«ماتيس».. مهندس الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط وزيرا لدفاع أمريكا (بروفايل)
السبت، 03 ديسمبر 2016 08:42 م
أثار اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الجنرال جيمس ماتيس لقيادة حقيبة وزارة الدفاع الأمريكية جدلًا واسعًا، في الداخل والخارج خاصة وأن «ماتيس» معروف بأنه مهندس الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط، الأمر الذي يتعارض مع الحملة الانتخابية الجمهورية والتي رفعت شعار «أمريكا أولًا».. بعيدًا عن صراعات الشرق الأوسط وحروبها، مما يطرح تساؤلات مهمة عن تاريخ الرجل العسكري السابق ومواقفه إزاء قضايا الشرق الأوسط.
نشأته العسكرية
ولد ماتيس في 8 سبتمبر 1950، بيد أنه تطوع منذ بلوغه التاسعة عشر عامًا في قوات مشاة البحرية الأمريكية، حصل على درجة بكالوريوس الآداب في التاريخ من جامعة واشنطن الوسطى، وكان ملازم ثانيا من خلال تدريب ضباط الاحتياط في يناير 1972، ثم تم تعيينه كموظف في مدرسة الأكاديمية البحرية عندما كان ملازمًا أول.
انتقل إلى القوات المشاركة في الحرب الأمريكية بأفغانستان حتى ترقى في صفوف قوات مشاة البحرية قائدًا لفرقة من القوات الأمريكية المشاركة في الحرب، كما شارك الغزو الأمريكي على العراق حيث كان قائدا لقوات المارينز في معركة الفلوجة بالعراق عام 2004، وأثار ماتيس موجة من الجدل الحاد في عام 2005 عندما قال أمام تجمع للجنود إنه «من الممتع إطلاق النار على بعض الأشخاص».
تولى ماتيس قيادة القيادة المركزية الأمريكية في عام 2010، وهي منصب جعله مسئولا عن جميع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.، كالعراق واليمن وأفغانستان.
ووصف ترامب نشأة ماتيس العسكرية، بأنها "كانت رائعة للغاية.. وأنه كبير الجنرالات"، كما التقى ترامب ماتيس خلال مجموعة من الاجتماعات التي عقدها في منتجعه للجولف بمدينة بيد مينستر بولاية نيوجيرسي الأمريكية مع المرشحين المحتملين لتولي حقائب وزارية في إدارته.
مواقفه من الشرق الأوسط
يرى ماتيس أن الولايات المتحدة عليها أن تعزز علاقاتها مع حلفاء الولايات المتحدة ووكالات الاستخبارات الحليفة منها الأردن ومصر ، وخاصة القاهرة التي صرح عن العلاقات معها في وقت سابق لصحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها في أغسطس الماضي بعنوان «العلاقات التعاونية مع الجيش المصري تفيد الولايات المتحدة»، قائلًا: «نحتاج مصر من أجل قناة السويس ومعاهدة السلام مع إسرائيل، كما نحتاجها في مواصلة القتال ضد عناصر إرهابية متطرفة، والتي تشكل تهديدًا على عملية انتقال مصر إلى مرحلة الحياة الديمقراطية، وأيضًا على المصالح الأمريكية».
يدعم ماتيس قرار حل الدولتين من أجل السلام، وقال الجنرال المتقاعد من قبل: إن الوضع في إسرائيل لا يمكن تحمله، وأن المستوطنات تضر عملية السلام وتؤدي لفصل العنصري، لكنه لا يختلف في سياسته العامة تجاه القضية الفلسطينية وصراع الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي عن الإدارات الأمريكية المتعاقبة، والتي اعتمدت على السياسة البراجماتية في تحقيق المصالح الأمريكية والحليف الصهيوني في الشرق الأوسط، بالتزامن مع دعوات السلام البعيدة كل البعد عن الواقع، فرغم أنه من داعمي حل الدولتين، ويعتقد أن المستوطنات تضر باحتمالات السلام المزعوم، إلَّا أن سياساته في الشرق الأوسط تستهدف بوضوح استقرار الكيان الصهيوني وإشعال الدول العربية من حوله، وظهر ذلك بدفاعه عن تفوق تسليح إسرائيل في الشرق الأوسط، ومناهضته للاتفاق النووي الإيراني الذي سيؤدي في النهاية إلى طهران نووية، وهو ما يؤثر على استقرار إسرائيل.
وعلق موقع ديبكا الإسرائيلي في تعليق له على اختيار ماتيس بأن: «تقارب وجهات النظر بين وزارة الدفاع الإسرائيلية ومثيلتها الأمريكية يمكن أن يصل إلى أوجه تحت قيادة الجنرال الأمريكي جيمس ماتيس، والملقب بـ«الكلب المجنون»، والذي وصفه «ديبكا» بأنه «يمكن أن يكون كلب إسرائيل المجنون».
يشتهر ماتيس بانتقاداته الحادة للاتفاق النووي مع إيران، ويرى أن إيران هي التهديد الرئيسي لاستقرار الشرق الأوسط قبل تنظيم القاعدة وداعش، ويقول ماتيس: "أنا أعتبر داعش ليس أكثر من ذريعة لاستمرار إيران في الأذى"، وهو ما يشير إلى انسجام موقفه مع الإدارة الجديدة فيما يخص التهديد الإيراني.
ورغم انتقاد ماتيس الواضح لاتفاق إيران النووي، إلا أنه قلل في وقت سابق من هذا العام من حدة تصريحاته هذه، متحدثًا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، بأن الاتفاق النووي قد يكون الخيار الوحيد، أخذًا في الاعتبار غياب شهية الناس للتوجه إلى الحرب مع تلك البلاد، وقال: «سيتعين علينا الاعتراف بأنه لدينا اتفاق للحد من التسلح غير المثالي»، مشيرًا إلى أن «ما حققناه يمثل فترة استراحة، وليس وقفًا للنووي الإيراني» على حد تعبيره.
فيما يخص الملف السوري كان «ماتيس» من أكثر الجنرالات المعارضة لإرسال الأسلحة إلى المعارضة السورية التي تعرف بالمعتدلة، فقبل تقاعده اصطدم ماتيس مع مطالب وزارة الخارجية بتسليح الجماعات السورية التي تطالب بإسقاط الأسد، حيث حذر عام 2013 من أن تصل هذه الأسلحة الأمريكية لجماعات متطرفة خاصة «جبهة النصرة» التي أدرجتها واشنطن على قائمة الإرهاب، ورسم ماتيس في تلك الفترة صورة قاتمة للأحداث في سوريا، حيث قال إن الوضع معقد للغاية بحيث يتعذر على الجيش الأمريكي أن يحبذ تسليح المعارضة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد.