«الأسد» يجبر رومانيا على رفض ترشيح «مسلمة» لرئاسة الحكومة (تقرير)

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016 03:25 م
«الأسد» يجبر رومانيا على رفض ترشيح «مسلمة» لرئاسة الحكومة (تقرير)
بيشوي رمزي

في الوقت الذي تشهد فيه تيارات اليمين المتطرف صعودا كبيرا، توالت المفاجأت السياسية في رومانيا، حيث حقق حزب الديمقراطيين الاشتراكيين فوزا كبيرا في الانتخابات الأخيرة، يمكنهم من تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، حيث استطاع الحزب اليساري تحقيق حوالي 45% من الأصوات التي شاركت في التصويت الذي تم إجراؤه هذا الشهر، ليقوم بترشيح سيفيل شحادة، لتصبح أول سيدة مسلمة يتم ترشيحها لمنصب رئيس الوزراء هناك.

ترشيح امرأة مسلمة لتتولى السلطة التنفيذية في بلد أوروبي في هذا التوقيت ربما كان مفاجئا لقطاع كبير من المتابعين، خاصة وأنه كان من المتوقع أن يتم ترشيح رئيس الحزب ليفيو دراجنيا للمنصب، إلا أن اتهامه في قضية تزوير تتعلق بالانتخابات الماضية، حال دون وصوله إلى المنصب، ليقدم الحزب اليساري «شحادة» للمنصب، إلا أن المفاجآت لم تتوقف عند هذا الحد، حيث أنه بعد أيام من ترشيحها، أعلن الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، برفضها مطالبا حزبها المنتصر في الانتخابات بتقديم مرشح آخر للمنصب.

أرثوذكسية الشارع الروماني
يوهانيس لم يقدم أسبابا واضحة لموقفه الرافض لها، إلا أن العديد من المحللين يرون أن الأمر لا يقتصر على عامل وحيد، فهناك عوامل تتعلق بديانتها، باعتبارها مسلمة، في ضوء مخاوف كبيرة لدى الأوروبيين من جراء التهديد الذي من المحتمل أن يشكله المسلمون للهوية الثقافية لبلدانهم، بينما يرى البعض الأخر أن الخبرة السياسية ربما يكون لها دور كبير، بينما هناك عوامل أخرى ترتبط بالحياة الشخصية للسيدة الرومانية.

يقول الكاتب الأمريكي كيت جيليت، في تقرير منشور له بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إنه ليس من المستبعد أن تكون ديانة المرشحة سببا في ذلك، موضحا أن الغالبية العظمى من الرومانيين ينتمون للمذهب المسيحي الأرثوذكسي، وبالتالي فكان قرار الرئيس، والذي ينتمي لتيار اليمين الوسط، هادفا لاسترضاء القطاع العريض من الشارع خاصة في التوقيت الذي تشهد فيه جميع دول الجوار الأخرى توجها نحو اليمين، بالإضافة إلى توجهاته الشخصية التي تتجه نحو نفس المنحى.

مصيدة للرئيس
إلا أن الاختيار نفسه من جانب الحزب الفائز في الانتخابات الأخيرة في رومانيا مثير للغط إلى حد كبير، وهو الأمر الذي يراه البعض محاولة من جانب الحزب الفائز لإثارة أزمة سياسية مع الرئيس قد تؤدي إلى محاكمته وعزله من منصبه، في حالة رفضه، أو على الأقل أن يكون لدى رئيس الحزب القدرة على حكم البلاد من خلف الكواليس في ظل نقص الخبرة السياسية للمرشحة.

في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني، تقول صحيفة «الجارديان» البريطانية إن «شحادة» لا تمتلك الكثير من الخبرة السياسية، حيث لم يسبق لها العمل في مناصب تنفيذية كبيرة من قبل سوى منصب وزير للتنمية ببلادها في العام الماضي، حيث لم تستمر فيه لأكثر من 5 أشهر فقط، حيث تقدمت الحكومة بأكملها باستقالتها في أواخر العام.

من جانبه، علق رئيس حزب الديمقراطيين الاشتراكيين ليفيو دراجينا على قرار الرئيس الروماني بقوله هذا الرجل يسعى لافتعال أزمة سياسية في البلاد، سوف نتشاور مع باقي أعضاء الحزب لمعرفة إمكانية التحرك نحو إقالة يوهانيس.

أمن «ناتو»
غير أن الجانب الأهم في القرار يرجع لأسباب أخرى، ترتبط بالحياة الشخصية والمواقف السياسية للمرشحة لمنصب رئيسة الوزراء في رومانيا، حيث أنها متزوجة من رجل سوري داعم لنظام الرئيس بشار الأسد، كما سبق له العمل بوزارة الزراعة السورية لمدة تتجاوز الـ20 عاما، كما أن «شحادة» نفسها سبق لها الإدلاء بالعديد من التصريحات السياسية التي أعربت خلالها عن دعم النظام وكذلك للميليشيات المتعاونة معه، وعلى رأسها حزب الله اللبناني.

من جانبه، قال المحلل الروماني أندريه تارانو، إن الرئيس لم يقدم تفسيرا لأسباب رفضه ترشيح الحزب الفائز في الانتخابات الأخيرة، إلا أن الأمر رربما يتعلق في الأساس بالأمن القومي، موضحا أنها بحكم منصبها سوف تتطلع على أسرار تتعلق ليس فقط بالأمن القومي للدولة، ولكن تتعلق كذلك بحلف شمال الأطلسي «ناتو» على اعتبار أن رومانيا هي أحد الدول الأعضاء في الحلف، وهو الأمر الذي قد لا يكون مقبولا من دول الحلف الأخرين، على رأسهم الولايات المتحدة، في ضوء توجهاتها الموالية للنظام السوري.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق