بريطانيا تسعى لوراثة الدور الأمريكي في الخليج

الأربعاء، 07 ديسمبر 2016 01:02 م
بريطانيا تسعى لوراثة الدور الأمريكي في الخليج
بيشوي رمزي

"القلاقل التي تدور حول قضايا حقوق الإنسان لا ينبغي أن تقف عائقًا أمام العلاقات بين بريطانيا والدول الأخرى"، هكذا قالت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي قبيل زيارتها الحالية لدولة البحرين، وذلك للمشاركة في قمة الخليج، وهو الأمر الذي يعكس أن هناك تحولاً كبيرًا في الأولويات، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بريطانيا وغيرها من الدول الغربية بسبب التطورات السريعة على المستويين السياسي والاقتصادي.

الزيارة التي تجريها ماي تأتي في خضم العديد من الانتقادات اللاذعة التي تواجهها في الداخل البريطاني من جراء تجاهلها لملف حقوق الانسان في دول الخليج، إلا أن الأمر ربما يحمل أبعاد أخرى في عقلية رئيسة الوزراء البريطانية، قد لا تقتصر على تعميق التعاون الاقتصادي، ولكن تمتد إلى فكرة البحث عن دور بريطاني في منطقة الشرق الأوسط من بوابة الخليج خلال المرحلة المقبلة، في ضوء التباعد الأمريكي الخليجي على خلفية التوجهات غير المطمئنة التي يحملها الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

بديل الاتحاد الأوروبي
البعد الاقتصادي يبدو أحد الأولويات الرئيسية في أجندة ماي خلال الزيارة الحالية، خاصة بعد التداعيات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها بريطانيا منذ تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت قيمة العملة البريطانية بصورة كبيرة، كما أن هناك مخاوف كبيرة من جراء عوائق محتملة تضعها الحكومة البريطانية أمام حرية التجارة والاستثمار على أراضيها، في ظل رغبتها في الحد من حركة المهاجرين القادمين من الدول الأوروبية الأخرى، وبالتالي فيمكن للخليج أن يكون بديلا جيدا لبريطانيا في المرحلة المقبلة.

تقول رئيسة الوزراء البريطانية أنه "في الوقت الذي تترك فيه بريطانيا الاتحاد الأوروبي، ينبغي علينا صياغة ترتيبات تجارية جديدة المملكة المتحدة ودول الخليج، وهو الأمر الذي يسمح بتغيير الطريقة التي ندير بها أعمالنا من أجل الوصول إلى مرحلة جديدة من الازدهار لشعبنا، وللأجيال الجديدة القادمة."

من جانبها، ترى الباحثة البريطانية جان كينينمونت، والتي تشغل نائب رئيس برنامج شمال إفريقيا والشرق الأوسط بمعهد "شاثام هاوس"، أنه ربما يعتقد البعض أن قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي سوف يفتح الباب أمام انعزال بريطانيا، إلا أن الواقع ليس كذلك على الإطلاق، حيث أن النفوذ البريطاني سوف يمتد إلى خارج الاتحاد الأوروبي إلى مناطق أخرى بالعالم، في ضوء الأهمية الكبيرة التي توليها بريطانيا لمنطقة الشرق الأوسط لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المرحلة الراهنة.

قاعدة عسكرية
ولكن يبقى ملفتا للانتباه أن زيارة ماي للبحرين من أجل حضور قمة مجلس التعاون الخليجي تأتي بعد أقل من شهر من الزيارة التي أجراها الأمير تشارلز، أمير ويلز، وذلك لتدشين قاعدة عسكرية بحرية بريطانية في ميناء سلمان التابع لقوة الدفاع البحرينية، وهي القاعدة التي من المقرر أن يستكمل بنائها في العام القادم، وهو الأمر الذي يعكس أن هناك أبعاد أخرى لا تقل أهمية من جراء الرغبة البريطانية في التقارب مع الخليج، من بينها الإحساس بأهمية الوجود العسكري البريطاني في منطقة الخليج، وذلك في إطار تدعيم التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في المرحلة المقبلة.

يقول الكاتب البريطاني بيتر هاريس، في مقال منشور له بموقع "ناشيونال انتريست" الأمريكي، أن القاعدة البريطانية في البحرين تعد الأولى من نوعها منذ السبعينات من القرن الماضي، حيث أنها تحمل هدفًا واضحًا وهو القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، والذي يعد التهديد الأبرز في الوقت الراهن.

وأضاف هاريس أن الوجود العسكري البريطاني يبدو مهمًا أيضًا من أجل حماية أمن الخليج في المرحلة المقبلة، وسط مخاوف كبيرة من قبل القادة الخليجيين من جراء التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتي أكد خلالها ضرورة الحصول على النفط الخليجي مقابل تقديم الحماية لمنطقة الخليج، بالإضافة إلى نواياه في التقارب مع روسيا، وهو الأمر الذي يمثل تهديدًا واضحًا لمصالح دول المنطقة، وبالتالي فهناك رغبة بريطانية لملء الفراغ الناتج عن التباعد الأمريكي الخليجي.

المعضلة الإيرانية

السعي البريطاني لملء الفراغ الأمريكي لا يقتصر على جانب الحماية، ولكن يمتد إلى محاولة تولي دور القيادة في مجابهة الخطر الإيراني، والذي تنظر إليه دول الخليج باعتباره تهديدا صارخا لهم، وذلك منذ الاتفاق النووي الذي أبرمته القوى الدولية الكبرى مع إيران في شهر يوليو من العام الماضي، وذلك بالرغم من كون بريطانيا هي أحد الدول الموقعة على الاتفاق النووي الذي أبرمته القوى الدولية الكبرى مع طهران في شهر يوليو من العام الماضي.


كانت رئيسة الوزراء البريطانية قد أكدت في كلمتها اليوم الأربعاء أمام قمة مجلس التعاون الخليجي أن الاتفاق النووي الإيراني يعد ضرورة، إلا أنها شددت كذلك على مجابهة الخطر الإيراني والذي يمثل تهديدا صارخا للجميع في ضوء الدعم الإيراني لبعض الميليشيات في المنطقة، على رأسها الحوثيين في اليمن، حيث أكدت أن أمن الخليج هو جزء من أمن بريطانيا لا ينبغي التخلي عنه بأي حال من الأحوال، ولذلك فينبغي بناء خطة استراتيجية تجاه تلك المسألة.


الجدير بالذكر أن تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية لاقت ترحيبا كبيرا من جانب قادة دول الخليج، حيث أكد أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني أن العلاقات الخليجية البريطانية شهدت تطورا كبيرا، موضحا أن الحوار الاستراتيجي مستمر بين دول المجلس وبريطانيا، كما أنه أعرب كذلك عن دعمه لجهود المبعوث الأممي في اليمن، مؤكدا أن المجلس يعمل من أجل عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة