بعد اغتيال «العمراني».. السلفية المدخلية تتزداد توحشًًا في ليبيا
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016 04:55 م
نعت دار الافتاء الليبية، في بيان لها أمس الاثنين، أبرز أعضائها الشيخ نادر السنوسي العمراني، الذي تم اختطافه من أكثر من شهر في طرابلس.
الشيخ
الدكتور نادر السنوسي العمراني، عضو مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدارِ
الإفتاء، ومقرره، والامين العامّ لهيئة علماء ليبيا، ونائب رئيس رابطة علماء
المغرب العربيّ، وعضو الرابطة العالمية للاحتسابِ.
وكشفت
وزارة الداخلية الليبية فى طرابلس، عن تفاصيل اغتياله، واتهمت الداعية المصرى محمد
سعيد رسلان، بالتحريض على قتله، حيث نشر جهاز المباحث العامة تسجيلاً مصورًا، لشاب
ملتحٍ يدعى هيثم عمران الزنتاني، يعترف فيه بقتل "العمرانى".
لافتًا
إلى أن شخصًا من شرق ليبيا تلقى دراسة علوم الشريعة على يد الشيخ المصري محمد سعيد
رسلان، وأتى بفتوى من الأخير «تجيز قتل العمراني كونه ضالاً ومضللاً لعامة
الليبيين»، بحسب الفتوى.
وقال
الزنتاني، المتحدث في الفيديو، إن الاجتماعات التحضيرية التي حضرها شخص رابع يدعى
أيمن الساعدي تركزت على بيان انحراف العمراني وتبعيته لجماعة الإخوان ودار
الإفتاء.
وتابع
الزنتاني، في الفيديو المسرب، أن التخطيط لاختطاف الشيخ نادر كان قبل ثلاثة أشهر،
وإن المسؤولين عن اختطافه وقتله مجموعة من قوة الردع الخاصة (المعروفة بانتمائها
لتيار الفكر السلفي المدخلي).
الداعية
السلفي، محمد سعيد رسلان، يعد أحد أكبر الرموز الدينية للحركة، علاوة على الداعية
السعودي ربيع المدخلي، الأب المؤسس لتلك الحركة، الذي يروّج لعقيدة الطاعة لولي
الأمر، أي السلطة السياسية القائمة، متحاشيًا النشاط الانتخابي أو المقاومة
المسلّحة، حتى في وجه الحكم العلماني أو الاستبداد، خوفًا من الفتنة.
شهدت
تلك الحركة عدة تطورات هامة، في البداية ظل أتباعها بمنأى عن الشأن السياسي خاصة
والشأن العام في العموم، واقتصرت اهتماماتهم في بعض مظاهر التدين والتأكيد عليها،
كمسألة إعفاء اللحى وحلق والشارب، ورفع الإزار، كما ركزت جهودها على محاربة التصوف
بجميع حركاته الفلسفية والطرقية.
ومع
احتدام الصراع في ليبيا، اعتبرت تلك الحركة ثورة فبراير فتنة القاعد فيها خير من
القائم، وعدم الخروج في المظاهرات الشعبية في ليبيا، واستمر الحال كغيرها من
الجماعات السلفية الهادئة التي لم تتبني الفكر الجهادي حتى وقت قريب.
في
تقرير لمركز كارنيجي للدراسات في الشرق الأوسط، أكد على تطورات في تلك الحركة تحول
وصفها من الهادئيين إلى جهاديين تبنوا العنف، استهدفوا الصوفيين وهدموا مقابرهم والأضرحة.
وأوضح
التقرير أن نشاط تلك الحركة اقتصر بعد سقوط القذافي، على هدم التراث الصوفي الليبي وحرق
أدبيات الإخوان المسلمين، وشكّلوا أيضًا دوريات لمكافحة الرذيلة، ركّزت على محاربة
تجارة المخدرات، واستهلاك الكحول، وسواها من الأنشطة التي اعتبروها غير إسلامية.
مع
اندلاع النزاع بين معسكرَي الكرامة والفجر في ليبيا في صيف 2014، ربطت مجموعات
المدخلي المسلّحة نفسها بالفصائل المتناحرة، وتُواصل حاليًا القتال إلى جانب الجيش
الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر في الشرق، وكذلك إلى جانب المجموعات المسلحة
المتحالفة مع المجلس الرئاسي الذي يتخذ من طرابلس مقرًا له، وهو ما كان تحولًا
كبيرًا في أدبيات الجماعة وانتهاجها الفكر الجهادي.
يقول
التقرير:«واقع الحال هو أن التشنجات تفاقمت فعلًا في العاصمة الليبية، فقد أثبتت
قوات الردع الخاصة الجناح المسلح للسلفية في طرابلس أنها حصن منيع لدعم المجلس
الرئاسي المحاصَر.
لقد
دمّرت شبكات الدولة الإسلامية داخل العاصمة، فضلًا عن قيامها بمساعدة المقاتلين
السلفيين الذين يلتقون معها على طريقة التفكير نفسها، في محاربة التنظيم الإرهابي
في صبراتة، ومؤخرًا في سرت.
وذكر
التقرير أن هناك توغلًا عميقًا في أوساط حلفاء المدخليين في الشرق الليبي
كما في الغرب، وأن هناك تخوفًا من هذا النفوذ المتنامي للتيار المدخلي وأهدافه
الخفية، وتنطلق هذه الشكوك في جزء منها من التقارير التي تتحدّث عن تمويل سعودي
وخليجي للتيار، وأيضًا من تصريحات المدخلي العلنية عن ليبيا، التي تُظهر تناقضًا
في بعض الأحيان، والتي يبدي كثرٌ في ليبيا استياءهم منها، إذ يرون فيها تدخلًا غير
مسوَّغ في الشؤون الداخلية للبلاد، بحسب التقرير.
يكمل
التقرير: «أن ائتلاف البنيان المرصوص لديه تخوفات أيضًا من عداء الكتيبة 604 مشاة
للوحدات ذات الميول الإسلامية التي تقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سرت،
ولاسيما المجموعات المسلحة التابعة للإخوان المسلمين ومفتي البلاد الصادق الغرياني
الذي يتخذ من طرابلس مقرًا له، وتُطرَح علامات استفهام أيضًا حول أهداف المدخليين
في سرت بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها، وسعيهم المحتمل إلى السيطرة على
مؤسساتها الدينية وأجهزة الشرطة والأمن فيها.
شهدت
علاقة المدخليين بالجيش الوطني عدة تطورات، بدأت خلال الاستعدادات لشن عملية
الكرامة بقيادة حفتر، شطبت أجهزة الاستخبارات في الشرق أسماء شخصيات سلفية من
قوائم المراقبة والرصد التي تتضمن رموزًا من حقبة القذافي، وبدأت ببذل جهود حثيثة
لإشراكهم في القتال ضد الفصائل الجهادية والإسلامية في بنغازي.
ويرصد
التقرير تطور علاقة السلفيين بحفتر، قائلًا: «انضم بعض المدخليين الليبيين إلى
وحدات الجيش الوطني الليبي المتحالفة مع حفتر، على سبيل المثال، التحق أشرف الميار
الحاسي، وهو قائد ميداني سابق في كتيبة 17 فبراير، ونائبه نفاتي التاجوري، بقوات
الصاعقة الخاصة، وانضم مدخليون آخرون إلى كتيبة التوحيد التي تتألف حصرًا من
سلفيين ويقودها عز الدين الترهوني، ورصّت وحدات قتالية سلفية مماثلة صفوفها في
المرج حول حفتر، وفي البيضاء المجاورة».
وتحارب
تلك حاربت المجموعات السلفية، ولاسيما كتيبة التوحيد، بطريقة فعّالة إلى جانب
الجيش الوطني الليبي، ولاسيما إلى جانب المجموعات غير النظامية الخاصة بـ«الدفاع
عن الأحياء السكنية» أو «قوات الدعم» الشبابية في مختلف أنحاء بنغازي.