قصة «تجنيد» طالب «داعشي» في الجيزة

مراهق لم يتجاوز الـ14 ربيعا، لعبت به الظروف، حتي أوقعه حظه العثر في يد شيطان رجيم، غلف كل باطل بغلاف الحق والدين، وفرغ سمومه في عقل الفتى، مستغلا حاجته، وكفره بظروفه وظروف عائلته المادية.

عانى «مصطفى» كثيرا من ضيق ذات اليد، وظروف أسرته المادية، والتي تسببت في زيادة مشكلات الأسرة بشكل كبير، حتى أنه أصبح يعاني لكي يدفع مصاريف دروسه الخاصة، وفي إحدى جلساته مع أحد أصدقائه، تحدث إليه بمشكلته المادية ومعاناته لسداد أقساط الدروس الشهرية، فأخبره صديقه بأنه يعرف مدرس ممتاز ومتدين، ويقدر ظروف طلابه، وفي بعض الأحيان يعطيهم الدروس بلا مقابل.

لم يفكر الفتى كثيرا في عرض صديقه وتوجه معه للمدرس يطلب مساعدته، فوجئ كثيرا برحابة الاستقبال وأعجب أيضا بدماثة خلق المدرس، وحديثه المنمق ولغته الجميله التي تأسر القلوب.

ازدادت علاقة الطالب مع مدرسه بمرور الأيام، وتحول الحديث بينهما بالتدريج ليشمل أحوال المسلمين، وأوضاع البلاد العربية مثل سوريا والعراق وليبيا، وتحدث المدرس إلى صديقه الفتى أنه لا يوجد طريقة للدفاع عن المسلمين وبلادهم سوى الجهاد في سبيل الله، واستشهد ببضع أحاديث نبوية وأقوال مأثورة ليدلل على صدق كلامه، لم يفكر الطالب كثيرا فيما قيل قبل أن يقتنع به تمام الاقتناع.

انتظر المدرس عدة أشهر حتى تأكد من ولاء طالبه الجديد، وكيف أن عقله تربة خصبة لينبت بها أفكاره الشيطانية، مستخدما ظروف الطالب المادية كورقة ضغط لا يستطيع مقاومتها، وبعد أن تأكد من أنه أحكم سيطرته على الفتى، أخبره في أحد الأيام بضرورة أن ينضم لتنظيم «داعش»، ليجاهد في سبيل الله، وأنه سيكافئ في الدنيا والآخرة، كما أخبره بأنه يمكن من خلال «التنظيم» أن يسافر إلى دولة ليبيا ومنها إلى تركيا حيث يستطيع شراء منزل والزواج وتكوين أسرة.

لاقت هذه الأفكار المتطرفة والمغلوطة قبولا شديدا لدى الشاب، وفكر أنه أخيرا سيتخلص من معاناته، وبالفعل أعطاه مدرسة حسابا على «فيسبوك» باسم «أبو هاجر السوري»، ليتمكن من خلاله التواصل مع قيادات التنظيم، على أن يكون دوره حتى يسافر هو استقطاب الشباب من خلال الصفحة، ووعدهم بدفع مقابل مادي شهري لكل من سينضم التنظيم الإرهابي، وانطلق الشاب من خلال «فيس بوك»، يحرض على الدولة وعلى الجيش والشرطة، ويحاول استقطاب الشباب لمدة 7 أشهر.

وفي النهاية تمكن رجال الشرطة من خلال تحريات إدارة المعلومات، من تحديد هوية الطالب المتهم عن طريق الصفحة المذكورة، وألقى القبض عليه وأحيل للنيابة للتحقيق، فيما تمكن المدرس من الهرب.

وقررت نيابة الأحداث بالجيزة برئاسة المستشار محمد السطوحي، مدير النيابة، حبس طالب، 15 يوما علي ذمة التحقيقات التي تجري معه في اتهامه، بالسعي للانضمام لتنظيم داعش الإرهابي، ومحاولة استقطاب الشباب للانضمام للتنظيم وترويج الفكر التكفيري الخاص به، وأمرت بصرف صديقه الذي اصطحبه للمدرس المذكور، بعدما استمعت لأقواله لعدم علمه بالواقعة وعدم تورطه في أي من تفاصيلها.