«عدوى ترامب».. هل تنتقل سريعًا إلى أوروبا؟

السبت، 12 نوفمبر 2016 02:00 ص
«عدوى ترامب».. هل تنتقل سريعًا إلى أوروبا؟
ترامب
بيشوي رمزي

على الرغم من أن التوقعات واستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة كانت تدور في فلك المرشحة الديمقراطية للرئاسة في الولايات المتحدة هيلاري كلينتون، إلا أن "ترامب" كان الفائز في النهاية، في مفاجأة كانت بمثابة الصدمة لكثير من مؤيدي منافسته، إلا أن الصدمة ربما تتكرر من جديد في دول أخرى، في ظل توجه الشارع الغربي بشكل عام بقوة نحو التيارات اليمينية من جراء المخاوف المرتبطة بالإرهاب وزيادة أعداد اللاجئين في المرحلة الراهنة.


لعل المخاوف من انتشار ما يمكننا تسميته بـ"عدوى ترامب" في القارة الأوروبية تجلت بوضوح في التعليقات المتحفظة من قبل غالبية المسئولين الأوروبيين، الذين أعربوا ضمنيًا عن مخاوفهم من صعود المرشح الجمهوري المحافظ إلى سدة البيت الأبيض، وهي التعليقات التي تزامنت مع ترحيب كبير من جانب اليمينيين، ممن شعروا بأن نجاح "ترامب" ربما يكون دافعًا لهم في المستقبل.
 
مسلسل الاستطلاعات
 
ولعل التباين الصارخ في ردود الأفعال التي تلت فوز الرئيس الأمريكي الجديد تتجلى بوضوح في فرنسا، خاصة وأنها على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة في شهر إبريل من العام القادم، ففي الوقت الذي وصف فيه الرئيس الفرنسي صعود "ترامب" إلى السلطة في الولايات المتحدة بأنه بداية لحقبة "ضبابية"، نجد أن زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان، والتي تنتمي لتيار اليمين المتطرف، كانت من أوائل المرحبين بفوز المرشح الجمهوري.

"لوبان"، والتي سوف تترشح العام القادم للانتخابات الرئاسية في فرنسا، ربما ترى "ترامب" ملهمًا لها، خاصة وأن كافة الاستطلاعات لا تصب في صالحها، حيث تقول صحيفة "الجارديان" البريطانية أن "لوبان" ربما تكون مرشحة بقوة للوصول إلى عبور الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، إلا أنها لن تفوز بجولة الإعادة، والتي سوف تجرى خلال الأسبوع الأول من شهر مايو القادم.

الاستطلاعات التي أجرتها معظم الصحف والقنوات الفرنسية تضع "لوبان" في المرتبة الثانية، بعد رئيس الوزراء الفرنسي السابق الان جوبيه، والذي زادت أسهم ترشحه بصورة كبيرة عن الحزب الجمهوري الفرنسي، على حساب منافسه نيكولا ساركوزي، والذي تولى رئاسة فرنسا في الفترة ما بين مايو 2007 وحتى مايو 2012.

ويقول الأمين العام للجبهة الوطنية الفرنسية نيكولا باي، في تصريحات أدلى بها لإذاعة "إن بي أر" الأمريكية، "أعتقد أننا سوف نحمل نفس مفاجأة "ترامب" ولكن في فرنسا. ربما يكون لدينا الحق في التفاؤل الآن مادامت الاستطلاعات ليست في صالحنا".

وأضاف "باي" أن فوز "ترامب" بالانتخابات الرئاسية الأمريكية هو بمثابة انتصار للشعب الذي خانته النخب، موضحًا أن "ترامب" تبنى في برنامجه الانتخابي نفس المبادئ التي تتبناها الجبهة الوطنية الفرنسية، والتي تتمثل في رفض التعددية الثقافية ورفض العولمة والتجارة الحرة، والعمل على تعزيز الحدود الوطنية.

أجندة واحدة

كانت مجابهة اللاجئين ورفض السياسات الاقتصادية القائمة على العولمة وحرية التجارة في مقدمة البنود التي تبناها دونالد ترامب، بالإضافة إلى موقفه المتشدد من المسلمين، وهو الأمر الذي يتشارك معه فيه الغالبية العظمي من قادة اليمين الأوروبي المتطرف، وهو الأمر الذي يمثل خطورة كبيرة على مستقبل الاتحاد الأوروبي في المستقبل إذا ما تمكن مرشحو تلك التيارات من الوصول إلى سدة السلطة في بلدانهم.

ويقول الكاتب الهولندي كاس مود، أن مسارعة قادة اليمين المتطرف للترحيب بفوز "ترامب" هي بمثابة احتفال بالانتصار الذي حققه مرشح يحمل نفس الأجندة التي يتبنوها أكثر منها احتفاء بالرجل نفسه، خاصة وأنهم ليس لديهم أية علاقات شخصية معه، إلا أنهم وجدوا في برنامجه قوة مناوئة للنخب السياسية المتواجدة داخل بلدانهم في ظل تحول موازين القوى السياسية في الداخل الأوروبي في اتجاههم منذ اندلاع أزمة اللاجئين.

محور غربي جديد

إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه يدور حول ما إذا كان العالم بصدد محور شعبوي يقوده الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في ظل سطوة متوقعة من جانب حلفائهما اليمينيين في المرحلة المقبلة على أوروبا.

يقول المحلل السياسي فيليب مورو ديفارج، الباحث بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن انتخاب ترامب لرئاسة الولايات المتحدة هو بمثابة لحظة فارقة ونقطة تحول مهمة، حيث أنها ساهمت في كسر التابوهات التقليدية خلال لحظة فارقة يصل فيها مرشح شعبوي إلى سدة السلطة في الولايات المتحدة، وبالتالي فمن غير المستبعد أن نرى محورا جديدا يقود العالم الغربي بقيادة ترامب بدعم من "بوتين". 
 
وأضاف، في تصريحات أبرزتها صحيفة "تيليجراف" البريطانية، أن "هذا الانتصار سوف يساهم بصورة كبيرة في زيادة شعبية الأحزاب اليمينية في جميع أنحاء أوروبا، وذلك من خلال استغلالها للعديد من القضايا الملحة كأزمة اللاجئين والهجرة وغيرها." واستطرد أن تلك الأحزاب تتصاعد بصورة لم يسبق لها مثيل في أوروبا منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، وبالتالي فإن المشهد في أوروبا ربما يتغير بصورة جذرية في المرحلة المقبلة.
 
إلا أن "مود" ربما اختلف قليلًا مع الطرح الذي قدمه "ديفارج"، حيث أكد، في مقال منشور له بصحيفة "الجارديان" البريطانية، أن أهم ما يجمع بين قادة اليمين المتطرف من جانب والرئيس الأمريكي الجديد و"بوتين" من جانب أخر هو أن عدوهما واحد، وهو النخب السياسية ومؤيدو الاتحاد الأوروبي، موضحًا أن العلاقة بينهم لا تصل إلى مرتبة التوحد الأيديولوجي.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة