية أستانة ستكون مقرًا جديدًا لاستضافة المفاوضات السياسية، بعد أن سيطرت مدن وعواصم على الساحة السياسية على مدى العقود الماضية مثل جنيف وباريس كوجهات مألوفة للغرب في التسوية السياسية، وهو الأمر الذي يعكس بحسب رؤية قطاع كبير من المحللين أن العالم يتوجه نحو مناطق جديدة تقع ضمن النفوذ الروسي للتعبير عن تغيير كبير في موازين القوى الدولية.
يقول الجيش السوري، في بيان له، أن الاتفاق يستثني تنظيم داعش الإرهابي وجبهة فتح الشام، والتي كانت تعرف من قبل بـ"جبهة النصرة" والمعروفة بموالاتها لتنظيم القاعدة الإرهابي، وكل الجماعات والتنظيمات الأخرى المرتبطة بهما.
إلا أنه بالرغم من أن تركيا تبقى جزءا من الاتفاق الذي تم برعاية روسية إلا أن المراوغة تبقى أحد السمات التي اتسم بها النظام التركي في تعامله مع الأزمة السورية منذ البداية، وهو الأمر الذي بدا واضحا في التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم الرئاسة التركية، والذي أكد أن الاتفاق يهدف إلى وقف إطلاق النار في حلب وسائر أرجاء سوريا، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع وإعادة إحياء جهود الحل السلمي للأزمة السورية.
وأضاف أن الاتفاق يستثني وحدات الشعب الكردية، والتي ينظر إليها النظام التركي باعتبارها تنظيم إرهابي، في ضوء المعركة التي شنها أردوغان على حزب العمال الكردستاني في بلاده، منذ العام الماضي، على خلفية الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت حصول حزب الشعب الكردي على عدد كبير من المقاعد في البرلمان بما يعني مزاحمة حزب العدالة والتنمية الحاكم في السلطة، وهو الأمر الذي دفع أردوغان للدعوة إلى انتخابات مبكرة، بعد الحرب التي شنها على الأكراد في بلاده.
من جانب أخر، حظى الاتفاق بترحيب دولي كبير، من جانب أطراف عدة رغم الاختلاف في توجهاتهم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بالإضافة إلى الأردن ومصر ودول الخليج، إلا أن هناك تحديات عدة ربما تواجه هذا الاتفاق، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى انتهاكه كما حدث في اتفاقات سابقة مشابهة.
يقول الباحث الأمريكي تشارليز ليستر، في تصريحات أبرزها موقع «بي بي سي» البريطاني، إن عامل الثقة ربما يكون معوقًا لدى قطاع كبير من الحركات المعارضة في المرحلة الراهنة، خاصة وأن عددا من أعضاء التنظيمات المتطرفة تمكنوا بالفعل من الاختلاط بالسكان المدنيين في العديد من المناطق السورية وبالتالي فيمكن للنظام وحلفائه قصفهم وهو ما قد يخلف ضحايا.
وأوضح أن المشكلة الأخرى تتمثل في انضمام بعض عناصر المعارضة المعتدلة لصفوف الميليشيات المتطرفة، على اعتبار أن هناك ضرورة قصوى للتعاون معهم على الجانب العسكري، وبالتالي فإن خيار الانفصال عن تلك التنظيمات يبدو صعبا للغاية في المرحلة الراهنة.