نائب رئيس «صناعة الدواء»: تحريك الأسعار هو الحل (حوار)
الأربعاء، 28 ديسمبر 2016 01:58 م
قال الدكتور أسامة رستم نائب رئيس غرفة صناعة الدواء إن زيادة أسعار المواد الخام التي تدخل في صناعة الدواء المحلي أدت إلى تكبد شركات الإنتاج خسائر خلال الأشهر الماضية، وطالب خلال حواره لبوابة «صوت الأمة» بتحريك أسعار الدواء وإعادة تنظيم شركات «التول»، وإلى نص الحوار.
من يمتلك تسعير الدواء في مصر؟
لا يستطيع أحد في مصر أن يحرك سعر الأدوية، سواء بالارتفاع أو الانخفاض إلا الجهة المسؤولة في الدولة والمتمثلة في وزارة الصحة، والأدوية المتداولة حاليا مسعرة جبريًا من التسعينات حينما كان الدولار يقدر بنحو 1.80 قرش ولم يتم الاقتراب من الأسعار إلا في شهر مايو الماضي حينما تم رفع الأسعار بعد أن ارتفع سعر صرف الدولار من 5.40 إلى 8.88 قرش، وبدأت وقتها الشركات ترفع راية الخسارة وارتفاع التكلفة مقابل سعر البيع، ما دفع وزير الصحة وقتها لتحريك سعر الأدوية لما دون 30 جنيها بزيادة بحد أدنى 2 جنيه وحد أقصي 20%.
ماهي نتائج التعويم علي الدواء؟
كنا نتصور أنه بعد قرار تعويم الجنيه، ستتوافر النواقص ولكن لم نستطع توفير المواد الخام، ولم تتمكن شركات الأدوية من فتح الاعتمادات بالأسعار الرسمية، ورغم وصول سعر الدولار إلى 19 و20 جنيها مازالت أسعار الأدوية ثابتة بينما ارتفعت أسعار المواد الخام ولوازم الانتاج.
كم تبلغ نسب استخدام المواد المستوردة في الدواء؟
تصل نسبة المواد الخام المستوردة في الأدوية المحلية من 90 إلى 95%، ومع انخفاض الجنيه مقابل الدولار أصبحنا أمام معضلة تفاوت كبيرة ما بين عناصر التكلفة ولوازم الانتاج، وبين سعر البيع، فالمنتج الذي تصل تكلفته 20 جنيها، يباع من 3 إلى 5 جنيهات، ولا تستطيع الشركات أن تتحمل تكلفة الصناعة وتبيع بالخسارة، وبالتلالي فمن العدل أن يباع المنتج بسعر تكلفته دون خسارة.
لماذا اختارت الشركات تحريك الأسعار كحل للأزمة؟
بالعكس هو اقتراح ضمن عدة اقتراحات، وإذا كانت الدولة لا تستطيع دعم التصنيع فعلى الأقل ترفع الأسعار بشكل يجعلنا نستمر في الانتاج، فالتكلفة لابد وأن يتحملها طرف حتى لاتخسر الشركات، لذلك التقي وزير الصحة بشركات التصنيع المحلية والأجنبية والمستوردين ومن المقرر أن ينظم لقاء مع رئيس مجلس الوزراء لتحديد الحلول الأفضل.
هل نستطيع تصنيع المواد الخام محليا؟
بالطبع نمتلك المقومات لتصنيع المواد الخام محليًا وهذا أمر ليس صعب، لكن علينا أن ندرس الموضوع أولًا للتحقق من أن التصنيع محليًا سيكون أوفر من الاستيراد وإلا يكون المجهود ذهب هباءً، خاصة وأن إنشاء شركات التصنيع الطبية مكلف جدا، كما أن الدراسات والأبحاث والتصنيع نفسه سيكون مكلفا، فلابد من دراسة كل هذه المدخلات ووضع دراسة جدوى محكمة لنتأكد من اتساع السوق المحلية لهذا المنتج لنتمكن من المنافسة.
يتردد أن شركات الأدوية تربح 500% وأن مافيا الأدوية تستغل المريض وتخزن الأدوية لرفع الأسعار.. ما رأيك؟
كلام غير صحيح، فجميع مصانع الأدوية مراقبة من قبل وزارة الصحة لكافة مراحل الإنتاج بداية من التصنيع وحتي التوزيع وتنشر مفتشيها علي الشركات وهي تعلم جيدا رصيد المواد الخام لدي كل شركة وكمياته وكم يتكلف تصنيع مستحضر معين. وردًا علي إتهام ارتفاع الربح علي حساب المريض أقول أن هذه الشركات مقيدة بهيئة الاستثمار وبحسب المستندات فإن أعلى ربح لأكبر شركة هو 22%، كما أن بعضهم يتراوح ربحها ما بين 4 إلي 5% وحاليًا فإن معظم الشركات تعمل بالخسارة خاصة الشركات الحديثة في السوق والتي تنتج كميات محدودة.
إذا كانت الشركات تحقق ربحا كبيرا بحسب مايتردد، فلماذا طبقت زيادة مايو؟ هل وزير الصحة أو رئيس مجلس الوزراء علي غير علم بهذه الأرباح الكبيرة؟ أم أن ماحدث كان بالفعل مساندة للشركات لتوفير الأدوية بالسوق بعد تعرضها للخسائر، كما أنني مندهش من تهمة أننا نربح هل هذه تهمة نعاقب عليها ونحن نعمل ونقدم للمجتمع سلعة حيوية.
هل نفذ مخزون المواد الخام لدي الشركات كما يقال؟
منذ عدة أشهر ونحن لم نستورد مواد خام نظرًا لعدم استقرار سعر العملة وما سيكلفنا من خسائر، ومع استمرار التصنيع الرصيد يقترب من النفاذ.
ما هي الحلول البديلة لتحريك الأسعار؟
تقدمنا بعدة مقترحات كبديل عن رفع الأسعار ولكن معظمها تحتاج لوقت طويل لتطبيقها، كما أن بعض الحلول الاقتصادية التي تقدمنا بها كانت دعم الصناعة بمعنى أن يوفر الدولار للشركات المنتجة والمستوردة بالسعر الرسمي وتتحمل الدولة فارق الأسعار، ولكن أيضًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلد أصبح الحل غير مناسب خاصة وأن الاتجاه لتقليل الدعم بشكل عام، وخفض دعم المحروقات في ظل ارتفاع مضاعف للكهرباء والغاز في الشهرين الماضيين، فضلًا عن زيادة في رواتب العاملين كنتيجة طبيعية لزيادة الأسعار.
ما رأيك في اقتراح مجلس النواب بفصل الإنتاج عن التوزيع؟ وما هدفه؟
الهدف من المقترح مواجهة الاحتكار بحسب رأيهم، هذا بناءً على أن الشركة هي التي تنتج وفي ذات الوقت هي التي تقوم بالتوزيع. وأنا رأيي في هذه النقطة أن يتولي موزعين هذه الخطوة لتحقيق فرص المنافسة حتي لايحتكر أحدهم السوق وينفرد به، في حين يسمح للشركة المنتجة أن تساهم في توزيع منتجها، ولكن ليس من المعقول أن يحظر على الشركة أن تشترك في التوزيع هذا أمر مرفوض، والغريب أن معظم الشركات تطبق هذه الطريقة بخلاف 3 أو 4 شركات كبري كما أن بعض كبار الموزعين دخلوا في مجال التصنيع، وحتى كبار الشركات لا تستطيع أن تغطي السوق بأكمله بمفردها.
أين دور الشركات الحكومية؟
لدينا عدد من الشركات الحكومية العاملة في تصنيع الدواء ومنذ عدة سنوات كانت لهم حصة كبيرة من السوق، ولكن تراجع دورها حتي أصبح معدوما وغير مؤثر نتيجة الإهمال وزيادة الأعباء على تلك الشركات كما أن يد الاهمال في تطويرها تسبب في إستنزاف الطاقة البشرية والكفاءات، وأنا شخصيًا أطالب بدعم هذه الشركات واستعادة مكانتها خاصة وأن لديها دور كبير في استقرار السوق وضبطه والقضاء على الاحتكار وتوازن المنافسة.
وليس من المعقول أن تكون هذه المصانع منشأة منذ الخمسينيات أو الستينيات ولم تطور أي إمكانياتها وفي المقابل شركات القطاع الخاص تدفع بهامش كبير من أرباحها في تطوير مصانعها. ولإعادة تشغيلها بصورة جيدة تحتاج إلي ضخ أموال هائلة، كما أنها تعاني نفس معاناة الشركات الخاصة من ارتفاع في تكلفة الإنتاج مقابل سعر متدني للبيع وينتج عن ذلك مع زيادة الإنتاج تزيد الخسائر، ووفقا للقانون هي تنفق أرباحا للعمال في ظل تعرضها للخسارة.
هناك اتهامات عديدة موجهة لشركات «التول» بالوقوف وراء زيادة الأسعار.. ما رأيك؟
أرفض اتهام شركات «التول»-شركات صغيرة تصنع الأدوية لدى الغير لعدم امتلاكها مصنع- بالوقوف وراء زيادة الأسعار، وهذه الاتهامات جزء منها حقد ، حيث أن الشركات تحقق نجاحا كما أن الحكومة تراقب آداءها جيدًا وتحدد لهم هامش الربح ولا مجال للتلاعب، وبالرغم من اتباع نظام «التول» في العالم كله لكنه يحتاج إعادة تنظيم في مصر، ونحن لدينا ما يزيد عن 1200 شركة «تول» تعمل في السوق وتاعاني من الأسعار.
كل من يحصل علي رخصة دواء يذهب لمصنع آخر لينفذه، بينما لايعتبر المصنع مسؤولا عن هذا المستحضر، ما نتج عنه مشاكل بسبب الأدوية منتهية الصلاحية المتراكمة في المخازن والصيدليات ولايوجد موقع مسؤول، عكس الدول الغربية فيسمح فيها بالتصنيع في مصنع قائم لصاحب الترخيص وكلاهما مسؤلان عن الدواء، لذلك اضطرت وزارة الصحة عدم التصريح لأي شركات «تول» حديثة حتى يعاد تنظيمها، خاصة وأن الشركات كانت تزيد بشكل كبير.
ماهي الحلول من وجهة نظرك؟
هناك حل على المدي البعيد وهو الأصح، حيث يكون لدينا سياسة تسعير واضحة بناء على نقاط معروفة للجميع بحيث يستطيع كل صاحب شركة أن يحسب كل دواء من الإنتاج حتي البيع وهامش ربحه، كما يجب إعادة تسعير كل المنتجات الدوائية بمصر ويعاد تسعيرها كل عامين وما تزيد تكلفته نرفع سعره وما يقل نخفض سعر بيعه وهكذا، كما يجب تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل حتي يغطي من لايستطيع تحمل نفقات العلاج ليجد علاجا جيدا وتتحمل الدولة دورها ومسؤليتها تجاه الشعب.
ما هي الزيادة المناسبة التي يجب إقرارها على أسعار الدواء؟
15% من المستحضرات الطبية تزيد بنسب 40 و50% بحسب سعرها، وبعد فترة 6 أشهر يعاد تسعيرها مرة أخرى.
وأنا مندهش من رفض زيادة أسعار الدواء حتى من قبل الشعب الذي تفهم وتقبل زيادة كل السلع والخدمات على اختلاف أنواعها حتى الكشف لدى الأطباء ارتفع مرة واحدة ليتجاوز 500 و700 جنيه بينما طبق نظام جديد وهو أن الاستشارة تدفع لها مبلغ أيضا ويقبل المريض بذلك والإشاعات والتحاليل حتي الأكل وأرخص الأطعمة ارتفعت أسعارها حتى الخدمات المقدمة من قبل الحكومة من كهرباء وغاز ومياه وخلافه بينما الدواء هو سلعة حيوية الجميع يرفض زيادته دون المناقشة وبحث أهمية ذلك للتصنيع هذا أمر غريب وغير منطقي خاصة وأن الدواء لايتعدى 20% من تكلفة العلاج.