بالتفاصيل.. أسرار زيارة وزير الخارجية إلى «واشنطن»
الجمعة، 02 ديسمبر 2016 01:34 م
جاءت زيارة وزير الخارجية، سامح شكري، إلى واشنطن في وقت مفصلي ومهم للغاية، إذ عبرت وبشكل واضح عن قوة السياسة الخارجية المصرية، وعن مرونتها واتزانها في وقت تعتمد فيه دول العربية على سياسات متخبطة تعاني المنطقة من انعكاساتها في تلك المرحلة.
اتزان وقوة الدبلوماسية المصرية في هذا التحرك أكدها مراقبون في تصريحاتهم، لـ«صوت الأمة»، فبينما كانت الدول العربية والإقليمية تنتظر ما يحدث في البيت الأبيض من متغيرات سياسية على قضايا المنطقة بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، أخذت القاهرة المبادرة وتوجهت للولايات المتحدة الأمريكية لجس نبض سياستها الخارجية الجديدة والتي مازالت تتشكل على أيدي الرئيس المنتخب ومعاونيه.
ويرى المتابعون أن ما يميز الخطوة هو إلمام مصر في هذه المحطة التي أعتبرها كثيرون مهمة للغاية، بأخر وجهات النظر للإدارة القديمة التي يرأسها الديمقراطيون وعلى رأسهم وزير الخارجية جون كيري، وسياسات الإدارة الجمهورية الجديدة خاصة في منطقة الشرق الأوسط لتحديد مصالحها المستقبلية.
والتقى الوزير، خلال الزيارة نظيره الأمريكي جون كيري، وتم التطرق إلى العديد من الملفات الإقليمية بشكل مفصل، وفى مقدمتها الأوضاع في ليبيا وسوريا واليمن والقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى ملف العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة، كما حرص وزير الخارجية على إحاطة نظيرة الأمريكي بتفاصيل برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي المصري، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية على هذا المسار مؤخرًا.
وفيما يعتبر اللقاء الأول الذي يجريه نائب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مع مسؤول عربي، أجرى الوزير، مباحثات مع مايكل بنس نائب ترامب حاملا رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسى، أكدت عمق وخصوصية العلاقات المصرية الأمريكية، وتطلع مصر إلي تعزيز علاقات التعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة، والتأكيد على إمكانية اعتماد الولايات المتحدة على مصر كشريك يدعم الاستقرار ويسهم بفاعلية في حل أزمات الشرق الوسط ويساهم بفاعلية في جهود مكافحة الإرهاب.
وفيما يخص أهداف الزيارة، يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق عضو مجلس الشؤون الخارجية رخا أحمد حسن، إن تعجيل زيارة وزير الخارجية إلى واشنطن دون انتظار تنصيب الرئيس الجديد جاءت لعدة أسباب ودوافع أهمها أن الإدارة الأمريكية الراهنة لديها رغبه شديدة لعمل إنجاز قبل نهاية مدتها، مشيرًا إلى أن النظام الديمقراطي يتحرك على أكثر من جبهة لتحقيق إي إنجاز على الأرض فمن جانب يضغط على السعودية في اليمن عن طريق عقد مؤتمر بمشاركة «الحوثيين» وعلى عبد الله صالح في سلطنة عمان، ومن جانب آخر يتحرك في الملف السوري والفلسطيني بعد أن ارتأى أن هذه الملفات بدأت تخرج من يده وتتحول في يد روسيا وفرنسا.
وأضاف، في تصريحات خاصة لموقع «صوت الأمة»: «من هنا باتت الإدارة الأمريكية الديمقراطية متيقنة بضرورة التشاور مع مصر في هذه الملفات، أثناء زيارة (شكري) إلى واشنطن، والقاهرة وضحت رؤيتها التي تأكدت واشنطن بعد سنوات إنها صحيحة خاصة في الملف السوري والليبي، قائلًا: «اقتناع الولايات المتحدة بهذه الرؤية جاء بعد فوات الأوان».
الأمر الآخر بحسب «رخا»، الذي عجل بالزيارة، هو أن الرئيس دونالد ترامب يرغب في دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لحضور حفل تنصيبه، مشيرًا أنه في حالة إعلان البيت الأبيض الجديد الدعوة رسميا (بعد إعلان نتيجة الانتخابات النهائية في منتصف ديسمبر) وهو أمر متوقع، فلابد من الإعداد لها من قبل مصر مرجحًا أن يكون لقاء شكري بنائب الرئيس الأمريكي لهذا الغرض.
وفيما يخص توجه «شكري»، إلى نيويورك كمحطة أخرى خلال الزيارة أشار مصدر دبلوماسي إلى أنها جاءت على خلفية مقابلة مع الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريز، حيث سيجري «شكري» معه محادثات تتعلق بعدد من الملفات الإقليمية والدولية، ويطرح خلالها رؤية مصر لما تتوقعه من الأمين العام الجديد، لاسيما في إطار عضوية مصر الحالية في مجلس الأمن، وما تتبناه مصر من مواقف ورؤية شاملة لدور الأمم المتحدة في قضايا السلم والأمن والتنمية وبناء السلام ومكافحة الإرهاب.
من جانبه قال الدكتور جمال عبد الجواد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن العلاقات المصرية الأمريكية ستشهد تطورًا في الفترة المقبلة بخلاف الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها والتي ركزت اهتمامها على قضايا حقوق الإنسان لتنحصر العلاقات في حدود المصالح المشتركة فقط دون أي تطوير خلال الفترة الماضية.
وأضاف أن هناك تطابق في المواقف بين البلدين بشأن الجماعات الإرهابية، خاصة وأن تصريحات (ترامب) أثناء الحملة الانتخابية، تشير لرفضه وجود الجماعة المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان بمصر، ما يعني أن هذا التوافق يسمح لتطوير العلاقات الفترة المقبلة.