هل تنجح أفريقيا في علاج فجوة الإنفاق على البحث العلمي

الإثنين، 11 يوليو 2016 01:25 م
هل تنجح أفريقيا في علاج فجوة الإنفاق على البحث العلمي
هبه حسن ابو القاسم

هناك حلم يراود القارة السوداء بأن "إفريقيا ستعتمد بصورة جوهرية في تنميتها على العلم، والتكنولوجيا، والابتكار" ذلك الحلم ورد في أدبيات أجندة "الاتحاد الأفريقي" لعام 2063، وتضمنت تلك الرؤية التأكيد أن اقتصادات القارة تقودها الابتكارات وتعززها وسائل المعرفة، غير أن دراسة أخيرة أعدها الباحث كيفين مارش من جامعة أوكسفورد، شددت على أن القارة بحاجة إلى المزيد والمزيد من الجهود الجبارة لخلق مثل هذه النوعية من الاقتصادات.

واستهلت الدراسة باستعراض أهم المميزات التي تتمتع بها القارة الأفريقية، مشيرة إلى أنها تضم نحو 15 في المائة من التعداد السكاني للعالم، وتشكل نحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عالميا، غير أنها لا تشكل سوى3ر1 في المائة من إجمالي الاستثمارات العالمية على البحوث والتنمية، كما أنها لا تسهم إلا بـ1ر0 في المائة من براءات الاختراع على المستوى العالمي، وهي الأمور التي تقودنا إلى طرح تساؤلات بشأن مدى كفاءة الاستثمارات على البحوث والتنمية القائمة وسبل استخدامها في أرجاء القارة.

ورغم الصورة الغائمة التي تحملها مستويات الإسهام الأفريقية في استثمارات البحوث والتنمية وبراءات الاختراع والابتكارات، فإن الباحث مال إلى الحديث عن جوانب إيجابية بأنباء جيدة تمثلت في وجود "أرضية تفاؤل"، غير أنه استدرك قائلا إن مشاعر التفاؤل ستنمو مستقبلًا إذا تمكنت الحكومات الأفريقية- إلى جانب القطاع الخاص الأفريقي- من زيادة استثماراتها العلمية خلال السنوات المقبلة.

وقد نمت الاستثمارات على البحوث والتنمية بصورة لافتة للأنظار خلال الفترة من 2007 إلى 2013 بنسبة 54 في المائة، على الرغم من ضعف مستوياتها عند انطلاق خطة العمل.
وقد تعرضت خطة العمل لانتقادات عدة أهمها تمثل في عدم ارتباطها بصورة كافية بالمبادرات التي أطلقت عبر القارة، بيد أنها حققت بعض النجاحات على أرض الواقع، فخلال الفترة من 2007 إلى 2013 قفزت مستويات النشر العلمي في القارة الأفريقية بنسبة 60 في المائة، مقارنة بالنمو في أوروبا الذي سجل خلال الفترة نفسها مجرد 14 في المائة.

وأعقب خطة العمل، إصدار الاتحاد الأفريقي "استراتيجية أفريقيا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار" في عام 2014، وهي خطة مدتها 10 سنوات تمتد إلى 2024، وجرى استعراضها وتداولها على نطاق واسع على مستوي الحكومات الوطنية في القارة.
كما أن هناك دافعا آخر يدعو إلى التفاؤل بالنسبة لمستقبل العلوم في القارة وهو ما يتجسد في حزمة المبادرات الجديدة لدعم تنمية ثقافة البحوث في القارة الأفريقية. فعلى سبيل المثال، فقد دخل البنك الدولي في العديد من الشراكات مع حكومات وطنية لإقامة مراكز إبداع في أرجاء القارة في العديد من المقرات، وانخرط البنك الدولي كذلك في مبادرة لتدريب 10 آلاف من الخريجين الجدد الحاصلين على درجة الدكتوراه في العلوم التطبيقية والهندسة والتكنولوجيا.
وفي عام 2015، أطلقت أكاديمية العلوم الأفريقية بالتعاون مع برنامج الشراكة من أجل تنمية أفريقيا ####NEPAD #### ومجموعة من الشركاء الدوليين، "تحالف تسريع الإبداع في العلوم في أفريقيا"، وهي منصة جديدة لتطوير وتمويل المبادرات العلمية عبر بلدان القارة، وقد حظي التحالف بترحيب ملحوظ من جانب رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي.

لا شك أن هناك تطورات إيجابية على صعيد البحوث والعلوم والابتكارات، لكن من المهم، حسبما تقول دراسة جامعة أوكسفورد، رصد واقع الاحتياجات الحقيقية للقارة، وهو الأمر الذي يتطلب مليارات- وليس ملايين- من الدولارات للاستثمار في مجالات العلوم والابتكارات، وترى الدراسة أن أفريقيا، علاوة على ذلك، إذا أرادت القارة الوصول إلى المتوسط العالمي في عدد الباحثين إلى تعداد السكان، فإنها سيكون لزاما عليها الإسراع في تدريب مليون خريج جديد من الحاصلين على درجة الدكتوراه.

كما يتعين عليها الاستثمار في البنية التحتية وتنمية المهارات في الجامعات والمنظمات البحثية، وللوصول إلى ذلك يجب عليها ضخ استثمارات أخرى تصل إلى ملياري دولار على البحوث والتنمية كل عام.

وقامت بعض الدولة بخطوات بناءة في ذلك المضمار، ففي عام 2013 تمكنت كينيا من الوفاء بتعهداتها لإنفاق 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على مجالات البحوث والتنمية والعلوم المستحدثة والتكنولوجيا والابتكارات، كما تعهد قادة دول موريشيوس ورواندا والسنغال بقوة إلى تبني المعايير علمية في صياغة الخطط المستقبلية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق