مناظر العلمانيين: هيبة الأزهر خط أحمر ولن نسمح بالنيل منه (حوار)
الإثنين، 05 ديسمبر 2016 04:54 م
خرج علينا الكثير خلال الفترة الماضية، منذ أن طرح الرئيس عبد الفتاح السيسي، مبادرة تجديد الخطاب الديني للعودة بالمواطنين وعلى رأسهم الشباب لصحيح الدين وإنقاذهم من براثن التشدد والتطرف، ليسبوا في كتب التراث بدعوى التجديد، واقتحم المجال كل من وجد في نفسه القدرة على النقد دون طرح حلول ومقتضيات للتجديد، فكان لبوابة «صوت الأمة» هذا الحوار مع الباحث الإسلامي، ومناظر العلمانيين، الشيخ عبد الله رشدي، إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة، وإلى نص الحوار:
- ماذا يقصد بتجديد الخطاب الديني؟
محاولة لإيجاد وسائل وأساليب جديدة نستطيع من خلالها توصيل الحقائق والأحكام الدينية إلى المواطن المصري بصورة سهلة، نظرا لتباعد الزمان وقلة معرفة المواطن العادي باللغة العربية وأساليبها مما يصعب عليه القراءة في الكتب.
- ما الغرض من تجديد الخطاب الديني؟
الغرض منه، التيسير على الناس بعد انشغالهم وبعد أن سارت عقارب الساعة أسرع وأصبحت الحياة أكثر ضغوطا ولم يعد لدى المواطنين قدرة على البحث والقراءة، ما استدعى محاولة ربط الواقع الذي يعيشوه بالتراث القديم الذي وجد في المسائل الفقهية خلال القرون الماضية وكانت مكتوبة بلغة معينة، ونحاول أن نفصل تلك المسائل بلغة معاصرة حديثة نستطيع من خلالها أن نستنتج ونستحدث أحكام فقهية للنوازل والحوادث التي لم تكن موجودة في السابق.
- هل يشمل تجديد الخطاب الديني للموضوعات المعاصرة في حياة الشباب والأسرة؟
هناك ضرورة لأن يشمل الخطاب تعريف الشباب بحدود تعامله مع زملائه ذكور وإناث في المجتمعات العصرية كالنوادي ومواقع التواصل الاجتماعي والجامعة والمدرسة، لكن هناك من يريد أن يمحو أحكام الدين وإلغاء الكتاب والسنة والأحاديث، وهذا أمر مستحيل.
- ما هي ضوابط التجديد في الخطاب الديني؟
لا يعني تجديد الخطاب الديني أن نتنازل عن ما صح من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أن نرمي الناتج الفكري للأمة الإسلامية ولا لعلماءها وفلاسفتها في سلة المهملات بدعوى أننا نفهم أفضل منهم وأن هؤلاء لا قيمة لهم، وأتعجب من البعض الذين يريدون أن يمارسوا علينا الديكتاتورية الفكرية فيريد أحدهم أن يفرض رأيه وفهمه للدين علينا ثم يريدنا أن نقبل بكلامه دون أن نناقشه ونلقي بكل التراث جانبا وأن نجعل رأيه وحده هو الفيصل في الدين، ونحن تعلمنا في الأزهر أن المسألة الواحدة فيها أكثر من رأي وهذه الآراء لها شرط كي تمر بأن يكون لها تفسير سليم ومقبول، إنما فرض الرأي بسطوة القوة والجبروت الإعلامي والعمل على فزاعة الإرهاب، فهذا عمل ديكتاتوري لا يصلح ولن نقبل به ولن نتنازل أبدا عن أحكامنا الدينية، فالتجديد لا يعني أن نغير الأحكام الشرعية ولا أن نبدل شرع الله فهذا أمر لا يقدر عليه بشر.
- ما هي الثوابت التي يستحيل الاقتراب منها في عملية التجديد؟
كل ما ورد وصح عن رسولنا الكريم وكل ما ذكره الله عز وجل لا يقترب منه، فلا يمكن أن نقبل بتحليل الخمر، والخنزير، والزنا، والقبول بالمثلية الجنسية، والحرية الجنسية، ومن يريد التجديد فعليه بالأخلاق الاجتماعية ولا يقترب من الثوابت الدينية.
- كيف يمكن مواجهة الطائفية والتطرف والمذهبية عند التجديد؟
على الإعلام أن يعطي مساحة مناسبة للمشايخ والعلماء بدلا من فرد مساحات كبيرة على مدار الساعة للمواد الخادشة للحياء والآداب العامة والأخلاقيات والأفلام التي تحرض على البلطجة والتحرش الجنسي والسرقة والكذب والقتل، فإذا أرادت الآلة الإعلامية إعطاء فرصة كافية لنا سنصل إلى الناس والعودة بهم مرة أخرى للسلوك الإسلامي والمجتمعي المتسامح.
- ما هي مقترحاتك حول تجديد الخطاب الديني؟
علينا طرح هذا السؤال على المجتمع والتعرف على القضايا التي تشغل باله من تحرش، وإسائة التعامل بين الآباء والأبناء والعكس، والبطالة، والغش، والاحتكار لغلاء الأسعار وربطها بتجديد الخطاب الديني، لا أن ندعو الناس لفتح كتب التراث لنستخرج منها الأخطاء، وهذا أمر لن يقبله الأزهر ولو بعد 100 عام لأننا لن نغير حكم شرعي فما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله أمرا أن يكون له من خيارته أمر، فلا ينتظر أحد منا أن نقول يوما أن الحشيش حلال لأنه ليس مسكر ولا مذكور في القرآن، ولا أن نقول أن العلاقات الجنسية في غير الزواج حلال مثلما يطالب البعض.
- ما هي السمات والمؤهلات التي يجب توافرها في القائمين على عملية التجديد؟
لا بد أن يكونوا دارسين ومتخصصين في الدين ويمتلكون لغة معاصرة وعلى دراية قوية بالمشكلات الحياتية المعاصرة، فهل يصح أن أجري عملية جراحية وأنا لست بطبيب؟.
- ما رأيك في اعتراض مشايخ السلفية على عدم الاستعانة بهم لتجديد الخطاب الديني؟
إخواننا السلفيين أو كما صح تسميتهم «الوهابيين» يريدون أن يفرضوا أرائهم على الأزهر مثلهم مثل العلمانيين، ولن نقبل بذلك فجميعهم يريد أن ينال من هيبة الأزهر الشريف.
- كيف يمكن أن نجذب الشباب للمساجد؟
استخدام اللغة المعاصرة ومخاطبتهم في نفس ما يشغل بالهم من قضايا معاصرة من خلال مفردات خطاب شبابي كالذي يتحدث به في الشارع، وبأسلوب عقلي ينير عقولهم، وبأن نوضح الدين بالشكل الذي يقبلوه، وتوصيل الأحكام الفقهية بطريقة تناسبه وتناسب لغة عصره، وهذا هو التجديد الحقيقي.