ثورة «فيدل كاسترو» تلهم أنظمة اليسار في أمريكا اللاتينية
الأحد، 27 نوفمبر 2016 01:50 م
سعى رئيس كوبا الراحل فيدل كاسترو، طوال عقود إلى تصدير الثورة إلى دول أمريكا اللاتينية، لكن صناديق الاقتراع في السنوات الأخيرة من حياته هى التي سلمت الحكم ليسار لطالما اعتبره مصدر إلهام.
من البرازيل إلى الأرجنتين مرورا بالإكوادور وبوليفيا والأوروجواي شهد الـ«كوماندانتي» مع بدء سنوات الألفين وصول مقاتلين قدامى وقياديين نقابيين الى السلطة في نحو 15 بلدا في أميركا اللاتينية.
في المقابل بدأت الولايات المتحدة في الفترة نفسها تقاربا تاريخيا مع هافانا تكلل بإعادة فتح السفارات في صيف 2015، فالسياسة الأميركية لعزل كوبا أدت في النهاية إلى عزل الولايات المتحدة عن أميركا اللاتينية، باعتراف الرئيس باراك أوباما آنذاك.
وأشار المدير التنفيذي لمرصد كلية العلوم السياسية بباريس لشؤون أميركا اللاتينية جاسبار استرادا إلى أن فيدل قال علنا إنه سعيد جدا برؤية هذا الانعطاف إلى اليسار الذي أعتبره نصرا نوعا ما.
واضاف لوكالة فرانس برس «شكلت كوبا نموذجا ومنارة ليساريي أمريكا اللاتينية وفيدل كاسترو جسد رسالة العصيان هذه ازاء الولايات المتحدة».
في يناير 1959 بعيد استقرار الثورة في كوبا بدأ كاسترو مدفوعا بقناعة سياسية وسعيا لصد محاولة عزله، يدعم ويمول الحركات المسلحة في المنطقة باستثناء المكسيك التي منحته ملاذا في المنفى تعرف فيه الى ارنستو تشي جيفارا.
وفي الستينات تحولت هافانا إلى قبلة لثوريي العالم، وتوافد إليها في أوج الحرب الباردة قياديون حاملين مشاريع مستلهمة من الثورة الكوبية، ومر آلاف الرجال عبر معسكر ونتو سيرو «النقطة صفر» للتدريب العسكري قرب العاصمة، قبل أن يحملوا السلاح في وجه أنظمة اليمين والديكتاتوريات المدعومة من الأميركيين.
وقد أبهر كاسترو أوساط اليسار الأميركي اللاتيني عبر إطلاق ثورة مسلحة منتصرة، حسبما قال الأستاذ في معهد الكانو مدريد كارلوس ملامود لوكالة فرانس برس.
كذلك أورد جيف تيل من مكتب واشنطن لشؤون أميركا اللاتينية «يعم الحزن على كاسترو كوبا وأميركا اللاتينية ومناطق اخرى لما مثله من أجل استقلال هذه البلدان واعتزازها الوطني بصفته زعيما قاتل في سبيل حرية تقرير المصير».
بالتالي وجد كاسترو في فنزويلا حيث بدأ بدعم حركات مسلحة في الستينات حليفه التام الرئيس الراحل هوجو تشافيز الذي أصبح بمثابة ابنه الروحي، وبقي هذا الرابط حتى بعد وفاة تشافيز، فانتقل الى خلفه نيكولاس مادورو.
قال مالامود إن نبوغ فيدل انعكس في التحالف مع فنزويلا التي أبقت كوبا في صميم اللعبة على القارة.
وفي بوليفيا حيث قتل جيفارا في 1967 أثناء قيادة حركة مسلحة ريفية، يتولى للمرة الأولى في تاريخها رئيس من الشعوب الأصلية، ايفو موراليس، السلطة منذ 2006، وهو معجب كبير بكاسترو.
كذلك عاش كاسترو الذي كان ضالعا في انتصار الثورة في نيكاراجوا في 1979، الهزيمة الانتخابية للجبهة الساندينية في 1990 كما لو كانت هزيمته هو، ولاحقا في 2007 احتفى بعودة تلميذه المقاتل السابق دانيال أورتيجا إلى السلطة، ليشكل عندئذ مع تشافيز وموراليس والاكوادوري رافاييل كوريا محورا إقليميا ضد الامبريالية.
في البرازيل أصبحت البلاد إبان رئاسة النقابي الذي اسس حزب العمال لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الشريكة الثانية لهافانا في اميركا اللاتينية، بعد فنزويلا. واستمرت المقاتلة السابقة ديلما روسيف في هذا التوجه لكنها اقيلت في اواخر أغسطس وحل محلها ميشال تامر من حزب بي ام دي بي من يمين الوسط.
وهذا الانقلاب نحو اليمين طال قبل البرازيل عملاقا اخر في القارة، الارجنتين التي بدات تقاربا مع كوبا في 2003 مع وصول الزوجين كيرشنر الى الحكم قبل تحولها مؤخرا مع فوز الليبرالي ماوريسيو ماكري.
لكن شعبية فيدل في القارة بلغت مستويات كبرى "لم تجرؤ حتى الانظمة اليمينية معها على انتقاده علنا لتجنب غضب الناخبين"، بحسب مالامود.