إخوان الأردن.. من التأسيس إلى الانشقاقات (تقرير)
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016 12:04 م
وصلت جماعة الإخوان إلى مملكة الأردن في 1945، حينما شهد التنظيم الإخواني في مصر مدًا جماهيريًا بسبب الخطاب الثوري الذي اعتمده بخصوص قضية فلسطين. بالتوازي مع ذلك كان حسن البنا، مؤسس الجماعة، في تلك الفترة يحرص على استقبال الوفود العربية المعارضة لكل أشكال الاحتلال في القاهرة، مؤكدًا بذلك على تبني جماعته الجديدة قضايا التحرر الوطني، من ضمن هذه الوفود كان الأردنيون الذين أسسوا لفرع إخوان في عمان يصنف الأن بأنه "أقرب الفروع" إلى التنظيم الأم في القاهرة.
كانت البداية من عبد اللطيف أبو قورة، الذي تواصل بالمرشد العام حسن البنا، وكان من بين أعضاء الهيئة التأسيسية في مصر. وركز في عمل جماعته بالأردن التي كان قوامها 120 شخص على الندوات والمحاضرات والاحتفالات الدينية مثل المؤتمر الإسلامي.
وتحفظ اخوان الأردن في بداية ظهورهم على المشاركة السياسية الرسمية سواء بتمثيل في الحكومة أو البرلمان، إذ اكتفوا في ذلك بإنشاء مدارس للاجئين الفلسطينين، والمشاركة في حرب 48، علاوة على تدشين الكلية العلمية الإسلامية في 1947.
في 1953 اختير محمد عبد الرحمن خليفة مراقبًا عامًا للجماعة، حيث تم إنشاء نظام أساسي، وإنشاء هيئة عامة في كل شعبة تنتخب هيئة إدارية، كما تم انضمام اخوان فلسطين إلى شقيقتها الأردن لتشكل جماعة واحدة.
وخلال تلك الفترة أصدر اخوان الأردن مجلة الكفاح الإسلامي. وفي عام 1954 أصدرت الجماعة بيانًا حددت فيه سياستها بالخطوط العريضة التالية: إن الأردن جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، وإن الحكم بشريعة الله هو مطلب الإخوان وغايتهم في الدنيا، وإن قضية فلسطين تعتبرأهم القضايا الإسلامية ولا بد أن تحشد لها جميع الإمكانات المادية والمعنوية لتحريرها من اليهودية العالمية والصليبية الدولية.
في هذه الفترة بات للإخوان نشاط سياسي، خاصة إنها بدأت في الاحتجاج على وجود ضباط إنجليز في الجيش العربي، وطالبوا بترحيلهم، ونظموا المظاهرات المعادية للاستعمار، كما هاجموا حلف بغداد، واعتقل المراقب العام عام 1955، كما عارضوا مبدأ آيزن هاور عام 1957.
وكانت أول مشاركة للإخوان في الانتخابات النيابية كان في 1956، وقتها نجح لهم أربعة مرشحين من أصل ستة، مارسوا نشاط سياسي ومجتمعي إلا أن كل ذلك انتهى باعتقال المراقب العام وانحصار المد الإسلامي أمام القومي.
أعقب هذه الفترة مرحلة مد إسلامي بعد النكسة، عندما بدأوا يرجوا لفشل المشروع القومي العربي. وهنا دشن الإخوان معسكرات لمواجهة الإسرائيليين، تكونت من 180عنصر إخواني بالإضافة إلى مجموعة المتطوعين. وتوسع هذا المد مع قودم الرئيس أنور السادات إلى السلطة في مصر، إذ انعكس على حال الإخوان المصريين ومن ثم أفرعهم في الدول العربية.
في تلك الفترة انتبهت الجماعة إلى أهمية العمل النقابي والجامعات ما ساعدها في التغلغل أكثر في المجتمع الأردني. وشاركت في ها الوقت في الانتخابات النيابية التكميلية عام 1984 إذ حصلت على مقعدين. واستمرت الجماعة في عملها المجتمعي بالإضافة إلى التنديدات السياسية من منطلق ديني وليس قومي، حيث رفضت مثلا معاهدة كامب ديفيد، والعدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، وعلى خلفية ذلك توترت العلاقة بالقصر الحاكم حيث فصل عدد كبير من الإخوان الأساتذة في الجامعات وفي غيرها من المواقع الوظيفية وبقي الأمر كذلك حتى عام 1989.
وفي الفترة من نهاية الثمانينات وحتى نهاية التسعينات، اتسع نشاط الإخوان، ما ترجم في اتساع كتلتها التمثيلية في البرلمان، ورأستها للمجلس النيابي. في بداية التسعينات وهي المرحلة الأفضل للإخوان الأردنيين، وصل عناصر منهم إلى الحكومة. وشاركت بخمس وزراء في 1991، وفي عام 1993 حصلت على سبعة عشر مقعدًا، بعد إصدار قانون انتخابي جديد سمي بقانون الصوت الواحد.
وتم في هذه الفترة إنشاء حزب جبهة العمل الإسلامي سنة 1992، وذلك بالتعاون مع شخصيات إسلامية عامة، كما شاركت الجماعة في الانتخابات البلدية لعام 1995 وفاز مؤيدوها وأنصارها في عدد من البلديات، وفي عام 1994 تم انتخاب عبد المجيد ذنيبات مراقب عام جديد. وعقدت في عام 1996 مؤتمرًا داخليًا لتقويم مسيرة خمسين سنة، إلا انها قاطعت الانتخابات النيابية في 1997 اعتراضًا على معاهدة وادي عربة.
ومع بداية الألفية الثانية احتفظ الجماعة بدورها السياسية بجانب الدور المجتمعي، إذ مازالت تسهم في جمعية المركز الإسلامي التي تصنف كأحد أهم الجمعيات الخيرية في الأردن، إلا أن ذلك لم يحميها من أزماتها الداخلية.
المنشقون وانشقاق المنشقون
اختلف المراقبون المقربون من مراكز القوى لفرع اخوان الأردن على توصيف الخلافات التي شهدتها الجماعة على مدار العامين الأخيرين، فمنهم من اسماه بالحراك الداخلي مثل الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المهندس بادي الرفايعة الذي وصف،آنذاك، ما يحدث ويدور داخل الجماعة بـ "الانشقاق"، مشددًا على أن الجماعة تعيش بأحسن أحوالها ولحظاتها بالرغم من وجود هذا الخلاف والحوار، معتبرًا ما يحدث داخل أروقة الجماعة "أمر طبيعي بين القيادات والقواعد". في الوقت نفسه كانت هناك مجموعة أكثر واقعية اعترفت بخلافات الجماعة واطلقت عليها "الانشقاق".
ووقعت الأزمة عندما خرج فصيل من داخل الإخوان يطالب بفصل العمل السياسي عن الدعوى مطالبًا المراقب العام الحالي همام سعيد بالاستجابة لمطالبهم. كالعادة لم يكن هناك رد من القيادة العليا فقرر المتحفظون على ادار الجماعة الانشقاق وتشكيل كيان أخر موازي للإخوان قننت الدولة أوضاع.
واتهمت الجماعة القديمة المنشقين عنها بانهم قاموا بذلك بتحريض من الحكومة، مدللين على ذلك بترخيص الدولة لهم جماعتهم، إلا أن الوضع لم يتوقف عند ذلك عندما تعرض صف المنشقون أنفسهم لانشقاق جديد.
بدأت الأزمات عندما قامت مجموعة من القيادات الإخوانية على رأسهم الدكتور أرحيل غرايبة، بتأسيس مبادرة "زمزم" التي أعلن عن انطلاقها بالمركز الثقافي الملكي في شهر أكتوبر من العام 2013.
وفي ثاني الأزمات التي واجهتها جماعة الإخوان، أقدم عدد من القيادات السابقة للجماعة، التي تم فصلها، على رأسهم المراقب العام السابق المحامي عبد المجيد الذنيبات، وذلك في شهر مارس 2015، على تقديم طلب ترخيص وتسجيل الجماعة قانونيًا لدى وزارة التنمية الاجتماعية، الأمر الذي رفضته قيادات الجماعة الأم، واعتبرته "انقلابًا" من خلال الآليات الرسمية الحكومية.
أما الأزمة الأخيرة التي تعيش فصولها الجماعة كانت إطلاق مجموعة الحكماء مبادرة "الشراكة والإنقاذ"، التي دعت من خلالها إلى حل قيادتي جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي الحاليتين، وإلا فإنها ستشكل إطارًا تنظيميًا جديدًا للخروج من الأزمة، إضافة إلى إجراء إصلاحات فورية، وفق ما جاء في نص المبادرة.
وفي شرخ جديد في جسد الجماعة كشف المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في الأردن، سالم الفلاحات عن تبلور فكرة عامة لحزب وطني جديد، قال إنه "برامجي لا عقائدي"، بعيدا عن جماعة الإخوان.
وقال الفلاحات، وقتها، إن الحزب ما زال أملا وفكرة، ولم يتم الخوض في تفاصيله بعد، ولم يقدم بقالب جاهز، مضيفًا أن القائمين على فكرة الحزب مجموعة من الإخوة كانوا يلتقون لبحث الخلافات والانقسامات وتقليل الخسائر. ورغم حديثه عن العمل لصالح الدعوة إلا أن ذلك لا يحول دون اعتبار ما حدث خلل جديد تعاني منه الجماعة.