بسنت فهمي: «تعويم الجنيه» تأخر 20 عاما.. والمواطن البسيط الأحق بالدعم (حوار)

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016 07:15 م
بسنت فهمي: «تعويم الجنيه» تأخر 20 عاما.. والمواطن البسيط الأحق بالدعم (حوار)
الدكتورة بسنت فهمي، عضو مجلس النواب
حوار: سحر حسن - عدسة: مؤمن سمير

أكدت الدكتورة بسنت فهمي، عضو مجلس النواب، والخبيرة المصرفية، أن قوة أو ضعف أي عملة تعد انعكاسا لقوة اقتصادها، مشيرة إلى أنه لا توجد دولة في العالم لها سعرين للعملة إحداهما داخل الجهاز المصرفي والأخرى من خلال السوق السوداء.

وقالت في حوارها لبوابة «صوت الأمة»، إن قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار كان ضروريا خاصة أن جميع الواردات يتم استيرادها بالعملة الصعبة في دولة غير منتجة، والسياحة شبه متوقفة، وقناة السويس مرتبطة بالتجارة العالمية، وإلى نص الحوار:

- ما تقيمك للقرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا ومنها تحرير سعر الصرف؟
قوة أو ضعف أي عملة تعد انعكاسا لقوة اقتصادها، والطلب عليها طبقا لسياسة العرض والطلب فلا توجد دولة في العالم لها سعرين للعملة إحداهما داخل الجهاز المصرفي والأخرى من خلال السوق السوداء.

- هل ذلك مسئولية المواطن أم الحكومة؟
بكل تأكيد مسئولية المواطن لأنه ترك عمله وحول العملة إلى سلعة، ومن ثم فالحكومة اضطرت لرفع السعر في البنوك لتعود العملة مرة أخرى إليها ليتم التداول بسعر واحد فقط، فالحكومة استمرت لفترات طويلة في اتباع سياسات خاطئة من خلال دعم العملة وكأنها تدعم المصدرين في العالم كله على حساب المصريين إلى أن سحبت الاحتياطي النقدي كله، حتى أصبح السوق المصري يستورد 97% من احتياجاته الغذائية منها 65% من الفول، و85% من الزيوت، و80 % من القمح.

- لماذا يعاقب المواطن على سياسات الدولة؟
ليست سياسات الدولة وإنما لرغبة جميع المواطنين في توظيف أبنائهم في الحكومة والبعد عن أولوياتنا واحتياجاتتا من الإنتاج الزراعي، حتى وصل عدد الموظفين بالدولة إلى 7 ملايين موظف في حين أن الاحتياج الفعلي في الجهاز الحكومي لا يتعدى مليون موظف فقط، ومع ذلك رفعت الدولة المرتبات مرتين خلال الخمس سنوات الماضية بالدين، بالإضافة إلى دعم الاستهلاك لمدة 60 عاما بدلا من دعم الإنتاج وهذه من أهم السياسات الخاطئة للحكومات السابقة، فكل دول العالم تهتم بدعم الزراعة ومنهم أمريكا أعتى الدول الرأسمالية وكذلك فرنسا، وأستراليا، وكندا، وإيران، وتركيا، ومن ثم أصبحنا في احتياج شديد للأمن الزراعي الذي أهمل منذ الخمسينات من خلال تشجيع الفلاحين على التعليم وبعدهم عن «الفلاحة» وكأن الزراعة عيب، لذلك لم يجد الفلاح أي رعاية من الرؤساء السابقين.

- ماذا عن تعويم سعر الجنيه؟
الحكومة ليس لديها حل آخر غير ذلك لأن كل واردتنا يتم استيرادها بالعملة الصعبة فى دولة غير منتجة والسياحة شبه متوقفة وقناة السويس مرتبطة بالتجارة العالمية ولا ننتج ولا نصدر، وبالرغم من ذلك الحكومة ملزمة بتوفير الغذاء للمواطن، لذلك كان لا بد من اتخاذ القرار الذي تأخر لمدة 20 عاما لأن الدولة كانت تدعم الفساد بدعمها للعملة ما أدى إلى استيراد الأسماك من فيتنام في حين أن مصر لديها أكبر ثروة سمكية ولكن الاستيراد كان أرخص لأن «مفيش حد عايز يزرع ولا يصطاد».

- كيف يمكن تشغيل العمالة المصرية في حين قانون الاستثمار يسمح للمستورد بتشغيل عمالة أجنبية بنسبة من 10 إلى 20%؟
الاستعانة بالعمالة الأجنبية مهم جدا لمصلحة المصريين لأن الأجانب يدربوا المصريين بشكل رائع، وكل عام يتناقص عددهم ويتولى المصريون العمل بالكامل في المشروعات الاستثمارية، وهذا مهم جدا ليس فقط بالنسبة للتدريب الفني، وإنما لاكتساب مهارات حياتية كالنظام والدقة والالتزام بالمواعيد، ومن ثم فموعد بداية العمل عند الأجانب يختلف عن موعد الحضور للعمل، وهذه الثقافة لا توجد في مصر فالموظف يذهب لعمله بعد مواعيد العمل ثم يتناول الإفطار ويتناول المشروبات «القهوة» ويقوم بالمعايدات على زملائه كل ذلك من وقت العمل وهذا طبعا يختلف تماما عن ثقافة الأجانب، كما أن الموظف ملتزم بمواعيد الحضور وليس لديه مواعيد للانصراف تبعا لحاجة العمل، فمتوسط عمل الفرد في أمريكا 7 ساعات ونصف، وفي اليابان 6 ونصف، وألمانيا 8 ساعات، أما في مصر 17 دقيقة.

- تطبيق ضريبة القيمة المضافة مع ارتفاع سعر المحروقات لم يكتوِ بها إلا المواطن البسيط، فهل كان من الضروري اتخاذ كل تلك القرارات في وقت واحد؟
بالفعل بعض الأشياء كان يمكن أن تتم بالتدريج ولذلك طالبت بتأجيل ارتفاع سعر السولار بسبب موسم الشتاء ونقل الخضروات وكان من الممكن أن يضع الدولة فترة طويلة في حالة من عدم الاستقرار.

- ما تقييمك للطبقة المتوسطة التي اختفت تماما في ظل «نار» الأسعار؟
مسئولية الحكومة الحفاظ على الطبقة البسيطة وليس المقتدرة، أما الطبقة المتوسطة فهي تنقسم إلى قسمين، الأول مجهد ماديا ويعاني بالفعل، والثاني السبب في الأزمة الحالية لأنهم لا يدفعون الضرائب ومنهم الأطباء والمهندسين والأعمال الحرة.


- من هو المواطن البسيط من وجهة نظرك؟
الذي لا يستطيع العيش بمرتبه.

- 70% من الموظفين لا يستطيعون العيش بمرتباتهم في ظل جنون الأسعار بالمقاييس العالمية؟
المقاييس العالمية تختلف تماما عن المقاييس المصرية من حيث أسلوب المعيشة ففي أغنى بلاد العالم المواطن يشتري كل احتياجاته بالقطعة من الفواكه واللحوم وكل السلع للحفاظ على اقتصاد الأسرة أما في مصر نشتري بالكيلو ونهدر كثير من الأطعمة والعيش بما يكلف الدولة الكثير وهذه الثقافة لا بد أن تتغير، الفلاح في أغنى دول العالم يعني الإقامة بجوار أرضه، أما في مصر الفلاح يسهر طوال الليل، والمحال تفتح بعد الساعة 12 ظهرا واستمرار العمل بها حتى الواحدة صباحا ثم يستكمل المواطن ليله على المقاهي، فالقاهرة مضاءة 24 ساعة «فين الكهرباء إللي هتستحمل كدة» لذلك فالمنظومة كلها لا بد أن تتغير.

- ما تقييمك لرفع الدعم التمويني عن فئات كبيرة من الشعب؟
الدعم لا بد أن يوجه للبسطاء فقط، «أي حد تاني يظبط نفسه بنفسه».

- ماذا عن الحد الأدنى للأجر من وجهة نظرك؟
1500 جنيه للأسرة البسيطة التي تستحق الدعم.

استثناء بعض الفئات بالدولة من تطبيق الحد الأقصى للأجور يؤجج الشعور بعدم العدالة، وعدم تطبيق ضريبة الأرباح على البورصة، ما تقييمك لذلك؟
أوافق تماما على تطبيق الحد الأقصى على الجميع دون أي استثناءات بالإضافة إلى ضم الصناديق الخاصة لميزانية الدولة والبت في عدد المستشارين وتطبيق الضرائب التصاعدية وتقنيين المصروفات الحكومية وكلها أمور مفتوحة ونناقشها في البرلمان ونطالب بتصحيح الأوضاع، أما عدم تطبيق ضريبة الأرباح على البورصة فقد اعترضت عليها بشدة لأن البلد تحتاج إلى موارد جديدة.

