للمرة الثانية.. خاشقجي «مع نفسه»
الأربعاء، 23 نوفمبر 2016 03:39 م
أضحت شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأعوام القليلة الماضية أداة جديدة لترويج آراء وتوجُهات بعينها طبقًا لمصالح وأهواء مُروجيها، إلى جانب مُساهمتها في «تلميع» عدة شخصيات، والتي اكتسبت شهرتها من تلك الساحة الإعلامية الحديثة، أكثر من غيرها.
ويُعد الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، أحد أبرز الحالات الدالة على ذلك، فعلى الرغم من كونه إعلاميًا وكاتبًا شهيرًا منذ عدة سنوات، له قراؤه في العديد من الصُحف العربية، إضافة لظهوره في العديد من البرامج والقنوات الإخبارية كخبير سياسي ومُحلل استراتيجي في مختلف الشؤون السياسية عربية كانت أو دولية، وتعاملت معه شخصيًا على المستوى الصحفي؛ إلا أن شهرته امتدت إلى أنحاء المنطقة العربية عبر حسابه الرسمي، على موقع التدوينات القصيرة، «تويتر»، والذي تعدى مُتابعيه حاجز المليون مُغرد.
ويبدو أن حساب «خاشقجي» أصبح أداة رئيسية في يده لترويج أفكاره التي تقاطعت في العديد من المواقف والأحداث مع توجُهات جماعة «الإخوان»، والقيادة القطرية ونظيرتها التركية، وهو الأمر الذي بدا واضحًا لقاعدة عديدة من مُتابعيه، وتم تداوله عبر عدة حسابات لإعلاميين ومُثقفين خليجيين، وحتى على مستوى القاعدة الشعبية الخليجية، وقد جاء حواره مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على قناة «روتانا خليجية»، في أكتوبر الماضي ليكون خير دليل على ذلك.
وما زال «خاشقجي» مُحتفظًا بتعريف نفسه كمدير عام لقناة «العرب» الإخبارية، والتي يمتلكها الأمير السعودي الوليد بن طلال؛ وتوقفت بعد حوالي 24 ساعة من بثها، في أوائل فبراير 2015، ومن ثم لم يُعد بثها من مملكة البحرين مرة أخرى، حيث انطلاقها، وذلك بسبب مخالفتها للسياسات الإعلامية الخليجية باستضافتها أحد أبرز المُعارضين البحرينيين. واستمرت مُحاولات السعي لإيجاد أماكن بديلة تنطلق منها مرة أخرى، بدأت بتركيا ووصلت الآن -بحسب الأنباء المُتداولة- إلى قطر.
إن هذا الكاتب السعودي كثيرًا ما أساء في تغريداته وتصريحاته والبرامج التي يظهر بها ويُشارك مقاطعها عبر حسابه على «تويتر» إلى مصر، الأمر الذي دفع الخارجية السعودية لإصدار بيان في ديسمبر من العام الماضي، ينفي أي صلة بينه والحكومة السعودية، فلطالما وصلت شهرة «خاشقجي» إلى أنه أحد المُقربين للحكومة السعودية، وقد رحب الكثيرون بذلك القرار، ولكنه عاود مُشاركة آرائه ليُسيء هذه المرة إلى المملكة العربية السعودية ذاتها، عبر انتقاده المُستتر لسياسات المملكة تجاه أمريكا في ظل فوز الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب؛ ما دفع الخارجية السعودية للمرة الثانية لنفى وجود أي صلة بينه والقيادة السعودية، والتأكيد أن ما يُغرد أو يُصرِح به نابع من وجهة نظره الشخصية، وقد أغضب ذلك عددًا من السعوديين، مُعللين ذلك بأن المملكة أكبر من أن تُصدِر بيانًا يختص بشخص، مُطالبين القيادة السعودية بردعه واتخاذ موقف حقيقي تجاهه، وغيره ممن يُروجون لآراء وتوجُهات ليس لها أى صلة بالحكومة السعودية.
فهل ستستجيب المملكة لتلك النداءات، لردع من يُحاولون تشويه علاقاتها الدبلوماسية مع غيرها من الدول.. أم سيتوقف هؤلاء عن مثل تلك المُمارسات ونشر التوجهات التي يأخُذها البعض على محمل الجد بأنها توجهات الدولة.. أم سيبقى الحال على ما هو عليه، وننتظر تعليق المخرج بـ"كلاكيت تالت مرة"؟.