وزير الخارجية البريطاني يتهم السعودية بالتورط في حرب بالوكالة.. ازدواجية أم مصالحة للنشطاء؟
الجمعة، 09 ديسمبر 2016 02:54 م
تصريحات وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لا تمثل الحكومة، هكذا قالت رئيس الوزراء البريطانية تريزا ماي، تعليقا على تصريح أدلى به جونسون حول قيادة المملكة العربية السعودية للحروب بالوكالة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة، الأمر الذي من شأنه إثارة عدة تساؤلات يدور معظمها حول ما إذا كان هناك انقساما داخل الحكومة البريطانية في الموقف من الخليج أم أنها سياسة مقصودة.
تصريحات جونسون تأتي في أعقاب زيارة قامت بها رئيسة الوزراء البريطانية للبحرين، لحضور فعاليات قمة مجلس التعاون الخليجي في دورتها الـ37، خلال الأيام الماضية، وهي الزيارة التي ينظر إليها بأنها محاولة من قبل بريطانيا لاستعادة نفوذها في الشرق الأوسط من البوابة الخليجية، في ضوء احتمالات انحسار النفوذ الأمريكي هناك في المرحلة المقبلة على خلفية التصريحات العدائية التي وجهها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تجاه دول المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
انتفاضة ماي
رئيسة الوزراء البريطانية انتفضت بمجرد نشر التصريحات التي أدلى بها وزير خارجيتها، حيث خرجت المتحدثة الرسمية باسم رئيسة الوزراء لتؤكد أن السعودية هي بمثابة شريك حيوي للمملكة المتحدة خاصة فيما يتعلق بسياسات محاربة الإرهاب في المرحلة المقبلة، مؤكدة الدعم البريطاني الكامل للدور الذي يقوم به التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن لمجابهة الميليشيات الحوثية المدعومة من طهران.
وتقول الكاتبة البريطانية جيسيكا إيلجوت، في تقرير منشور لها بصحيفة "الجارديان" البريطانية، أن تصريحات جونسون جاءت في لحظة حرجة بالنسبة للحكومة البريطانية، في ضوء توقيتها المثير للجدل، حيث أنها جاءت بعد زيارة ماي للبحرين، ولقاءها بزعماء الخليج مباشرة، في إطار سعيها لتوطيد العلاقة مع دول الخليج، وهو الأمر الذي دفعها لتبرئة حكومتها من تلك التصريحات بسرعة، إلا أنها في الوقت نفسه ربما تكون وسيلة للضغط على المملكة في ضوء الخلافات فيما يتعلق ببعض القضايا، وهو ما ظهر في التأكيد على ثقة الحكومة البريطانية في وزير الخارجية البريطاني، وهو ما ينفي وجود نيه لعزله من منصبة.
انفصام
تصريحات بوريس جونسون تنم عن حالة من الازدواجية ليس فقط داخل الحكومة البريطانية، ولكن بين تصريحات الرجل نفسه، ففي الوقت الذي اتهم فيه المملكة بقيادة الحرب بالوكالة ضد إيران خاصة في اليمن، كان أحد أبرز المدافعين عن مبيعات السلاح التي تقوم بها بلاده للمملكة العربية السعوديةـ في ضوء الانتقادات عن مسئولية تلك الأسلحة عن حالة الدمار التي تشهدها اليمن في المرحلة الراهنة بعد أكثر من عام من التدخل العربي في اليمن للقضاء على الميليشيات الحوثية.
ففي بيان مكتوب قدمه وزير الخارجية البريطاني لمجلس العموم، دافع جونسون عن الإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية في اليمن، مؤكدا أن القصف الذي استهدف بعض المستشفيات جاء نتيجة معرفة السعوديين بوجود الميليشيات الحوثية في داخلها، مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة استمرار تدفق السلاح البريطاني للمملكة في إطار دعم بريطانيا لحلفائها.
مغازلة الحقوقيين
إلا أن وزير الخارجية البريطاني يبدو معروفا بمغازلته المستمرة لنشطاء حقوق الإنسان، حيث سبق له وأن ناشد الحقوقيين للاحتشاد أمام السفارة الروسية في لندن للتظاهر احتجاجا على الموقف الروسي من الأزمة الإنسانية في حلب، وهو الأمر الذي ربما لا يبعد كثيرا عن تصريحاته بخصوص المملكة العربية السعودية، في ضوء الانتقادات الحقوقية للتقارب البريطاني مع الخليج.
يقول المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور، في تقرير بـ"الجارديان" أن تصريحات جونسون اجتذبت اهتمام كبير من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية في بريطانيا، إلا أن التوقيت ربما مثيرا للجدل خاصة وأنه على أعتاب زيارة للمملكة الأحد المقبل، وهي الزيارة التي ربما يقدم فيها اعتذارا عن تصريحاته.
والجدير بالذكر أن المتحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية رفضت الإجابة على تساؤل حول ما إذا كان جونسون سوف يعتذر عن تصريحاته خلال الزيارة أم لا، إلا أنها أكدت على أهمية الزيارة حيث تعكس عمق العلاقات بين البلدين في المرحلة الراهنة.