- المستثمر الأجنبي في مصر يحظى بكثير من الامتيازات عن المصري ماذا عن ذلك؟
للأسف إعفاء المستثمرين الأجانب من الضرائب يذهب لصالح دولهم وكأن مصر تقدم الضريبة هدية للدولة الأخرى وهذا نظام الضرائب العالمي بمعنى المستثمر لا يستفيد من الإعفاءات الضريبة المستفيد دولته.

- ما تقيمك لتوالي الأزمات الحكومية من سكر وأرز وأدوية؟
هذه الأزمات نتجت لعدم وجود استراتيجية للحكومة ولذلك قدمنا في اللجنة الاقتصادية بالبرلمان دعوة إلى وزراء التموين، والزراعة والري للحضور للبرلمان لمعرفة الاستراتيجية الموضوعة من قبلهم لتوفير الأمن الغذائي للمصريين، حتى لا يلقي كل وزير بالمسئولية على الآخر، وقد التقينا نوابهم وطلبوا مهلة لتقديم البيانات المناسبة خلال 10 أيام فإذا لم نقتنع بردهم على استفساراتنا سيكون الأمر مختلف.

- البرلمان متهم بأنه برلمان الحكومة وليس الشعب ما ردك على ذلك؟
السبب في ذلك أن بعض الأعضاء يدافعون عن الحكومة لدرجة تضحك، ولكن على الجانب الآخر هناك لجان تقدم بحوث ودراسات وحلول جيدة جدا للقضاء على الأزمات، فالمشكلات كثيرة وممتدة منذ سنوات طويلة وتحتاج إلى وقت.
- لم يتقدم نائب واحد باستجواب لرئيس الوزراء عن قرار إعفاء الضريبة على الدواجن المستوردة ما نتج عنه أرباح بمليار جنيه لأحد المستوردين؟
ليس من الضروري تقديم استجواب وإنما المجلس ضغط بشدة حتى تراجع رئيس الوزراء عن قراره وطلبنا منه إرسال جميع المستندات التي تؤكد على عدم استفادة أحد من هذا القرار في حينه، ولكن الأمور تحتاج إلى وقت فلا بد أن نمهله «هي مش خناقة إحنا مش ضدين ومشاكل البلد عميقة».

- ما تقييمك للمصالحات المالية مع رموز عصر مبارك؟
هذا الأمر خطير جدا لأنه يقنن الفساد والمصالحة في حد ذاتها اعتراف بارتكاب الجريمة وليس فيها أي قدوة للشباب.

- هل مصر تمتلك ثروة بترولية بالفعل؟
مصر عائمة على بترول وغاز وأتذكر أن أحد البنوك المصرفية الأمريكية التي كنت أعمل بها سابقا ومعظم معاملاته في قطاع البترول كانت للتنقيب عن البترول في مصر ثم إنهاء أعمال البحث بحجة أن أعمال التنقيب باهظة التكلفة ولكن الآن اكتشفنا أن مصر عائمة على بترول وغاز فإذا فتحنا هذا المجال بالإضافة إلى اكتشافات الذهب لتغير اقتصادنا تماما. 

- هناك خلاف دائم بينك وبين نواب 25 ـ 30 فلماذا؟
ليس لديّ مشكلة معهم فكلهم أولادنا لكن فرق السن يجعلنا أكثر تريث عن فترة الشباب وأحب أن أتناقش معهم بالعلم وليس بالمشاعر لأنه ليس لدينا رفاهية تضييع الوقت أو الجدال لمجرد إظهار أنهم وطنيين وغيرهم لا «مبحبش الأسلوب ده منهم وفي ناس مساكين ممكن يسمعوهم ويفهموهم غلط لإن مش أي كلام يتقال في أي وقت».

- البعض يتهمك بأن ولائك للنظام لكونك النائبة المعينة فما ردك على ذلك؟
لا يوجد فرق بين النائب المعين ونائب الأحزاب فإذا كان الرئيس لديه حزب لاستطاع تعيين النواب من خلاله أما عن قضية الحد الأقصى للأجور التي يتبناها النواب في « 25 – 30»، «خلينا ساكتين بقى لأن هناك فرق كبير بين الحد الأدنى للأجر الذي يعد لعب بالألفاظ وبين الحد الأدنى للدخل الذي قد يصل إلى ملايين الجنيهات بالمكافآت»، وبعض منهم دخلهم يتعدى الحد الأقصى للأجور 10 مرات، «علشان كدة محبش اسمع منهم صوت عالي لازم يكون في مبادئ» لذلك أغلقت كل حساباتي الخاصة قبل دخولي البرلمان ولم يفعل ذلك أحد غيري، وكل هؤلاء الشباب يمارسون عملهم الخارجي والقانون يمنع ذلك.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق