مقتدى الصدر.. صاحب «الماضي الدموي» يدعو لأمة واحدة

السبت، 03 ديسمبر 2016 06:32 م
مقتدى الصدر.. صاحب «الماضي الدموي» يدعو لأمة واحدة
سارة الحارث

تقول الروايات القادمة من العراق إن المرجع الشيعي وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، كان أحد الملثمين الـ 6 الذين أشرفوا على إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، المشهد كان طائفي بامتياز، صدام يسلم عنقه لملثمين يضعوه في حبل خشن بالضرورة، وفي الخلفية همهمات تطالب الحضور بـ «الصلاة والسلام على سيد الخلق».

في تداعيات الحادث كانت القنوات الفضائية تهاتف أشخاصًا تليفونيًا، يقولون إنهم كانوا حاضرين لحظات الإعدام، ليدلوا بشهادتهم التي اجتمعت على وجود مقتدى الصدر في إحدى الغرف المجاورة لغرفة إعدام صدام، بل أكثر من ذلك يقولون أن الصدر كان أحد الملثمين الـ 6.

كل ذلك ليس غريبًا إذ ما وضع في سياقه، وهو أن الصدر يرى أن صدام حسين صاحب قرار اغتيال والده محمد محمد صادق الصدر عام 1999، أو أن المرجع الشيعي كان أحد أهم الأصوات التي ظلت تطالب بإعدام صدام منذ الاحتلال الأمريكي في 2003 وحتى القبض عليه وإعدامه في 2006، لكن المفارقة تأتي عندما يطالب «الصدر» بأمة إسلامية إنسانية، في بيان بثه موقعه الرسمي، صباح اليوم السبت، بمناسبة ذكرى المولد النبوي.

وتضمن البيان رسائل موجهة إلى مصر والسعودية وإيران، يطالبهم فيه بتجاوز الخلافات السياسية؛ لتدشين أمة إنسانية موحدة على الدين، لا تفرقها السياسة، ورغم تناقض هذا البيان مع خلفية «الصدر» إلا إنه ليس الوحيد، إذ حملت قرارات المرجع الشيعي وتصريحاته خلال العامين الأخيرين رسالة مفادها إنه يحاول مسح تاريخه والزعم بوسطية ليست فيه.

فمثلًا «الصدر» المتهم بإعدام صدام، شكّل أول ميليشيا مسلحة شيعية عقب الاحتلال الأمريكي عرفت بـ «جيش المهدي»، وقدم مبادرة الأسبوع الماضي متضمنة لثلاث محاور تشرح كيفية تعديل مسار ميليشيات الحشد الشعبي بعد إدراجها ككيان رسمي في الدولة بمقضى قانون صدر عن البرلمان العراقي، واعترف في مبادرته بأن «الحشد» كيان شيعي وطائفي، مطالبًا باستبعاد كل من يثبت طائفيته منه، علاوة على مراجعة تاريخ كل من يطالب بالانضمام إليه.

جدير بالذكر أن بعض ميليشيات «الحشد» المتهم بالطائفية هي في الأساس منشقة عن «جيش المهدي»، الذي أسسه «الصدر» نفسه، ما يعني أن الحشد الشعبي بكل أفكاره الطائفية ليس بعيد عن أفكار الصدر نفسه.

مفارقة أخرى في تاريخ «الصدر» تتناقض مع تصريحاته الحديثه، وهو إنه طالب الأمريكيين عقب الإعلان عن فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بألا يسمحوا له بممارسة نفس سياسات سابقيه، قائلا في رسالة عبر موقعه الخاص موجهة إلى الأمريكيين، إن جميع رؤساء أمريكا لهم نفس الممارسات وإن اختلفت توجهاتهم، مشيرًا إلى أن المعيار المتغير هنا هو ضغط الشعب عليه.

ورغم انتقادات المرجع الشيعي لأمريكا وزعمه لعدائه لها، إلا أنه كان أول الداعمين للاحتلال الأمريكي للعراق للتخلص من صدام، واستغل «الصدر» الغزو الأمريكي، إذ أخرج أنصاره ومؤيدوه في شوارع العاصمة العراقية، وفي الأحياء الشيعية لتوزيع الطعام وتوفير الرعاية الصحية في الأسابيع الأولى من سقوط صدام ودخول القوات الأمريكية، للسيطرة على المؤسسات الحكومية وقد كانت له، ليكون أول قراراته تغيير اسم مدينة صدام إلى «مدينة الصدر».

إيران أيضًا لا يتورع الصدر في مهاجمتها، معلنًا بملئ فمه رفضه لتدخلها في العراق، مستنكرًا كل مظاهر التواجد الإيراني في بلاده، وطالما اتهم «الصدر» الحكومات العراقية بالانصياع لإيران والفساد برعاية طهران، في وقت سابق كانت إيران نفسها هي الدولة التي اختارها «الصدر» للهروب إليها، بعد اشتباك أنصاره مع قوات الدولة العراقية، واتهم على إثرها بـ «إحداث الفوضى وقتل المواطنين».

وعلى ذكر الاشتباكات مع الدولة العراقية، تأتي التصريحات التي يطلقها «الصدر» بين الحين والأخر، لتدافع عن الجيش العراقي وتنسب له الفضل الكامل في استعادة المدن العراقية من تنظيم داعش الإرهابي، وفي هذا السياق يزعم «الصدر» أنه الشخصية الوطنية الوحيدة التي تدعم مسيرة الجيش العراقي، ومن ثم يرفض نسب أي فضل لقوات الحشد السعبي في المعارك ضد داعش.

والمطالع لهذه التصريحات وحدها قد يفهم ذلك، إلا أن هذه التصريحات تتناقض مع المواجهات التي دخل فيها «الصدر» مع الدولة العراقية، وهي مواجهات لا يدخلها إلا شخص لا يعترف بقيمة الدولة.

بجانب زعمه الوطنية ورفضه للتدخل الإيراني أو الأمريكي، كما يحاول أن يوصل، تبنى «الصدر» رأي مؤخرًا يبدو فيه إنه رجل ديني منفتح، إذ رد على أحد الأسئلة الموجهة له بخصوص التعامل مع الشواذ جنسيًا فقال: «تجب مقاطعتهم وعدم الاعتداء عليهم، بما يزيد من نفورهم وهدايتهم بالطرق العقلية والمقبولة».

وفي هذا السياق، نوهت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان، بموقف زعيم التيار الصدري من المثليين في البلاد، معربة عن أملها في أن يغير هذا سلوك جيش المهدي والجماعات الأخرى، ويدفع الحكومة إلى محاسبة من يرتكبون الجرائم ضد هذه الفئة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق