إيران تسعى لتصدير الغاز إلى أوروبا بمساعدة «موسكو» بعد وقف إمداده عبر سوريا

السبت، 17 ديسمبر 2016 09:32 م
إيران تسعى لتصدير الغاز إلى أوروبا بمساعدة «موسكو» بعد وقف إمداده عبر سوريا
محمود علي

تعددت التقارير الغربية والعربية عن ما يجري في الشرق الأوسط من صراعات لا مفر منها من أجل الوصول إلى أنابيب النفط، لكن لم تعد أنابيب النفط وحدها سببًا لتلك الصراعات فقد دخلت إلى الحلبة أيضًا بجانبها صراعًا آخر يسمي الغاز الطبيعي الذي يصنف ضمن أهم الثروات الطبيعية في الفترة المقبلة، حيث يكتب الجنرال الأمريكي المتقاعد رالف بيترز، في مقال له سابق، «بينما تشهد حمامات من الدم لا مفر منه من أجل الوصول إلى النفط أصبح الغاز الطبيعي الذي يصنف ضمن الطاقة النظيفة هو مصدرًا مهمًا لتلك الصراعات».

هناك طموح لكل الدول العربية والإقليمية في المنطقة لتصدير غازها عبر الأنابيب نحو أوروبا؛ وهنا تكمن أهمية «تركيا، ومصر، وإيران، وروسيا» كلاعب استراتيجي في تلك المعادلة بسبب موقعها الجغرافي، وامتلاك بعضهما لوفره من الغاز الطبيعي، وفي الوقت الذي تستعد فيه القاهرة لاستخراج الغاز من حقولها المكتشفة الجديدة تسارع جميع الدول الباقية من أجل الفوز بالسوق الأوروبي دائم الاحتياج للغاز الطبيعي.

وفي نفس السياق ومع موجه ظهور آبار وحقول الغاز في البحر المتوسط، انتشرت الاتفاقيات والتفاهمات الإقليمية بشأن تصدير الغاز، فبداية من التحدث عن اتفاقية تركية - إسرائيلية لتصدير الغاز من الأراضي المحتلة عبر تركيا إلى أوروبا، مرورًا بتصريحات عن اتفاقيات ستعقد بين تركيا وروسيا بشأن تصدير الغاز الروسي عبر أناضول أيضًا، وصولا بإعراب روسيا وإيران في الفترة الأخيرة عن استعداهما لتأسيس سوق دولي للغاز معبرين عن ثقتهما في القدرة على تنفيذ هذا الأمر.

وقال مدير شركة الغاز الوطنية الإيرانية، حميد رضا عراقي الأسبوع الماضي، على هامش توقيع مذكرة تفاهم بين شركة الغاز الإيرانية وشركة «غازبروم» الروسية ضمن اجتماع اللجنة الاقتصادية الروسية الإيرانية، إن إيران وروسيا تمتلكان أكبر الاحتياطات الدولية في الغاز وبالاستفادة من إمكانيات بعضهما البعض يمكن لهما تأسيس سوق دولي للغاز.

وأضاف: «هناك إمكانية للارتقاء بالقطاع الغازي ويجب أن نستفيد من إمكانيات شركة غازبروم الروسية المتطورة».

وحول اتفاقية التعاون الموقعة مع «غازبروم»، قال «عراقي»: «تم الاتفاق على تشكيل عدة لجان بين الشركتين وعقد جلسات مشتركة دائمة أيضا، وبعد شهرين هناك جلسة مشتركة للخبراء ضمن اللجان التي تم تشكيلها، وأتمنى أن تتحول اتفاقية التعاون إلى عقود مشتركة مع غازبروم».

وأضاف: «يمكن لإيران أن تشترك مع روسيا في مشاريع داخل إيران وحتى خارجها»، لافتا إلى أنه ولأول مرة يتم توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين روسيا وإيران في جميع المجالات المتعلقة بقطاع الغاز.

من جانبه أكد نائب رئيس مجلس إدارة «غازبروم»، ألكسندر ميدفيديف، أن «غازبروم» مهتمة في إيران بمشاريع استخراج الغاز الطبيعي المسال، وتوريد أنابيب الغاز، مؤكدا أن لدى الشركة جدول أعمال واسع، وسيتم متابعة المشاورات.

وعلى الرغم من أن العديد من الشركات العالمية تمتنع من توقيع عقود من إيران بشأن الطاقة، بسبب خطر وجود فرض العقوبات الأمريكية علي إيران وينتظرون ليروا مدى تأثير الرئيس الجديد المنتخب الأمريكي دونالد ترامب على مناخ الأعمال التجارية مع إيران، فإن شركة الغاز الوطنية الإيرانية أعلنت في أكتوبر عزمها بناء خط أنابيب للغار من إيران إلى أوروبا.

ووفقا لشركة الغاز الإيرانية فإن تصدير الغاز إلى أوروبا سيكون مفيدا بالنسبة لإيران، على خلفية هبوط أسعار النفط، مشيرة إلى أن الدول الإقليمية تملك أولوية الصادرات الإيرانية، في إشارة الدول الأوروبية ومشرع روسي إيراني إلى أوروبا، وأفادت وكالة مهر للأنباء بأن صحيفة بلومبرج ذكرت أنه في الوقت الحاضر بينما يتحدث وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك عن طموحات موسكو لتصبح مستثمرا رئيسيا في إيران فإن الشركات الروسية مثل «غازبروم» وقعت سلسلة اتفاقات مبدئية مع إيران التي يمكن أن تؤدي إلى توقيع عقود بمليارات الدولارات.

وعن طموحات إيران بشان الغاز، أشار الباحث في العلاقات الدولية تامر بدوي، إلى أن إيران طرحت مشروع خط الغاز الإسلامي الذي يمثل إحدى أكبر مشروعاتها الاستراتيجية لتصدير الغاز على العراق وسوريا ولبنان في يوليو 2010، على أن يمدهما بالغاز الطبيعي ويمتد في المستقبل إلى أوروبا، إلا أن الرياح لم تهب كما تشتهي طهران، حيث انطلقت ثورات الربيع العربي التي أعاقت أعمال المشروع، كاشفًا المصدر ذاته أن إيران أرادت كسر احتكار تركيا لغازها ولغيره من الغازات المسالة عبر هذا الخط الإسلامي الذي سعت إلى إنهائه في سوريا ومن ثم مده إلى أوروبا عبر سوريا أو لبنان وليس تركيا، مبينًا أن عامل الطاقة يشكل السبب الاستراتيجي الأساسي لنزاعها على العراق وسوريا، موضحًا أن انضمام إيران إلى تاناب صعب لكنه ليس مستحيلًا.

وفي ضوء ذلك يؤكد الباحثون أن إيران اتجهت لروسيا لتكون محورًا جديدًا للتعاون بشأن الغاز في محاولة لاستعادة مشروعها السابق التي أرادت أن تنفذه في سوريا والعراق، ولكن ومع تحول هذه البلدان إلى بؤر توتر بات الأمر صعب التحقيق في هذه الفترة، وهو ما أكده مراقبون إيرانيون لتتوجه طهران بعد ذلك إلى روسيا من ناحية لوقف الانعطافة الروسية نحو تركيا بشأن الغاز، ومن ناحية أخرى لمحاولة التعاون بينهما لا سيما وأنهما سوقان متنافسان يفضلان عدم الاصطدام في المستقبل القريب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق