عايدة نصيف : أزمة التعليم بمصر تكمن في تطبيق بعض النظريات التربوية الخاطئة
السبت، 06 أغسطس 2016 11:45 ص
أكدت الدكتورة عايدة نصيف أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة القاهرة وعضو مجلس أمناء "منتدي الشرق الأوسط للحوار" إن أزمة مشكة التعليم في مصر تكمن في عهود سابقة سيطرت على العملية التعليمية فيها بعض النظريات التربوية الخاطئة، ومن ثم كان تدهور التعليم.
وقالت نصيف - في كلمتها أمام مؤتمر "التعليم.. مستقبل مصر" الذي ينظمه "منتدي الشرق الأوسط للحوار" بوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /السبت/ - إننا إذا رجعنا إلى التاريخ وقمنا بالتدقيق، نجد أن التعليم ظل حتى فترة الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي يهتم أساسا بالمضمون، ولكنه تحول بعد ذلك إلى اهتمام مفرط بالشكل وبالطريقة دون المضمون، الذي يُنتج تنمية في المجتمع في كل المجالات، ومن ثم تحولت مدارسنا إلى شكل دون مضمون، أما الاهتمام بالعلم ذاته فقد تراجع إلى الصفوف الخلفية، وربما اختفى تماما، وهو ما نتج عنه بعض الصور السلبية والسيولة الأخلاقية التي نراها الآن في المجتمع.
وأضافت – في كلمتها بعنوان (التعليم بين الثقافة والمجتمع) – إن هناك فريقين تجاه تلك الإشكالية، الفريق الأول وهم التربويون؛ إذ يؤكدون أن آفة التعليم في مصر هي عدم الاهتمام بالطرق التربوية السليمة، وعدم تطبيق أبحاث التربويين، في حين أن الفريق الثاني المهتم بنواتج وثمار العملية التعليمية في المجتمع، يؤكدون عكس ذلك، أن ما يعاني منه التعليم هو التطبيق المفرط بالشكل وبالطريقة على حساب المضمون والجوهر، التي أدت إلى تدهور التعليم بهذا الشكل الذي يستشعره المجتمع الآن.
وأكدت أنه في فترات سابقة معينة ومن الحقائق المعروفة، أن بعض المسئولين عن توجيه التعليم كانوا يعلنون صراحة تلك المظاهر الخارجية للنشاط، أما مدى استيعاب الطلاب للعلم وتحصيلهم للمعلومات وقدرتهم على تحصيل المعرفة، فكان في نظرهم أمرا ثانويا، أما الآن فقد فقد التعليم الشكل والمضمون، وكانت بداية تدهور التعليم هو الخروج بوظيفة النشاط التربوي غير السليم والمصطنع وليس الحقيقي، بل كان ابتعادا عن القيم الاجتماعية الأصيلة لتتبدل بقيم اجتماعية أخرى بديلة.
وقالت إن الإشكالية هنا ليست انحرافا أو خطأ ينتمي إلى مجال التعليم وحده، وإنما هي جزء من انحراف أوسع بكثير يتعلق بأسلوب حياة المجتمع بوجه عام، ومن ثم فإن الظروف التي أدت بالتعليم إلى الاهتمام بالطرق والأساليب الشكلية دون المضمون، جزء لا يتجزأ من طابع عام في قيم المجتمع.
وأضافت نصيف أن من مظاهر تدهور التعليم في بلادنا، هي ظاهرة الحفظ الحرفي للمعلومات العلمية دون محاولة لهضمها أو اتخاذها وسيلة لحل المشكلات المعقدة التي يواجهها الإنسان في حياته.
وأشارت إلى أن هذه الطريقة التي جعلت تلاميذنا أشبه ما يكونوا بآلات تسجيل، تفرغ ما لديها وقت الامتحان، دون أن يتبقى لديهم شيء مما عرفوه؛ لكي يستعينوا به في مواجهة المهام والقضايا المعقدة التي تزدحم بها الحياة، وهذا الطابع الغالب على أساليب التعليم في كثير من المعاهد التي تقدم تعليما دينيا ولغويا تقليديا، كان منذ عهد بعيد ولا يزال هو الحفظ عن ظهر قلب.
وقالت إن هذه الطريقة تندرج تحت السلطة المطلقة للنص، دون إعادة تجديد الفكر وإعمال العقل، ولكن اللحظة التاريخية التي نعيشها تتطلب إعمال العقل وإعطاء القدرة العقلية للطلاب على الإبداع والابتكار والتفكير، في ظل وضع آليات حديثة ومتطورة تراعي الشكل والمضمون، لتكون العملية التعليمية ثمارها تنمية الإنسان والمجتمع، واستعادة قيمنا الدفينة التي تحملها الهوية المصرية الأصيلة.