"الأسد" يؤكد أن شعبه يدعمه حتى بعض المعارضين.. يتوقع استمراره لفترة رئاسية ثالثة.. ونيويورك تايمز: الرئيس السوري يتهم أمريكا بدعم "داعش" وفبركة الاتهامات له ولنظامه

الثلاثاء، 01 نوفمبر 2016 10:12 م
"الأسد" يؤكد أن شعبه يدعمه حتى بعض المعارضين.. يتوقع استمراره لفترة رئاسية ثالثة.. ونيويورك تايمز: الرئيس السوري يتهم أمريكا بدعم "داعش" وفبركة الاتهامات له ولنظامه
بيشوى رمزي

بينما كانت البنادق صامتة على قمة جبل قاسيون، والأضواء تتلألأ على منحدراته، في العاصمة السورية دمشق، كان الرئيس السوري بشار الأسد يرحب بضيوفه الذين زاروه في قصره الفرنسي العثماني الكائن أسفل هذا الجبل، هكذا استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا لها حول لقاء الرئيس السوري بالصحفيين الغربيين.

وأضافت الصحيفة الأمريكية البارزة أن المشهد ربما لا يعطي انطباعًا عن الأوضاع الحقيقية التي تشهدها سوريا في المرحلة الراهنة، فتشعر وكأن الحياة تسير بصورة طبيعية، وأنه لا توجد معارك محتدمة في العديد من المناطق في الداخل السوري بين القوات النظامية الموالية للأسد وميليشيات المعارضة.

ثقة بشار
الرئيس السوري كان مشعًا بالثقة، هكذا وصفته الصحيفة، حيث كانت رسالته الضمنية التي أرادها من اللقاء للحكومات الغربية مفادها، أنهم قد أخطأوا منذ البداية بتأييدهم للميليشيات المعارضة، واعدًا ضيوفه في الوقت نفسه بعهد جديد من الإنفتاح والشفافية والحوار في سوريا، مشيرًا إلى صراع الهوية الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، مؤكدًا حق كل سوري في أن يحظى بكافة حقوقه كمواطن كامل.

ورفض "الأسد" أن يتحمل مسئولية الحرب الدائرة في بلاده منذ أكثر من 5 سنوات، ملقيًا باللوم على الولايات المتحدة والميليشيات الإسلامية، مؤكدًا أن حكومته والقوات الأمنية العاملة معها لا تحمل على عاتقها أي قدر من المسئولية حول الأحداث المفجعة التي شهدتها بلاده طيلة هذه الفترة.

التغيير السياسي يبقى أمرًا مستبعدًا حتى تنتصر القوات الحكومية في المعركة، هكذا يقول "الأسد"، متوقعًا أن يبقى قابعًا على رأس السلطة في بلاده حتى نهاية فترته الرئاسية الثالثة، والتي من المقرر أن تنتهي في عام 2021. وأضاف أن حالة النسيج المجتمعي في سوريا، البلد التي شرد أكثر من نصف سكانها، بينما قتل مئات الآلاف من مواطنيها جراء الحرب الحالية؛ أصبح أفضل بكثير إذا ما تمت مقارنته بمرحلة ما قبل الحرب.

وأعرب الرئيس السوري عن ثقته في قدرة قواته على استغلال لحظات الزخم لإستعادة السيطرة على كافة الأراضي السورية، حتى وإن كان ذلك سوف يحدث بدعم من قبل القوات الجوية الروسية التي تقوم حاليًا بقصف معاقل المتمردين في مدينة حلب السورية.
تقول الصحيفة الأمريكية أنه بالرغم من خط الإنفتاح الجديد الذي تبناه "الأسد" وحاشيته؛ إلا أنه مازال صارمًا تجاه المعارضة السياسية سواء في بلاده أو في الخارج، مؤكدًا رفضه الكامل للإعتراف بأي مظالم أو حقوق مشروعة كانت السبب في الإحتجاجات السلمية التي اجتاحت البلاد مع بداية الإنتفاضة السورية في عام 2011.

الشيطان الأكبر 
وأضافت الصحيفة أن النظام السوري يرى أن الولايات المتحدة كانت بمثابة الداعم الأكبر لتنظيم "داعش"، وغيرها من الميليشيات المتطرفة الأخرى، حيث وصف الرئيس السوري الدعاوي حول ارتكابه ونظامه جرائم حرب في سوريا بأنها دعاوي مفبركة وتحمل أهدافًا سياسية.

يقول الأسد "لقد كنت مجرد عنوان ... الرئيس السيء أو الولد الشرير الذي يقتل الطيبين". وأضاف "السبب الحقيقي وراء هذا الحديث هو إسقاط الحكومة فقط لأنها لا تتناسب مع المعايير التي وضعتها الولايات المتحدة".

ويستطرد الرئيس السوري أنه بالرغم من مقتل الآلاف من السوريين على يد الجماعات المسلحة، فإنه لا يوجد من يتحدث عن جرائم حرب ارتكبت على يد خصومه من المعارضة المسلحة".

تصريحات الرئيس السوري تأتي بعد يوم واحد من إدانة مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، وكذلك بعض المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية، للجماعات المسلحة لقيامها بقصف الأقسام الخاضعة تحت سيطرة النظام الحاكم في سوريا بشكل عشوائي، الأمر الذي أدى مقتل عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة.

ولكن تبقى الإنتهاكات الأكبر قد ارتُكِبَت على يد النظام، بحسب الصحيفة، في ظل قيام طائرات النظام بقصف المساكن التي يقطنها المدنيين في معاقل المعارضة، بالإضافة إلى اعتقال أعداد كبيرة من النشطاء والمتظاهرين السلميين يوميًا في سجون النظام حيث يتعرضون للتعذيب على يد النظام السوري، ناهيك عن الحصار الذي يفرضه النظام السوري لتجويع سكان المناطق الخاضعة تحت سيطرة المعارضة.

ويقول الرئيس السوري "دعونا نفترض صدق الإدعاءات بأن هذا الرئيس قتل شعبه، في الوقت الذي تُقدِم فيه الولايات المتحدة الدعم للسوريين، ولكن يبقى التساؤل هنا من الذي ساندني حتى أبقى الرئيس بعد 5 سنوات ونصف كاملة؟ كيف يمكنني البقاء في منصبي طيلة هذه الفترة إذا ما لم أكن حظى بدعم من قبل شعبي؟". ويستطرد مقهقهًا، بحسب الوصف الذي قالته الصحيفة، "إنها دعاوي ليس لها علاقة بالواقع".

"نيويورك تايمز" تُعلِق على كلمات "الأسد" بقولها أن الرئيس السوري ربما يحظى بتأييد عميق من قبل أوساط يعتقد البعض أنها معارضة له، بجانب أيضًا الدعم الكبير الذي حصل عليه من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، موضحة أن قطاع كبير، ممن لا يروق لهم سياساته، يدعمونه خوفًا من بديل متطرف يبدو ظاهرًا في الأفق، أو لحماية الدولة من الإنهيار المحتمل حال سقوطه، وهو الأمر الذي يعترف به الرئيس السوري نفسه.

ويقول الرئيس السوري "لقد أدركوا قيمة الدولة، ولذلك انضموا لصفوفنا رغم خلافهم معنا، وهو الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في تعزيز النسيج المجتمعي في الداخل السوري".

وتأتي تصريحات "الأسد" بعد مؤتمر الجمعية السورية البريطانية، برئاسة حماه فواز الأخرس، والذي استمر لمدة يومين، حيث حظى بحضور العشرات من الصحفيين والمحللين الدوليين.

هدوء في العاصمة 
ترى الصحيفة أن العاصمة السورية دمشق، أقل توترًا مما كانت عليه قبل عام أو عامين، وذلك بعد التقدم الذي حققته القوات الموالية للحكومة بفضل صفقات المصالحة مع الضواحي المحاصرة، وذلك بالرغم من أنه لا تزال هناك ضربات جوية على بعض الضواحي وسقوط قذائف هاون المتمردين على المدينة، وإن كان بصورة أقل كثيرًا عن ذي قبل، بينما تكتظ حانات جديدة في المدينة القديمة التاريخية بالزائرين.

كانت الرسالة الرئيسية التي قدمها المؤتمر، في الكلمات التي ألقاها مسئولو النظام ومستشاريه، وحتى الرئيس السوري نفسه، هي الإعراب عن الثقة المتناهية في أن الإنتصار قادم لا محالة، معربين في الوقت نفسه في التواصل مع الغرب، وفتح صفحة جديد من العلاقات، ولكن بشروطهم.

يقول وزير الخارجية السوري وليد المعلم "الأمر يرجع للغرب، عليهم إعادة التفكير في سياساتهم من جديد". وأضاف أن الحكومة تحارب في المرحلة الراهنة من أجل تحقيق الانتصار على المتمردين الذين يرفضون الخضوع لسيادة الحكومة، سواء كانوا من الأكراد أو المتشددين الموالين للقاعدة أو الجماعات المتمردة المدعومة من قبل الولايات المتحدة للقتال في حلب، مستبعدًا في الوقت نفسه أي اتفاق يُحقق للمعارضة السيطرة على شرق مدينة حلب. وتابع بأن "مثل هذا الاتفاق من شأنه تقديم مكافأة للقتلة".

من ناحيته، أكد الرئيس السوري أن نظامه مازال لديه حوار مع العديد من القوى الغربية من خلال قنوات مختلفة؛ إلا أن هذا لا يعني أن سوريا سوف تتخلى عن سيادتها.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق