«زيجات الوادي الجديد».. الشقة قبل الذهب

الأحد، 23 أكتوبر 2016 07:06 م
«زيجات الوادي الجديد».. الشقة قبل الذهب
عمر عادل

«اتمخطري يا حلوة يا زينة يا وردة من جوا جنينة»، أغنية تُزّف بها كل عروس في ليلة زفافها، فيظل الزواج طوال الوقت حلمًا يراود كل فتاة منذ نعومة أظافرها، لترتدي الفستان الأبيض مع فارس أحلامها، لكن حلم العُرس لم يكن للفتيات فقط، بل أيضًا للشباب، الذي أصبح حلمًا بعيد المنال في هذه الأيام، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار الذهب، الذي يقدمه الشاب للفتاة.

وتتنافس الأسر في المحافظات المختلفة على من يجلب ذهبًا بقيمة أكبر من الآخر؛ فأصبح الزواج مجالًا للتفاخر بين الأسر كافة، بدءً من تكاليف قاعة الزفاف مرورًا بالشبكة والشقة وغيرها، حيث بلغت شبكة العروس في صعيد مصر كيلو ذهب عيار21، وفي واحات الوادي الجديد تشترط العروس قبل الموافقة على الزواج أن يكون لديه شقة تمليك ووظيفة ميري، والأكثر غرابة هو المبالغة المفرطة في تأسيس الشقة، فالأسقف لابد أن تكون معلقة والمطابخ رخام والحجرات كثيرة، كما تصل الأدوات المنزلية إلى 12 دستة من كل صنف، تفي احتياجات العروسين وأبنائهم وأحفادهم، فغالبيتها للزينة فقط، كما أن نفقات العروس تتراوح بين 80 إلى 150 ألف جنيه، بخلاف الشقة التي تصل إلى 100 ألف جنيه.

«الزواج بقى مغالاة في تأسيس المنزل حتى عشاء العريس والعروسة بيتفاخروا بيه»، هكذا بدأت أماني سليمان حديثها، مؤكدة أن الزواج ما هو إلا عبئًا على أسرة العريس والعروسة، فالمعاناة تتضاعف يومًا بعد الآخر، فأصبح الزواج مثل الواجهة الاجتماعية يتفاخر به كل شخص أمام الآخر، فالحل يكمن في تغيير العادات والتقاليد البالية التي اعتادت عليها الأسر طوال السنوات الماضية، والتي ثبت مع الوقت عدم نفعها.

«الله يرحم أيام زمان لما كان جهاز العروسة حصيرة وسرير ولحاف ولذا كان الزواج سهل وميسر لأي شاب وفتاة»، هكذا أعرب محمد علي عن غضبه من تكاليف الزواج الباهظة الآن، فالفتاة تحصل على قائمة جهاز آخر عروسة سبقتها في الزواج، وتبحث عن الجديد لتشتريه؛ كي تتميز عن غيرها دون مراعاة للحالة المادية لوالديها، كما تنظم بعض العائلات الآن زفة لجهاز العروسين عن طريق سيارات نقل تجوب الشوارع والميادين العامة للفت الأنظار والتباهي بكل ما هو جديد، كما يقدم أهل العروس 40 زوج حمام لأهل العريس فيما يُعرف بـ«الصباحية»، والذي يكلف الأسرة الكثير من الأموال.

«تزوجت منذ 5 أعوام ولم استخدم حتى الآن سوى 20 % من الأجهزة المنزلية التي قمت بشرائها أنا وزوجتي»، هكذا بدأ أحمد عيسوي حديثه، فيجب على الأهالي توعية الشباب منذ الصغر بشراء كل ما هو ضروري فقط، واستثمار الباقي في مشروع تجاري يدر دخلا لهم، أما هناء فارس فتقول إن البعض يفضل عدم الزواج حتى لا يكون أقل من غيره خاصة غير القادرين على شراء كل المستلزمات وهذا يتطلب التوعية الدينية من خلال الأزهر والأوقاف علاوة على إلغاء بعض المظاهر غير الضرورية مثل التفصيل والحنة؛ لعدم فائدتها.

أما عاشور الزعيم، أحد المواطنين، يقول إن غياب الثقافة الدينية والتقليد الأعمى والمظاهر الكاذبة هم سبب الكارثة الحقيقية، فكثيرًا منّا يعتقد أن البذخ سواء في تأثيث منزل الزوجية أو المغالاة في المهر والشروط دليل على قيمة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية وهذه رؤية خاطئة تمامًا، بينما يستشهد زياد جابر، بحديث عن الرسول فيقول «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )
»، وهنا حدد الرسول أسس الزواج وفي مقدمتها الدين والخلق، كما نهانا عن البذخ والإسراف في الحفلات، فجهاز العروس كان قديمًا عبارة عن أدوات بسيطة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق