453 عاما تنقل البطاطس من غذاء المترفين إلى موائد الفقراء وأكياس "الشيبسي"
السبت، 03 ديسمبر 2016 02:12 م
453 عاما تمر هذا العام على اكتشاف درنات البطاطس التي باتت من الوجبات المستحوذة لانحياز شعبي هائل على مستوى العالم، بعدما كان تناولها إبان اكتشافها مقصورا على الأغنياء والمترفين فقط لعدم قدرة الطبقة الشعبية على شرائها.
وتعتبر أمريكا اللاتينية هي الموطن الأصلي لهذا النبات درني الشكل، حيث تم اكتشافه لأول مرة في عام 1563، بمعرفة البحار والمستكشف الإنجليزي سير توماس هيريوت الذي حمله من كولومبيا إلى انجلترا ومنها نقلت إلى أيرلندا حيث نمت بصورة جيدة، ثم انتقلت إلى أمريكا الشمالية في بداية القرن الـ 17 حين أحضرها المهاجرون الأيرلندون ومنه انتقلت إلى أسبانيا وإيطاليا ثم اتسعت دوائر انتشارها لتغطى الكرة الأرضية بكامل دولها.
وفي إيطاليا وضع المندوب البابوي البطاطس ضمن قائمة غذائية خاصة، وفى فرنسا قدمت البطاطس إبان اكتشافها على موائد العائلة الملكية في فرساي، وظهرت المطبوعات التي تصور الملكة مارى أنطوانيت ترتدي ثوبا تزين صدره زهور البطاطس، الأمر الذي كان كافية لألا تظهر البطاطس على قوائم الطعام الفرنسية حتى القرن التالي.
وزرعت البطاطس في بوليفيا وتشيلي وبيرو، وقام الهنود الموجودون في تلك البلاد منذ ما يقرب من نصف قرن بزراعة البطاطس في أودية جبال الأنديز، والمستكشفون الأسبان هم أول من أحضروها إلى أوروبا في منتصف القرن الـ 16 الميلادي.
وفي الإمبراطورية الرومانية المقدسة، أحدثت البطاطس تأثيرا غذائيا كبيرا، وعلى غير المعتاد، كان الفلاحون الأيرلنديين هم الذين في طليعة التقدم، حيث كانوا الأكثر حميمية مع البطاطس، وكان الأيرلنديون أول الأوربيين الذي تقبلوها محصولا حقليا في القرن السابع عشر، واتخذوها قوتا رئيسيا لهم في القرن الثامن عشر، فالأيرلنديون مغرمون للغاية بالبطاطس، ولا يدخرون وسعا لحيازة كميات كبيرة منها.
وعلى الرغم من الوجود المبكر لها، أخذت درنات البطاطس وقتا طويلا لكي ترسخ مكانتها في قائمة الوجبات المحببة، وذلك بسبب المظهر غير الجاذب وغير الشهي التي اتسمت به التنويعات الأولى من وجبات البطاطس، إلا أن مزاياها الغذائية العظيمة والتي لا تعوض عضد موقفها ونجحت في النهاية في كسب القبول الشعبي ليس فقط كمصدر جيد للطاقة لكن أيضا كمحصول محبب زراعته لدى الفلاحين نظرا لسهولة زراعته، وحاجته لأقل قدر من الاهتمام، لكى يكتمل نضج درناته، بالإضافة إلى إنتاجه الوفير، ومقاومته لتقلبات الطقس.
وفي المطبخ المنزلي والمطاعم تلقى وجبة البطاطس ترحيبا كبيرا من الصغار والكبار على حد سواء، لأنها تتطلب القليل جدا من التجهيز، ويمكن طبخها في سهولة بعدة طرق مختلفة وهي طيبة المذاق ومشبعة في ذات الوقت، إذ أن القيمة الخالصة للسعرات الحرارية للبطاطس تتجاوز ثلاثة أضعاف ما يتم الحصول عليه من الحبوب، وفي القرن الحالي باتت البطاطس في أكياس نصف مطهية، وأكياس "شيبسي" متنوعة المذاق وتحمل جميع النكهات.
وكما أخذت درنات البطاطس وقتا لتجد مكانة متميزة لها على قوائم الغذاء، أخذت كذلك وقتا لكى تنقل زراعتها من الحدائق للحقول، مما ساهم في خفض أسعارها حتى باتت في يومنا هذا في متناول أيدى الجميع، وفائدة قائمة الطعام التي تضم البطاطس لا يمكن الجدل بشأنها فهي مصدر للطاقة الجسدية المثيرة خاصة لمن يبذلون جهودا مضنية، حيث كان أقوى الرجال وأجمل النساء في الأراضي البريطانية وقت أكتشافها هم القادرون فقط على تناولها.
واليوم، وبعد هذا الوقت الطويل بات الجميع يحب البطاطس ويأكلها، ويقبل على تناولها مع كافة الوجبات حتى أصبحت قاسما مشتركا غير مرفوض.