«الصيدلي المختطف» يروي تفاصيل 7 أيام في أحضان «الجبل» (فيديو)

الخميس، 29 ديسمبر 2016 07:11 م
«الصيدلي المختطف» يروي تفاصيل 7 أيام في أحضان «الجبل» (فيديو)
سحر فاروق الحمداني

«أمير موريس إسحاق».. الصيدلي الأشهر بمحافظة أسيوط، الذي تم اختطافه يوم الأربعاء الماضي، من قرية «تاسا»، التابعة لمركز ساحل سليم، على يد مجموعة من الجماعة الإرهابية، والذي تمكنت قوات الأمن من تحريره، بمنطقة الجبل الشرقي، بقرية «قاو النواورة»، بمركز البدارى، كما تم ضبط بعض الخاطفين.

«أمير».. شاب في مقتبل العمر، والذي تم اختطافه من داخل صيدليته في قرية دير تاسا «الرويجات» وقت المغرب، أحد أبناء مركز ساحل سليم، التي تبعد نحو 25 كيلو متر عن مدينة أسيوط.

تفقدت «صوت الأمة»، المنطقة التي شهدت اختطاف الصيدلي، وأجرت هذا اللقاء معه.

«طريق غير ممهدة.. تبعد عن المحافظة نحو 45 كيلو متر.. معظم أبناء القرية مسيحيون.. وموقف سيارات في بداية القرية».. أنها قرية «دير تاسا»، التابعة لمحافظة أسيوط، ومنزل الصيدلي أمير موريس إسحاق، الشاب القبطي.. معاناة كبيرة حتي تصل إلى بيته، حيث استغرق مراسل «صوت الأمة»، نحو ساعة في الطريق غير الممهد.

«سيارة ربع نقل أو توك نوك».. إنها وسيلة التنقل داخل وخارج القرية.. استقل محرر البوابة «توك توك»، اختصارًا للوقت، وحتى يتمكن من تحري القصة كاملة لاختطاف «أمير».. وعلى بعد 8 كيلو مترات من شرق أسيوط، ظهر في الأفق رمال الصحراء، وهضاب عالية، طريق مهجور قلما ترى أثار سيارة على الطريق، وعلي اليمين تمتد «ترعى ضيقة» تمنع الحشائش المنتشرة رؤيتها، وعلى اليسار مصرف صغير يتقطع بين الحين والأخر، كما تظهر بعض «المدقات الجبلية»، حيث يطلق على بعضها «طريق الخواجة داوود، وطريق وادي الموت» نظرا لآن من يمر به لن يعود مرة أخرى -فبحسب روايات الأهالي-.

جولة من المتعب والرعب، حتى اختفت الرمال الصفراء، ووصل «المحرر»، إلى «دير تاسا»، أسفل سفح الجبل، بدأ سائق «التوك توك» يشرح لنا القرية هنا صيدلية الدكتور أمير التي اختطف من داخلها، تحت تهديد السلاح، - الصيدلية مغلقة ببوابة حديدية، ضرفتين وعليها قفل حديدي- تبعد الصيدلية عن الجبل الشرقي أقل من 2 كيلو متر، كما تبعد نحو 300 متر عن الطريق الذي هرب منه الخاطفين، وهو طريق «الرويجات البداري الشرقي»، تفصل القرية عن الجبل الشرقي المقابر التي شارك فيها الآحياء الموتى، وأثناء التقاط «المحرر» للطريق الجبلي، أسرع بعض الأهالي، ليتفحصون من يمر بقريتهم.

«مين؟.. بتعمل هنا أيه؟».. بهذه الكلمات بدأ «ع.ا»، أحد أهالي القرية، قائلًا: «منذ اختطاف الدكتور أمير؛ ونحن نراقب الطريق ومن يمر عليه؛ وللأسف استغل الخاطفون وقت المغرب لتنفيذ جريمتهم، فجميعنا في هذا التوقيت مشغلون إما في الصلاة أو العودة بالحيوانات التي نرعاها»، مضيفًا إن «دير تاسا، والشامية» شهدتا اختطاف عدد كبير من المسيحيين بغرض طلب الفدية، منهم من نجى من الموت سواء بعد دفع الفدية أو تدخل الأجهزة الأمنية لتحريره».. استمر بالكلام إلى أن وصل «المحرر»، إلى بيت الصيدلي المختطف.

وفي منزل «أمير»، لا تجد مكان تجلس أو تقف من زحام المهنئين بعودته، كما لا تستطيع أن تكمل حديثًا بسبب الضجيج وأصوات الضيوف والاسرة الفرحة.. لحظات تمكنت «صوت الأمة»، من اختطافها، كانت كفيلة حتي يلقي «أمير» قصة اختطافه على يد الجماعة الإرهابية.

«الحمد لله.. كانت أصعب أيام حياتي، في البداية هاجم 4 مسلحون يستقلون سيارة ربع نقل الصيدلية، تخيلت أنهم يريدون السرقة، لكن فوجئت أنهم يصطحبوني معهم»، هكذا بدأ الصيدلي حديثه، مضيفًا «أصبت بأنفي وأصبع يدي أثناء المقاومة، بعدها وضعوني في السيارة وأعصموا عيني بغمامة، واتجهوا بي نحو الجبل الشرقي».

وتابع: «أول 4 أيام قضيتهم في مكان ضيق أسفل الجبل، سطحه مكشوف وكنت أنام داخله، ثم نقلوني إلى كهف مدخله ضيق، لكنه واسع من الداخل، كان يتردد أحدهم عليا، قضيت غالبية الوقت معصم العينين لذا لم أرى وجوههم، وعندما يرفعوا عني الغمامة يخفونه هم وجوههم»، مضيفًا: «تباينت معاملتهم معي فأحيانا كانوا يأتوا لي بالطعام والشاي، وأحيانا أخرى يتعدون عليا».

«سمعت كتير كلمت هترجع.. وأكتر كلمة هندبحك أو هنموتك»، هكذا أكمل «أمير». وأردف: «وكانوا بيقولو هموتك لان والدك لا يحبك ورفض أن يدفع الفدية، كنت أصدقهم احيانا واحيانا اُخرى لا أصدقهم، كنت أصلي لربنا وعندي ايمان أني هارجع لابنتي وزوجتي ووالدي ووالدتي، واحيانا كان يصيبني اليأس، لم أكن اعلم مبلغ الفدية التي طلبوها من والدي، ولكن والدي طلب أن يسمع صوتي حتى يتأكد من وجودي لديهم، وعلمت منه أنهم يريدون 5 ملايين جنيه».

وتابع صيدلي «دير تاسا»: «ويوم الإثنين قالولي هاتروح النهاردة، نزلوني من الجبل وبعد نصف ساعة طلعوني تاني، وقالولي والدك وعدنا أنه هاجيب المبلغ ولم يأتي، وفي الساعة الثانية من صباح الثلاثاء، ايقظني من النوم ونزلوني من الجبل، وأخبروني أني هاروح لم أصدقهم، لكن بالفعل تركوني في ظهير قرية القنطرة التابعة لمركز البداري».

لافتًا إلى أنه التقى في تلك القرية «رمضان»، قائلًا: «في البداية ظن أني حرامي، عندما رأي ملابسي متسخه، أخبرته بقصة اختطافي وطلبت منه الاتصال بوالدي من هاتفه حتى يتأكد من كلامي، بعدها والدي بلغ الشرطة بعودتي، ثم تم اصطحاب إلى المنزل».

دموع الفرحة تسيل من عينيه، وبسمات عودة «أمير» تسابقها، وبصوت يحمل من الفرحة تارة ومن الحزن أخرى، يقول والد صيدلي «دير تاسا»، إنه تلقى اتصال تليفوني الساعه 7 مساء يوم الأربعاء، من أهالي القرية، ليخبره أحد الجيران: «ملثمين مسلحين كانوا يستقلون سيارة ربع نقل بيضاء اختطفوا ابنيك».

وتابع: «أسرعت إلى القرية وجدت عدد كبير من القيادات الأمنية.. حتى تلقيت اتصال تليفوني في اليوم الثاني من الخاطفين يطلبون فدية 5 ملايين جنيه مقابل إطلاق سراح (أمير)، وطلبت منهم إني اسمع صوت إبني قبل أي اتفاق فأغلق الهاتف، وعاود الاتصال مرة اخرى بعد يومين وكرر طلب الفدية، وطلبت منه ثانية أن اسمع صوت ابني أولا فأغلق الهاتف مرك أخرى.

«وفي يوم الأثنين سمعت صوت خطف قلبي.. بابا بابا أنا كويس»، هكذا أكمل والد الصيدلي، مشيرًا إلى أن الخطفين طالبوا بدفع الفيدية وعندم أخبرتهم انني لا أملك هذا المبلغ، وكل ما يمكنني تدبره (250 ألف جنيه)، فأغلقوا الهاتف، وتولت الأجهزة الأمنية متابعة المكالمات معهم لتحديد مكان اختطاف ابني.

وفي الساعه الثالثة صباح يوم الثلاثاء، اتصل بي شخص يدعى «رمضان» أبلغني بوجود أبني معه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق