الاقتتال الداخلي يقوض هجوم المعارضين في حماة السورية
الخميس، 13 أكتوبر 2016 09:50 ص
على مدى أكثر من شهر، حقق المعارضون الذين يقاتلون نظام الرئيس السوري بشار الأسد تقدما وسط سوريا، وباتوا على مبعدة بضعة أميال فقط من حماة، رابع أكبر مدن البلاد.
وكان يأمل كثيرون في المعارضة أن ينجحوا في قطع طريق الإمداد الرئيسي للقوات الحكومية في حلب، ويخففوا بالتالي من الحصار الذي تفرضه على المتمردين هناك.
لكن هذه الحملة الطموحة تقوضت إلى حد كبير بفعل المعارضين أنفسهم، ويرجع ذلك في الأساس إلى الاقتتال الداخلي الذي اندلع الأسبوع الماضي.
وهذه سمة غالبا ما تكررت نتيجة الخلافات والتنافس بين صفوف مجموعات المعارضة، والتي استغلها الأسد طوال فترة الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.
وكان رأس حربة الهجوم الذي استمر خمسة أسابيع، والذي تمكن فيه المعارضون من اختراق دفاعات القوات الحكومية والسيطرة على أكثر من 20 قرية وبلدة، الجماعة السلفية الجهادية المتطرفة جند الأقصى.
وأقلق التقدم القيادة العسكرية السورية التي دفعت بواحد من أكثر ضباط ثقة وكفاءة لدى الأسد، وهو العقيد سهيل الحسن، مع وحدة النخبة التي يقودها للدفاع عن المنطقة الاستراتيجية.
ومنطقة حماة، التي يقطنها سكان من مختلف الديانات والمذاهب، تقع عند تقاطع بين وسط سوريا وشمالها وساحل المتوسط. كان المتمردون يأملون في أن يخفف هجومهم الضغط على زملائهم في حلب الواقعة إلى الشمال والتي تتعرض لهجوم جوي عنيف من قبل الطائرات السورية والروسية.
كان الهدف الرئيس للمعارضة هو قطع طريق الاإداد بين حلب ومعقل الأسد في دمشق والمنطقة الساحلية، لكن ذلك لم يحدث.
في السابع من أكتوبر تشرين أول، اندلع قتال عنيف بالقرب من محافظة أدلب بين جند الأقصى ومجموعة أحرار الشام. هذه الجماعة اتهمت الأخرى باغتيال عدد من قادتها المحليين.
وكلا الجماعتين انسحبتا بعدها من مقاتلة القوات الحكومية لتسمحا للجيش السوري بشن هجوم مضاد ينجح فيه بالسيطرة على 14 قرية وبلدة منذ نهاية الأسبوع.
وقال أحمد الأحمد، الناشط المعارض المقيم في تركيا، إن الاقتتال الداخلي "قلب الوضع رأسا على عقب."، وأضاف أن القوات الحكومية استعادت خلال ثلاثة أيام السيطرة على 30% من الأراضي التي فقدتها في شهر.
وخفت حدة الاقتتال بعد أن قالت جماعة فتح الشام المرتبطة بالقاعدة إن جند الشام سوف تنضم تحت قيادتها - في خطوة من شأنها جعل الجبهة أكثر قوة، ومع ذلك تواصلت الاشتباكات المتقطعة لكن القتال قوض هجوم المتمردين وبدد أي أمل في انقاذ حلب.
وابتليت المعارضة والجماعات المسلحة في سوريا منذ البدء بهذه الفرقة والمنافسة. وغالبا ما أعاقت الحروب والصراعات الداخلية تقدم المتمردين ما سمح للقوات الحكومية بالاستفادة من ذلك في تحقيق الكثير من المكاسب.
منذ أواخر شهر أغسطس، استولت قوات المعارضة على مناطق في محافظة حماة قرب محافظة إدلب، والقريبة من الحدود مع تركيا والتي تعد أكبر معقل للمعارضة في سوريا.
والأسبوع الماضي، قال قائد في جماعة جند الأقصى في حماة "لدينا أهداف عديدة، أحدها قطع طريق النظام المؤدي إلى حلب".
ولم يخض القائد، الذي لم يذكر سوى اسمه الأول فقط كارمو، في أي تفاصيل.
والثلاثاء، قال نفس القائد إنه في حين أن رجاله لم ينسحبوا، سحبت جماعة أحرار الشام مقاتليها من القرى الواقعة على خط المواجهة في محافظة حماة، ما ساعد جنود الأسد في استعادة السيطرة على معظم الأراضي التي فقدوها خلال الأسابيع الخمسة الماضية.
غير أن الأحمد، الناشط في المعارضة، قال إن كلتا الجماعتين تركت مواقعها على الخطوط الأمامية في حماة.
ولم يرد مسؤولان في أحرار الشام على أسئلة بشأن هذه الأحداث.
من جانبه، قال الوزير السوري علي حيدر للأسوشيتد برس في دمشق الأربعاءـ إن حماة هي «صمام الأمان الذي حاول المسلحون فتحه لتخفيف الضغط على حلب».
وأضاف أن المتمردين يهدفون أيضا إلى فتح جبهات متوازية لتحويل الموارد الحكومية.
في السياق ذاته، قال أحد نشطاء المعارضة من محافظة حماة والذي يراقب الوضع عن كثب ولديه اتصالات مع الفصائل المختلفة إن هناك خلافات حتى قبل اندلاع القتال بين جند الأقصى وأحرار الشام.
أحد نقاط الخلاف الرئيسية التي أدت إلى بطء عملية حماة هي كيفية إدارة المدينة حال سقوطها في أيدي قوات المعارضة.
يخشى الكثيرون في حماة من أن تنفذ جماعة جند الأقصى أفكارها المتشددة، ويريدون فقط أن يتولى مسلحون من المدينة مهمة الأمن، حسبما أفاد نشطاء.
وأكد الناشط، الذي تحدث شريطة التكتم على هويته خوفا من انتقام المسلحين، إن التجار في حماة والشيوخ يعارضون أي وضع قد يضع المدينة في مرمى الغارات الجوية لحكومة الأسد، على غرار ما حدث في حلب.
يشار إلى أن حماة كانت هادئة نسبيا منذ بدء الأزمة السورية، وكانت بعيدة عن الاحتجاجات المناهضة للحكومة مع بداية انتفاضة عام 2011 التي سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية.
يخشى شيوخ المدينة تكرار ما حدث عام 1982، عندما شن الرئيس حافظ الأسد، والد بشار، حملة قمع لتمرد من قبل جماعة الإخوان المسلمين في حماة.
دمرت القوات الحكومية آنذاك جزءا كبيرا من المدينة في هجوم جوي وبري استمر لمدة ثلاثة أسابيع، ما أسفر عن مقتل ما بين 10 و20 ألف شخص.
وأطلق المسلحون على عمليتهم الحالية في حماة (غزوة مروان حديد)، وهو قيادي مسلم وأحد مواطني المدينة والذي قتل تحت التعذيب في سجون الأسد عام 1976.
بالإضافة إلى الاستيلاء على البلدات والقرى، تقدم المسلحون بالقرب من قاعدة حماة الجوية، إحدى أكبر قواعد البلاد والتي تعد نقطة انطلاق للطائرات الحربية الحكومية التي تهاجم مواقع المتمردين وسط سوريا.
ردت الحكومة السورية وحليفتها روسيا على الهجوم بغارات كثيفة، واستعادت قوات الأسد يدها العليا هناك الآن.
رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، قال إن جماعتين صغيرتين فقط هما اللتين تحاولان صد الهجوم المضاد الذي تنفذه الحكومة.
وأضاف عبد الرحمن "الوضع سيء للغاية، وإذا استمر على هذا النحو، فإن النظام سيستعيد الأراضي التي فقدها قبل عامين".